ارتفعت أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي، أمس، وسط مؤشرات على أن المنتجين يخفضون الإنتاج كما وعدوا، وعلى تحسن الطلب، مع قيام مزيد من الدول بتخفيف القيود المفروضة للتصدي لجائحة فيروس كورونا.

وكان خام برنت مرتفعاً 25 سنتاً بما يعادل 0.7 في المئة إلى 35.06 دولاراً للبرميل، بعد أن لامس في وقت سابق أعلى مستوياته منذ التاسع من أبريل الماضي.

Ad

وزاد الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 43 سنتاً أو 1.4 في المئة مسجلاً 32.25 دولاراً للبرميل، كان السعر ارتفع إلى 33.44 دولاراً في وقت سابق من الجلسة، ليبلغ ذروته منذ 16 مارس الماضي.

وحلّ أجل عقد يونيو لخام غرب تكساس أمس، لكن ما من مؤشر يذكر على تكرار التراجع غير المسبوق لما دون الصفر الذي حدث قبل شهر عشية حلول أجل عقد مايو الجاري وسط بوادر على تحسن الطلب على الخام والوقود.

من جانبه، ارتفع سعر برميل النفط الكويتي 82 سنتاً ليبلغ 26.58 دولاراً في تداولات أمس الأول مقابل 25.76 دولاراً في تداولات يوم الجمعة الماضي وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول الكويتية.

وحظي السوق في وقت سابق بدعم مؤشرات على تطبيق تخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وآخرون من بينهم روسيا، فيما يعرف بتحالف "أوبك+".

وخفضت "أوبك+" صادراتها النفطية بشدة في النصف الأول من مايو الجاري، وفقاً لشركات ترصد الشحنات، مما ينبئ ببداية قوية للامتثال لاتفاق خفض الإنتاج الجديد.

وقال هيرويوكي كيكوكاوا المدير العام للأبحاث للأوراق المالية في أبريل الماضي، إن "معنويات المستثمرين تحسنت، إذ يبدو أن "أوبك+" تقلص الإنتاج كما وعدوا هذا الشهر، مع مزيد من التخفيضات الطوعية المتوقعة في يونيو المقبل".

وأضاف كيكوكاوا أنه "في الوقت نفسه، ثمة تفاؤل متزايد بأن تخفيف الإغلاقات الشاملة العالمية (بسبب فيروس كورونا) سيساعد في تعزيز النشاط الاقتصادي ويغذي الطلب".

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في تقرير شهري أمس الأول، إن انتاج النفط من التشكيلات الصخرية السبعة الرئيسية في الولايات المتحدة من المتوقع أن يسجل هبوطاً قياسياً بمقدار 197 ألف برميل يومياً في يونيو إلى 7.822 ملايين برميل يومياً.

ووفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة، فإن الإنتاج من التشكيلات الصخرية سيكون الأدنى منذ أغسطس 2018.

ويشير صعود عقود الخام الأميركي تسليم يونيو، التي انقضى تداولها في جلسة أمس، إلى أن الهبوط التاريخي الذي شهدته الشهر الماضي والذي دفع الأسعار إلى -40 دولاراً للبرميل لن يتكرر.

وعن الأسواق النفطية والتوقعات المستقبلية لأسعار الخام والطلب عليه أفاد الخبير والاستشاري النفطي د. عبد السميع بهبهاني إلى أن هناك مؤشرات واضحة أدت إلى قفزة في أسعار النفط ووصول خام برنت إلى سعر 35 دولاراً للبرميل، إضافة إلى وصول خام تكساس إلى سعر 33 دولاراً للبرميل.

وأوضح بهبهاني أن ذلك الارتفاع يدلل على أن هناك زيادة في الطلب مقابل الاستجابة السريعة باتفاق خفض الإنتاج الذي بدأت تظهر نتائجه الإيجابية، والتي تصب في مصلحة زيادة أسعار النفط.

2300 بئر

وذكر أن هناك نحو 2300 بئر نفطية صخرية في الولايات المتحدة تم إغلاق نحو 2000 بئر منها، ما يعني أن هناك انخفاضاً في إنتاج النفط الأميركي بنحو مليوني برميل نفط يومياً والذي كان متوقعاً بعد شهر يونيو لكن النتيجة كانت أسرع مما توقع البعض، و"يسوقنا ذلك إلى أن هناك خفضاً سريعاً في النفط الصخري، الذي كان متوقعاً أن ينخفض بنحو ثلاثة ملايين برميل يومياً مع نهاية العام الحالي.

