في خطوة تصعيدية كانت متوقعة، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنّه أصبح "في حِلّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية"، بما في ذلك اتفاقات التنسيق الأمني، معتبراً أنّ ضمّ أراض من الضفة الغربية يقوّض فرص التوصّل للسلام.

وقال عباس، خلال اجتماع لقيادة منظمة التحرير في مقر الرئاسة بمدينة رام الله بالضفة الغربية: "ما ورد في اتفاق الائتلاف الحكومي الاسرائيلي وخطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكنيست يعني إلغاء اتفاق أوسلو والاتفاقات الموقعة كافة، وعلى سلطة الاحتلال ابتداء من الآن، أن تتحمل جمع المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين المحتلة، وبكل ما يترتب على ذلك من آثار وتبعات وتداعيات، استنادا إلى القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949".

Ad

وحمّل عباس إدارة الرئيس دونالد ترامب المسؤولية الكاملة عن الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، معتبراً أنها "أسست لمخطط الضم وشريك أساسي لإسرائيل في جميع قراراتها وإجراءاتها العدوانية"، مبيناً أن السلطة قررت استكمال التوقيع على طلبات الانضمام للمنظمات والمعاهدات الدولية، وداعياً الدول التي لم تعترف بفلسطين دولة إلى الاعتراف بها.

وإذ أكد الالتزام بحل الصراع على أساس حل الدولتين، والاستعداد للقبول بوجود طرف ثالث وإجراء المفاوضات برعاية دولية متعددة عبر مؤتمر دولي للسلام، طالب عباس دول العالم التي رفضت "صفقة القرن" والسياسات الأميركية والإسرائيلية بألا تكتفي بالرفض والاستنكار، وأن تتخذ مواقف رادعة وتفرض عقوبات جدية لمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها، مشدداً على "مواصلة ملاحقة الاحتلال على جرائمه أمام الهيئات والمحاكم الدولية".

وفي دعم لافت، أكد المرشح الديمقراطي المحتمل لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة جو بايدن أنه لا يدعم أي خطوات إسرائيلية لضم أراض جديدة. وقال خلال فعالية عن بعد ليهود ديمقراطيين: "أنا لا أؤيد الضم، وفي الواقع، سوف أعكس تقويض ترامب لعملية السلام". وتابع: "على إسرائيل أن توقف تهديدات ضم الأراضي والنشاط الاستيطاني، لأنها ستخنق أي أمل في السلام".

لكنه حذر في الوقت نفسه من تصاعد نزعات معاداة السامية.

إيران وتركيا

وفي إيران، التي صادقت على مشروع قانون "مواجهة الإجراءات الإسرائيلية العدائية ضد الأمن الإقليمي والدولي"، اعتبر مستشار رئيس مجلس الشورى للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان أن "المقاومة والصمود العنصر والأسلوب الرادع الأكثر تأثيراً أمام اعتداءات وجرائم الكيان الصهيوني".

وقال عبداللهيان، خلال المؤتمر الدولي الثاني للقدس الشريف: "أقول بصراحة إن إيران إلى جانب دعمها المعنوي لقضية القدس لن تتوانى عن تقديم الدعم الاستشاري العسكري للشعب الفلسطيني"، لافتاً إلى أن "المقاومة الفلسطينية وقفت على قدميها خلال العقد الأخير، وردت على تهديدات الكيان الصهيوني".

وفي تركيا، جدد متحدث الرئاسة إبراهيم قالن استنكاره للتهديدات الإسرائيلة بضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مشدداً على رفض أنقرة لهذه المخططات.

وشدد قالن على أن "الاحتلال والضم كلاهما جريمة. وتركيا ستدعم كافة الخطوات التي سيتم اتخاذها ضد سياسة احتلال وضم الأراضي الفلسطينية"، مطالباً "المجتمع الدولي باتخاذ موقف ضد" إعلان نتنياهو، خلال أدائه اليمين الدستورية أمام الكنيست، بأن الوقت قد حان لضم المستوطنات بالضفة.

من جهة ثانية، طلب نتنياهو، أمس الأول، رسمياً إعفاءً، لكي لا يمثل أمام المحكمة المركزية في شارع صلاح الدين بالقدس الشرقية المحتلة، اعتباراً من الأحد لمحاكمته بتهم الفساد واختلاس أموال وخيانة الثقة، رغم أن وزارة العدل شددت على أن حضوره بات إلزامياً.

ووفق محامي نتنياهو، الذي يعد أول رئيس وزراء في إسرائيل يخضع للمحاكمة وهو لا يزال في السلطة، فإن هذه الجلسة مخصصة لتلاوة نص الاتهام "وتفاصيله معروفة جيداً من موكلنا"، مما يمكن أن يجنبه عدم الحضور شخصياً.

وبعد تأجيل من 17 مارس بسبب المخاوف المرتبطة بانتشار فيروس كورونا المستجد، أكد بيان صادر عن وزارة العدل "أن أحكام القضاء تفرض على نتنياهو المثول لمحاكمته بتهم الفساد الأسبوع المقبل وأنها لا ترى سببا لحرف المحكمة عن قراراتها بشأن حضور المتهمين في افتتاح محاكمتهم"، مشيرة الى "أهمية مظاهر العدالة وثقة الجمهور العامة" للبت في قضية تعود الى شخصية رفيعة المستوى.

وردت وزارة العدل على طلب المحامين، مؤكدة في بيان أن "وجود متهم خلال تلاوة الاتهامات بحقه مهم لإعلان العملية القضائية". وذكرت بان المحكمة سبق أن اعتبرت ان حضور نتنياهو الأحد الزامي.

وفي بيان آخر، أسفت الوزارة لمشاركة محامي نتنياهو "في هجوم شرس على زملائهم، الذين يمثلون الجهة الاتهامية، وحاولوا ان ينسبوا الى النيابة نيات لا تمت بصلة الى القانون".

ولاحقاً، أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، أمس، أن القرار الفلسطيني بالتحلل من الاتفاقيات مع الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية "دخل حيز التنفيذ بشكل فوري"، مشيراً إلى أن إسرائيل "لم تتنكر فقط للمفهوم الأساسي لاتفاق أوسلو، الذي يقوم على أساس قرارات الشرعية الدولية ووضع مفاوضات نهائية لقضايا الحدود واللاجئين والقدس والمستوطنات والمياه والأمن، إنما ألغت الاتفاقية، ولم تلتزم بتعهداتها".