مع تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين، خصوصا بعد تفشي وباء "كوفيد- 19" الذي يتسبب به فيروس كورونا، أخطرت الحكومة الأميركية الكونغرس بصفقة محتملة لبيع طوربيدات متقدمة إلى تايوان مقابل نحو 180 مليون دولار، في خطوة تزيد من توتر العلاقات بين واشنطن وبكين التي تعتبر تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها.والولايات المتحدة، مثل معظم بلدان العالم، لا تربطها علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان، لكنها ملزمة بموجب القانون بتزويد الجزيرة المتمتعة بالديمقراطية بوسائل للدفاع عن نفسها.
وذكرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية، في بيان أمس الأول، أن وزارة الخارجية وافقت على صفقة محتملة لبيع تايوان 18 طوربيدا من طراز "إم كيه-48 مود6" ومعدات مرتبطة بها مقابل 180 مليون دولار تقريبا.وأضافت الوكالة أنها سلمت الأوراق المطلوبة لإخطار الكونغرس بالبيع المحتمل أمس الأول.وقالت الوكالة إن الصفقة المقترحة تخدم المصالح الوطنية والاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة من خلال "دعم جهود تايوان المستمرة لتحديث قواتها المسلحة، والحفاظ على قدرة دفاعية يمكن التعويل عليها".وفي بكين قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان، إن بكين قدمت "احتجاجات شديدة" لواشنطن بشأن الصفقة المزمعة.وأضاف تشاو أن الصين حثت الولايات المتحدة على وقف جميع مبيعات الأسلحة والعلاقات العسكرية مع تايوان، للحيلولة دون إلحاق المزيد من الضرر بالعلاقات الصينية الأميركية.وجاء الإعلان بعد ساعات من أداء رئيسة تايوان تساي إينغ وين اليمين القانونية لولاية ثانية.وقالت تساي إن بلادها لا يمكنها القبول ان تكون جزءا من الصين بموجب صيغة "دولة واحدة ونظامان"، لترفض بذلك مطالب السيادة الصينية رفضا شديدا، وتفتح الباب على الأرجح أمام تدهور العلاقات.وردت الصين بالقول إن "إعادة التوحيد" أمر محتوم، وإنها لن تتهاون أبداً في مسألة استقلال تايوان.وانتقدت بكين تهنئة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لتساي، معتبرة انها تدخل خارجي، وقالت وزارة الدفاع الصينية ان الجيش متأهب للرد على اي تدخل. وكثفت الصين تدريباتها العسكرية قرب تايوان منذ انتخاب تساي لولاية أخرى، وحلقت بطائرات مقاتلة في المجال الجوي للجزيرة وأبحرت بسفن حربية حول تايوان.
هونغ كونغ
إلى ذلك، قال بومبيو إن المعاملة التي لاقاها النشطاء المؤيدون للديمقراطية في هونغ كونغ، في الآونة الأخيرة، تجعل من الصعب تقييم أن المدينة لاتزال تحكم نفسها ذاتيا إلى حد كبير، بعيدا عن الصين، وهو شرط لحصولها على معاملة خاصة بموجب القانون الأميركي.وذكر بومبيو ان التقييم الذي كلف الكونغرس وزارة الخارجية بإعداده، بشأن ما إذا كانت المستعمرة البريطانية السابقة تتمتع بهذا القدر من الحكم الذاتي، لايزال غير محسوم. وأضاف ان النشطاء المؤيدين للديمقراطية "عوملوا بخشونة" هذا الأسبوع بينما كانوا يحاولون وقف ما وصفها بأنها مخالفات إجرائية من جانب المشرعين المؤيدين لبكين.وقال مكتب مفوض وزارة الخارجية الصينية إلى المستعمرة البريطانية، في بيان أمس، إن بومبيو "يبتز" حكومة هونغ كونغ، ويتدخل بشكل سافر في الشؤون الداخلية للصين.وأضاف أن تصرفات بومبيو لا يمكن أن تخيف الشعب الصيني، وأن بكين ستحمي سيادتها وأمنها ومصالحها الخاصة بالتنمية.الرقابة على الشركات
