أعلنت منظمة الصحة العالمية في يناير 2020، للمرة الأولى، تفشي فيروس كورونا كحالة صحية طارئة تشكل قلقاً عالمياً، وأعلنت رسمياً في 11 مارس تصنيفها للمرض على انه جائحة (أعلى مستويات الحالات الصحية الطارئة). وفي أوائل مارس، انتقلت نقطة تفشي الوباء من الصين إلى أوروبا، وبحلول أبريل تمركز الفيروس في الولايات المتحدة. وقد نتج عن ذلك قيام معظم الدول بإغلاق حدودها، وصدرت أوامر للشركات لتعطيل أعمالها، وتم إغلاق المدارس، وفرض تدابير مشددة للتباعد الاجتماعي، وعلى خلفية تلك التدابير الصارمة، تلقى النشاط الاقتصادي العالمي ضربة قاسية. ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المئة في 2020، فيما يعد أسوأ بكثير من مستويات التراجع الناتجة عن الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 - 2009. كما قد تتراجع التجارة العالمية أيضاً بنسبة 13 في المئة - 32 في المئة، وفقاً لعمق ونطاق الانتكاسة. وترتفع إمكانية التعرض لمخاطر تداعيات أكثر شدة، نظراً للتدابير الوقائية المشددة التي تم فرضها للحد من تفشي الفيروس وحماية الأرواح، والتي يزعم الكثيرون أنها ستؤدي إلى عواقب وخيمة على الواقع الصحي والاقتصادي على المدى الطويل.

ووفق تقرير للبنك الوطني، سيكون للأزمة تأثير سلبي بصفة خاصة على اقتصادات الدول النامية التي يعوقها عدم توفر الموارد المالية، حيث يمكن أن تثقل هذا الأزمة كاهل الأنظمة الصحية بوتيرة سريعة.

Ad

وحتى تاريخ اعداد هذا التقرير، بلغ عدد حالات الإصابة بالفيروس نحو 4.5 ملايين حالة على مستوى العالم، من ضمنها أكثر من 1.4 مليون إصابة في الولايات المتحدة.

أميركا

وضع الوباء نهاية لأطول فترة من التوسع الاقتصادي شهدتها الولايات المتحدة في تاريخها. فعلى مدى خمسة أسابيع امتدت من منتص مارس إلى أواخر أبريل 2020، فقد أكثر من 20 مليون أميركي وظائفهم، وارتفعت معدلات البطالة إلى 14.7 في المئة. وتقلص الناتج المحلي الإجمالي ليشهد أشد انتكاسة منذ الكساد الكبير، حيث تقلص بنسبة 4.8 في المئة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2020. وتدخل الاحتياطي الفدرالي من خلال اتخاذ تدابير غير مسبوقة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي.

وفي 15 مارس، خفض الاحتياطي الفدرالي سعر الفائدة إلى 0.25 في المئة، معلنا أنه «يتوقع الحفاظ على هذا النطاق المستهد حتى يصبح واثقا من أن الاقتصاد قد تجاوز الأحداث الأخيرة، ويسير على الطريق الصحيح لتحقيق الحد الأقصى من أهداف التوظيف واستقرار الأسعار».

كما أعلن خفض نسب متطلبات الاحتياطي إلى الصفر للمرة الأولى في التاريخ. ثم في 23 مارس، أعلن الاحتياطي الفدرالي أنه سيزيد مشترياته من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تتجاوز قيمة الميزانية العمومية للاحتياطي الفدرالي ذروتها بعد الأزمة المالية العالمية البالغة 4.5 تريليونات دولار. وفي 29 أبريل 2020، حاول رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، جاي باول، أن يبعث الطمأنينة، مؤكداً أن الاحتياطي الفدرالي سيستخدم «مجموعة كاملة من الأدوات» لدعم النشاط الاقتصادي.

من جهة أخرى، أصدرت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح بيانا يشير إلى أن «أزمة الصحة العامة الراهنة ستؤثر بشدة على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم على المدى القريب، كما أنها تشكل مخاطر كبيرة على التوقعات الاقتصادية على المدى المتوسط».

وانعكاساً لمخاوف المستثمرين وحالة عدم اليقين السائدة، فقد مؤشر «داو جونز» الصناعي أكثر من 37 في المئة من قيمته متراجعاً إلى مستوى 18.213 نقطة في 23 مارس. كما تعرض مؤشر ستاندرد اند بورز 500 لخسائر مماثلة، حيث فقد أكثر من 35 في المئة من قيمته متراجعاً إلى مستوى 2.191 نقطة بنفس اليوم. وفي ذات الوقت، تزايد الطلب على سندات الخزانة بما دفع بعائدات سندات الخزانة لأجل عشر سنوات إلى مستوى أدنى من 1 في المئة للمرة الأولى على الإطلاق. ويبلغ عائد سندات الخزانة لأجل عشر سنوات حاليا 0.6056 في المئة، بينما يظل مستوى عائدات السندات لأجل عامين قريبا من الصفر عند مستوى 0.1431 في المئة. وأظهرت العملة الأميركية مرونتها الشديدة وسط الأزمة، حيث ارتفعت في الربع الأول من عام 2020 نتيجة لجاذبيتها كملاذ آمن. وارتفع مؤشر الدولار الأميركي إلى مستوى 102.922 في مارس، وظل قريبا من مستوى 100 نقطة منذ ذلك الحين.