وذكر أن مؤشر التعافي في الأسعار ضيّق الفارق الحالي في الأسعار بين برنت وتكساس، الذي يقدر بنحو دولارين فقط لمصلحة "برنت".

فتح تدريجي

وبين أن الفتح التدريجي الذي أقرته الولايات المتحدة للاقتصاد الأميركي بدأ ينعكس أيضاً على حركة الطيران وناقلات النفط وكذلك الطلب الأميركي على النفط الثقيل كلها عوامل تشير إلى الطلب على الخام ستزداد وتيرته في الربع الثالث من العام الحالي بشكل مطرد.

من ناحيته، رأى الخبير النفطي محمد الشطي أن السوق النفطي تجاوز مرحلة انهيار الأسعار إلى مرحلة تعافيها إذ تدور أسعار نفط خام الإشارة برنت حول 33 دولاراً للبرميل، مضيفاً أن المرحلة الحالية على الأغلب تشهد ضغوطاً على الأسعار وتذبذباً في مستويات الأسعار ربما تستمر حتى شهر يوليو أو أغسطس المقبلين، لافتاً إلى أنه بعدها تبدأ مرحلة جديدة للأسعار يكون فيها مسار التعافي أكثر وضوحاً وثباتاً لكن يكون اتجاه الأسعار نحو 40 دولاراً للبرميل أو 45 دولاراً للبرميل مع نهاية 2020.

صناعة النفط

وأضاف الشطي أن هذا يعكس تبدلاً في الأجواء باتجاه التفاؤل الحذر إذ أكدت على ذلك توقعات صناعة النفط التي صدرت عن سكرتارية "أوبك" وإدارة معلومات الطاقة الدولية التي أكدت على جهود الانفتاح الاقتصادي وعودة الحياة إلى طبيعتها وعلى تقلّص في المعروض، مما يعني فعلياً بدء جهود توازن السوق وفي المحصلة يعني سحوبات من المخزون النفطي، الذي هو ضابط ميزان الطلب والعرض في السوق.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار النفط جاء بدعم من تخفيضات الإنتاج وعلامات على انتعاش تدريجي في الطلب وسط تخفيف قيود جائحة كورونا.

وأفاد الشطي بأن هناك مؤشرات لتحسن الطلب في الصين وأماكن أخرى، وهي مؤشرات إيجابية، وأن الطريق أصبح ممهداً لتقلص تراجع الطلب على النفط.

مكمن الحذر

ولفت إلى أن الحذر يكمن في أمرين الأول حركة الملاحة الجوية التي ستأخذ وقتاً أطول للعودة إلى ما كانت عليه واسترجاع ثقة الناس في النقل وإجراءات السفر، والآخر أن نسبة البطالة في العالم ارتفعت في مناحي العالم، مما يؤثر على معدلات الاستهلاك على العموم.

وبين أن إعلان الصين زيادة معدلات استهلاك المصافي يعني ارتفاع الطلب على النفط وارتفاع الواردات لتشغيل المصافي التي تصب في النهاية في استهلاك كل أنواع المنتجات للتصنيع وللمستهلك، ومن المعروف أن الصين تمثل أكبر نسبة في الطلب العالمي على النفط للسنوات السابقة، موضحاً أن السوق سجل توجه عدد كبير من الناقلات إلى الصين مما يؤكد ارتفاع الواردات والإيفاء برفع معدل تشغيل المصافي هناك.

مخزون عائم

وتابع الشطي أن المخزون العائم بدأ يشهد انخفاضاً، في مؤشر إيجابي يعني تناقصاً في الفائض بالسوق وبانتظار سحوبات من المخزون الأميركي.

وأكد أن توقعات الصناعة تشير إلى تعافٍ كبير يشهده السوق النفطي والاقتصاد العالمي، وهو رهن استمرار اتفاق "أوبك+"

والذي يقيد المعروض ويسهم في سحوبات من المخزون النفطي باتجاه التوازن خصوصاً أن العالم سيشهد تعافياً من آثار جائحة فيروس كورونا مما يعني انتعاش الطلب على النفط الأمر الذي يصب في دعم أسعار الخام.