في إشارة جديدة لتوجهه نحو تحجيم نفوذ إيران وحلفائها في العراق، حدد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أمس أولوياته، متعهدا بصون السيادة الوطنية، وتعزيز القانون وحصر السلاح بيد الدولة، ومنع الدول الأخرى من تحويل أرضه إلى ساحة للصراعات أو منطلقا لتوجيه هجمات ضد دولة ثالثة.

وفي كلمة لمجلس الأمن ألقاها نيابة عنه مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة محمد بحر، اعتبر الكاظمي أن موجة التظاهرات تعبير عن حالة السخط الجماهيري بسبب نقص الثقة بالمؤسسات العامة، والإخفاقات في مواجهة التحديات، مؤكدا أن حكومته ستواجه الأزمات، وستعمل جاهدة لوضع الحلول المناسبة، وستعمل على إطلاق ورعاية حوار وطني شامل لتحقيق المطالب.

Ad

وإذ شدد الكاظمي على أن العراق يسعى إلى تعزيز التعاون مع دول الجوار والمجتمع الدولي، أوضح في كلمته أن من "أهم أولويات الحكومة إطلاق الرواتب بلا تأخير، وتعويض ذوي الشهداء والجرحى، وتشكيل لجنة خبراء لدعم المفوضية المستقلة العليا للانتخابات في جهودها لتنظيم انتخابات مبكرة، وتشكيل لجنة خاصة للتهيئة للمفاوضات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة".

ومع تلقيه دعم المؤسسة العسكرية ومجلس القضاء الأعلى، دعا الكاظمي مجلس الأمن، الذي استمع إلى إحاطة ممثل الأمم المتحدة ورئيس بعثة مساعدة العراق (يونامي) جينين بلاسخارت، لدعم جهود الحكومة في مكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات، ولاسيما جائحة كورونا.

وفي وقت سابق، فاجأ الكاظمي، الذي يسعى إلى انتزاع صلاحياته الدستورية كاملة، قادة الجيش بزيارة لمقر وزارة الدفاع أمس الأول، وأمرهم بالابتعاد عن التسييس والمصالح الفئوية.

وفي إشارة مباشرة للميليشيات الموالية لإيران، المتهمة باستهداف المتظاهرين والمصالح الأميركية، وجه الكاظمي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قوات الأمن بمنع استخدام السلاح خارج سلطة الدولة.

وجدد الكاظمي، في حضور وزير الدفاع الفريق الركن جمعة الجبوري وقادة التشكيلات والضباط والآمرين، تأكيد التزام المؤسسة العسكرية بمهامها الوطنية والمهنية، وفرض هيبتها واحترامها والدفاع عن سيادة العراق وأمنه واستقراره.

وأكد أن المؤسسة العسكرية لجميع العراقيين، وتحرص على أداء واجبها في حماية الشعب ونظامه الديمقراطي، مشددا على "الاستمرار في محاربة داعش والتصدي لأي اعتداء إرهابي ومنع استخدام السلاح خارج الدولة".

ولدى مباشرته مهامه، أرجع رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الجديد الفريق الركن أول عبدالوهاب الساعدي الفضل في عودته "للمتظاهرين بالساحات وللكاظمي"، مؤكدا أن العراق "يمر بمرحلة أمنية واقتصادية حرجة تستدعي وضع حلول سريعة".

وتعهد الساعدي، الذي أقاله رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بضغط من قيادات "الحشد الشعبي" وزعماء الميليشيات الموالية لإيران، بملاحقة تنظيم داعش في محافظة صلاح الدين وغربي كركوك والموصل، بالتعاون مع قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

وأشار إلى خطط معدة للقضاء على تلك التنظيمات وفق جداول زمنية وضعت لطردها والقضاء عليها بشكل كامل، بمشاركة قوات جهاز مكافحة الإرهاب، مبينا أن "مستوى التعاون مع التحالف الدولي سيكون مشابها لما كان عليه في الحرب ضد داعش، ويشمل تبادل المعلومات والاستطلاع وتقديم الإسناد الجوي وتفاصيل فنية أخرى متبعة في كل المعارك التي خاضها جهاز مكافحة الإرهاب".

وبينما أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان دعمه للكاظمي في مكافحة الفساد الإداري والإرهاب والجريمة المنظمة، شدد "تحالف الفتح"، بزعامة زعيم منظمة "بدر" هادي العامري، على أن الكتل السياسية مازالت متمسكة بقرار إخراج القوات الأجنبية من العراق.

وقال النائب عن التحالف عامر الفايز إن "قرار مجلس النواب إخراج القوات الأجنبية لن يحتاج إلى التصويت عليه مجددا، فهو قرار تم التصويت عليه وإصداره، والكاظمي ملزم بتنفيذه، بناء على تعهده في منهاجه الوزاري بجدولة إخراج القوات الأجنبية، وعليه تنفيذ تعهده".

وأوضح الفايز أن الأميركيين "صرحوا بنيتهم الانسحاب أكثر من مرة، وتصريحاتهم متناقضة، فمرة يقولون إنهم سيبقون لأغراض تدريبية، ومرة سيبقون في قواعد"، مردفا: "انحسر وجودهم الآن في قاعدتين، وانسحبوا من كل القواعد تقريبا".

ومن المتوقع أن تكون للحكومة العراقية جولة محادثات مع ممثلي الإدارة الأميركية في بداية يونيو المقبل، ستتركز على مسألة استمرار وجود القوات الأميركية في العراق، بعد أن صادق البرلمان على المطالبة بانسحابها، وسيبحث الطرفان أيضا تجديد التدريب السياسي للجيش بعد أن جمد في أعقاب وباء كورونا، والمساعدة المدنية التي يطلبها العراق من مؤسسات تمويل دولية.