ألقى بظله ثقيلا على الحكومات، تحذير منظمة الصحة العالمية من أن فيروس كورونا قد يصبح متوطنا مثل فيروس «إتش آي في»، المسبب لمرض الإيدز، محذرة من أي محاولة للتنبؤ بالوقت الذي سيستمر فيه انتشاره، ودعت إلى بذل «جهود هائلة» لمكافحته.

وفي وقت تتسارع عمليات تخفيف القيود التي فرضها تفشي الفيروس، والتي باتت ضرورية لإنقاذ الاقتصاد، للحؤول دون انهيارات سياسية واجتماعية كبيرة، تتزايد التقديرات الطبية المتشائمة حول المسار الذي سيتخذه الوباء، مع استمرار التحذير من موجة إصابات ثانية، وجعل الأمر واضحا أن العالم لا يزال بعيدا جدا عن الخروج من الجائحة.

Ad

وتناضل الحكومات في أنحاء العالم بخصوص كيفية إعادة فتح اقتصاداتها مع استمرار احتواء الفيروس الذي أصاب ما يقرب من 4.3 ملايين شخص، وتسبب في وفاة أكثر من 291 ألفا.

لكن خبراء الصحة العامة يقولون إن هناك حاجة لتوخي الحذر الشديد لتجنب حدوث عمليات تفش جديدة.

ويهدد هذا الموقف المتحفظ من منظمة الصحة، ومعها ملايين الخبراء والأطباء والعلماء، باضطراب سياسي لا حدود له، وقد بدأت نماذج منه تطفو على السطح، ويتسبب ذلك في ضغوط متزايدة على الحكومات التي لا تملك إجابات يقينية يمكن بناء استراتيجيات ثابتة عليها، وعلى الحكومات أن تمارس مرونة قصوى تعرضها في معظم الاحيان لمخاطر.

أميركا

في هذا السياق، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه على خلاف مع كبير خبراء الأوبئة الأميركي أنتوني فوتشي، الذي يستشيره يوميا حول أزمة فيروس كورونا، بشأن إعادة فتح المدارس، متهما إياه بـ«اللعب على الحبلين».

وحذر فوتشي، أمام مجلس الشيوخ، الثلاثاء، خلال جلسة استماع عبر دائرة الفيديو، من العواقب الوخيمة المحتملة إذا رفعت البلاد بسرعة القيود المفروضة لاحتواء تفشي الفيروس، وأوضح في هذه المناسبة أن اللقاح لن يكون متوفرا في تاريخ استئناف الدراسة، ونصح الولايات الراغبة في رفع تدابير الاحتواء باتخاذ الحيطة.

وقال ترامب، للصحافيين في البيت الأبيض، أمس الأول، «فوجئت بجوابه»، موضحا أنه «بالنسبة لي، هذه ليست إجابة مقبولة وخاصة فيما يتعلق بالمدارس»، متهما فوتشي بـ«اللعب على الحبلين»، وهو تعليق يشير إلى امتعاضه الكبير من أكبر خبير في الأمراض المعدية بالبلاد.

وأضاف: «سنعيد فتح بلادنا، والناس يريدون إعادة فتحها، وسيتم فتح المدارس». وفي اجتماع لاحق مع حكام الولايات بالبيت الأبيض، ذكر: «أعتقد أنه يجب عليهم فتح المدارس»، معتبرا أن الفيروس كان له تأثير ضئيل جدا على الشباب.

وأشار إلى أن قرار فتح المدارس متروك لحكام الولايات. ويواصل ترامب دعم فوتشي حتى الآن رغم بعض الخلافات في الماضي، لكن فوتشي استبعد تدريجيا من الواجهة، مع تأكيد ترامب ضرورة تحريك عجلة الاقتصاد.

وقال ترامب، في فقرات من مقابلة بثت على شبكة «فوكس بيزنس»، أمس، «أنتوني رجل جيد، حقا جيد. كنت على خلاف معه»، مضيفا: «أعتقد أن علينا إعادة فتح مدارسنا. اختلف معه بشدة حول المدارس».

ونفى فوتشي أي «صدام» لدى سؤاله الثلاثاء عن خطابه الذي لا يتوافق مع رؤية الرئيس الجمهوري، وقال أمام أعضاء مجلس الشيوخ: «أقدم النصيحة، والرئيس يستمع إليها ويحترمها ويحصل على معلومات من أشخاص مختلفين»، متابعا: «في الشهر الأخير لم تكن هناك علاقات تشوبها خلافات بيننا».

في موازاة ذلك أعلنت جامعة جونز هوبكنز الأميركية، أمس، تسجيل 16 ألف إصابة، و1300 وفاة جديدة، ليصل عدد المصابين فيه إلى 1385639 شخصا، في حين بلغ إجمالي الوفيات 83648.

الصين

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي إن أمله خاب كثيرا في الصين، بعد انتشار الفيروس، بعد مرور وقت قصير من اتفاق البلدين على المرحلة الأولى من اتفاق تجاري.

وأضاف ترامب، في مقابلة مع شبكة «فوكس بيزنس»، أمس، «خاب أملي كثيرا في الصين»، وأعلن في وقت سابق أنه سيدرس مشروع قرار تقدم به السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، لفرض عقوبات على الصين، على خلفية أزمة تفشي الفيروس.

وقدم غراهام مشروع قانون عقوبات ضد الصين، يدعو فيه ترامب إلى فرض عقوبات على الصين إذا لم تقدم بكين تقريرا كاملا عن أسباب التفشي.

وأمس الأول، اتهم مكتب التحقيقات الفدرالي FBI قراصنة معلوماتيين وباحثين وطلاب على ارتباط بالصين بسرقة معلومات للتوصل إلى لقاح ضد الفيروس، من معاهد جامعية ومختبرات عامة في الولايات المتحدة.

الا أن الصين رفضت الاتهامات الأميركية لها بمحاولة قرصنة الأبحاث الجارية في الولايات المتحدة، معتبرة أنها تهدف الى «التشهير بها».

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليغيان، أمس، إن «بكين تعارض افتراءات الولايات المتحدة، وينبغي إدانة أي تصرفات من خلال الإنترنت تهدف إلى تقويض جهود مكافحة المرض».

من ناحيتها، نقلت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الرسمية عن مصادر، أن بكين قد تفرض عقوبات ضد أفراد ومؤسسات أميركية بسبب موقف واشنطن من جائحة «كورونا»، مضيفة أن «بكين غير راضية عن الموقف الأميركي، لذلك من الممكن أن تفرض عقوبات على الولايات المتحدة كرد على هذه الاتهامات».

ناقوس الخطر

إلى ذلك، دق ريك برايت، المسؤول الذي أُزيح من رئاسة مؤسسة صحية مهمة، ناقوس الخطر، أمس، خلال ادلائه بشهادته أمام الكونغرس، أمس، وحذر من إمكان أن تواجه الولايات المتحدة هذا العام «الشتاء الأكثر قتامة» منذ عقود في حال فشلت في نشر أدوات مواجهة منسقة للوباء.

وقال برايت إن «فرصنا تضيق، وإذا فشلنا في تطوير استجابة وطنية منسقة تعتمد على العلم، أخشى أن يتفاقم الوباء ويطول وجوده ويتسبب في أمراض ووفيات غير مسبوقة»، متابعا: «من دون تخطيط وتنفيذ واضحين للخطوات التي قمنا بتحديدها أنا وخبراء آخرون، سيشهد عام 2020 الشتاء الأشد قتامة في التاريخ الحديث».