یومٌ مضيء في حیاة البشریة!
![د.نجم عبدالكريم](https://www.aljarida.com/uploads/authors/23_1682354851.jpg)
*** • عندما وصل موكب عمدة لندن أول شارع "أولد جیت" كان یصحبه في العربة رجلٌ في الأربعین تظهر على محیاه ملامح السعادة الغامرة، وكان یحمل عصا طویلة، وعند قمتها قطعة من القطن، وكان یرد على تحیات الجماهیر التي كانت تردد: عاش (توماس كافندش)، الذي كانت الصحف قد كتبت عنه أنه أمضى أكثر من عشرین عاماً للوصول إلى استخراج غاز الاستصباح، وتحدثت الصحف كذلك عن تجربته الجدیدة بدلاً من الزیت والشموع.***• في احتفال حشدت له بلدیة لندن إمكانیاتها الكبیرة لیكون تاریخیاً، أشعل توماس كافندش بالعصا التي في یده أول ستة مصابیح في العالم تعمل بغاز الاستصباح، أو ما یسمى علمیاً بغاز الهیدروجین، قال في كلمته المقتضبة بعد أن أتم إشعال الإضاءة بنجاح: لقد مضى عهد الشموع والزیوت إلى غیر رجعة، ولقد بدأ الیوم عهدٌ جدید إذ ستُنار الشوارع بنور مشرق.• وأخذ توماس كافندش یتقبل التهاني من كبار الضیوف وأعیان لندن، وهز مندوب الملكة یده في حرارة، وكانت زوجته الشابة تصحبه، وهي في كامل أناقتها، وتشاهد وهي في غایة السعادة الفتیات، وهنَّ یقمن بتقبیل زوجها تعبیراً عن الفرح بهذا الحدث الكبیر. ***• ولم تكن نهایة توماس كافندش مثلما كان یتوقع، فهو بعد أن وضع كل ما یمتلك لتحقیق هذا الإنجاز العالمي، وقدّم للبشریة أرخص وأنظف وسیلة للإضاءة والتدفئة لم ینل التقدیر الذي كان یظن أنه یستحقه بعد أن لاحقته تهمٌ هو یؤكد براءته منها. وكانت آخر كلماته قبیل موته : أنرت للبشریة الطریق وأمضیت حیاتي في ظلامٍ دامس.