وأمس الأول، أقر مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون من شأنه أن يشدد الرقابة على الشركات الأجنبية المدرجة في البورصات الأميركية، وهو إجراء قد يؤدي في نهاية المطاف إلى شطب بعض الشركات من البورصات، مع التركيز على الصين.وسيجبر التشريع بالفعل الشركات الصينية وغيرها من الشركات الأجنبية على الالتزام بنفس مستوى الشفافية والمساءلة الذي تلتزم به الشركات الأميركية، بما في ذلك ما يتعلق بطرح عمليات مراجعة الحسابات وإعلان ملكيتها من قبل الحكومات الأجنبية.وجاء ذلك، غداة انطلاق الدورة السنوية لمجلس الشعب الصيني، التي يتوقع أن يتمّ خلالها إعلان نهاية وباء كوفيد-19 في البلاد بحضور الرئيس شي جينبينغ.وواجه الرئيس الصيني أسوأ أزمة خلال حكمه الممتد منذ سبعة أعوام، لكن يُتهم نظامه بالتأخر في التعامل مع الفيروس، لكن مع انحسار الوباء على أراضيها، تصوّر بكين نفسها كمنتصر على كوفيد-19، في مقابل الدول الغربية غير المتجهزة التي يواصل الفيروس الانتشار فيها.وبناء على ذلك، سيسمح الاجتماع في قصر الشعب، مقر البرلمان في بكين، بأن يسجّل النظام الصيني نقطة في حربه الأيديولوجية مع الغرب.وترى الباحثة في العلوم السياسية بجامعة تورونتو ديانا فو، أن الجلسة البرلمانية "ستعطي شي جينبينغ الفرصة لإعلان الانتصار الكامل في الحرب الشعبية على الفيروس".وأجبر الوباء بكين على تأجيل الدورة السنوية للبرلمان لأول مرة منذ حقبة ماو، وموعدها التقليدي هو مارس.وعوض أن تدوم أسبوعين كما جرت العادة، ستستمر الجلسة سبعة أيام فقط.يخصّص عادة اليوم الأول للدورة لخطاب رئيس الوزراء لي كيكيانغ، ويرتقب بشكل كبير هذا العام أن يتحدث عن الاقتصاد مع تسجيل البلاد تراجعا في ناتجها المحلي الاجمالي (-6.8 بالمئة)، لأول مرة في تاريخها على مستوى النتائج الفصلية.وقد يستغل لي كيكيانغ المناسبة لإعلان خطة تعافي اقتصادي واسعة. وفي مواجهة الوضع الطارئ، قد يسمح البرلمان، وهو عبارة عن غرفة تسجيل مواقف للحزب الشيوعي، بأن يتم إصدار قرض خاص.ورغم ذلك، لا سبيل إلى إقرار خطة تعاف ضخمة على غرار ما جرى عقب أزمة 2008 المالية (بلغت قيمتها 13 في المئة من اجمالي الناتج المحلي).من جهته، اعتبر الخبير الغربي خلال تصريحه لوكالة فرانس برس أنه "لا أحد ينتظر حقيقة أن تسعى الصين إلى لعب دور القاطرة العالمية على غرار ما حصل حينها".وتقوم شرعية النظام الصيني بشكل كبير على النمو، لذلك يراقب نسبة البطالة باهتمام شديد، وقد وصلت إلى مستويات تاريخية في الأشهر الأخيرة (6.2 بالمئة في فبراير في المناطق المدينية فقط).وأمس الأول، واصل وزير الخارجية الأميركي هجومه على الصين، واصفاً مبلغ ملياري دولار الذي تعهدت بتقديمه لمكافحة الجائحة بأنه "لا يذكر" مقارنة بمئات الآلاف من الأرواح التي أُزهقت وتريليونات الدولارات التي أهدرت.ورفض بومبيو ما ذكره الرئيس الصيني شي جينبينغ بأن بكين تصرفت بشفافية بعد ظهور المرض في ووهان، وقال إنه إذا أراد شي إظهار ذلك فعليه عقد مؤتمر صحافي والسماح للصحافيين بسؤاله عن أي شيء.الهند
من جانب آخر، اتهمت الولايات المتحدة الصين باستخدام اشتباكات حدودية مع الهند، في محاولة لتغيير الوضع الراهن على الأرض، مشجعة نيودلهي على مقاومة «العدوان» الصيني.وقارنت أليس ويلز أرفع دبلوماسية أميركية متخصصة في شؤون جنوب آسيا، بين المناوشات المتزايدة في جبال الهيمالايا وسياسة بكين لإثبات ذاتها منذ سنوات في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.وقالت ويلز لمركز أبحاث المجلس الأطلسي في واشنطن «بالنسبة لأي شخص وأهم أن العدوان الصيني كان مجرد خطاب، أعتقد أنهم بحاجة للتحدث إلى الهند».وتابعت «إذا نظرت إلى بحر الصين الجنوبي، فهناك طريقة للعمليات الصينية، وهو العدوان المستمر، المحاولة المستمرة لتغيير المعايير، لتغيير الوضع الراهن». وقالت ويلز في كلمة بمناسبة تقاعدها من وزارة الخارجية «يجب أن تتم مقاومتها».