كان موضوع المقال السابق الملك الحميري سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، الذي تقلد الحكم من بعده ابنه حِميَر، الذي بنى بابليون التي هي مصر اليوم. تقول القصيدة النشوانية:أو حِميرٍ وأخوه كهلان الذي أودى بحادثِ دهره ِالمجتاحِ
وملوك حميرَ ألف مَلكٍ أصبحوا في الترب رهن ضرائح وصفاحِآثارهم في الارض تخبرنا بهم والكُتْبُ مِن سِيَرٍ تُقص صِحاحِأنسابهم فيها تُنير وذِكْرهم في الطيب مثلُ العنبر النفّاحِملكوا المشارق والمغارب واحتووا ما بين أنقِرةٍ ونجد الجاحمَلَكت ثمود وعادا الأخرى معا منهم كرامٌ لم تكن بِشِحاحِوتقول إحدى الروايات أن حِمير استمر في الحكم ما يزيد على خمسمئة عام وعندما أوشك يموت جمع بنيه وعددهم اثنا عشر رجلا ومعهم كبار قومه وقبيلته، ووصاهم أن يطيعوا ابنه الهميسع من بعده ليكون ملكهم قائلا لهم: "لا تعصوا الهميسع فإنه خليفتي بعد الله عليكم وأميني فيما بينكم، وإنه لسيفي وأنتم لحد هذا السيف. وإنه لرمحكم وإنكم سنان ذلك الرمح، وما السيف لولا حده؟".وإلى حمير تنسب الأبيات التالية التي قالها عند إعلانه وصيته:هَمَيْسِعُ لا تجهل مع الناس سيرتي فَسِر لي بها في الناس بعدي هميسعُبُنَيَّ بهم أوصيك خيراً فإنهم تَضُر بهم مَن شِئت يوما وتنفعُوعمك وابن العم دونك بعده مَرَدٌّ لمن يردى صَفاك ومِدفعُهُمُ لك كهفٌ بل همُ لك موئلٌ وهم لك من دون البرية مَفزعُإلى أن يقول:هميسع إن الناس وُحشٌ وإنهم إلى الرفقِ من رَد القواربِ أسرعُهميسع دارِ الناس تُعطَ قِيادهم فحظك منهم أن يطيعوا ويسمعواهميسع جِدْ بالخير تُعطَ بمثله فكل امرئ يُجزى بما هو يَصنعُوكان كهلان أخو حمير عضيده وساعده الأيمن المخلص وقائد قواته التي ملكت الحجاز واليمامة ونجد والطائف وولى عليها هَيْ بن بَيْ بن جرهم (الثاني) كما ولى عمرو بن جحدر على أجزاء أخرى من جزيرة العرب. وبعد وفاة حمير تولى الحكم ابنه الهميسع ووقف الى جنبه عمه كهلان في أواخر عمره ومن بعده ابنه زيد. وفي مقالنا المقبل سنتحدث بعون الله تعالى عن الهميسع بن حمير، ونستعرض ما ذكره نشوان الحميري في قصيدته عنه.
رسومات قديمة تعود إلى مملكة حمير