شوشرة: عيد الحظر
مضى شهر الخير والبركة مودعاً أياما عاشها الجميع في ظرف استثنائي بلا مساجد ولا اجتماع للأهل أو تبادل للزيارات ولا غيرها من الأمور التي اعتدنا عليها، ونحن الآن مقبلون على عيد الفطر السعيد وفي أيام الحظر الشامل الأخيرة نأمل عودة الحياة تدريجيا والقضاء على هذا الوباء الذي حولنا إلى أجساد متباعدة تخشى الاقتراب أو الملامسة وتحذر التعامل عن قرب.ويحل العيد علينا ونحن نترقب نتابع التطورات وأعداد الإصابات والوفيات والأحداث والأخبار لعلنا نجد متنفسا لهذا الوضع الصعب أو مخرجا أو حتى بصيص أمل. ولعل فترة الحظر الكلي التي نقضيها في بيوتنا أعطتنا فرصة أكثر للتعبد خلال الشهر الفضيل ومراجعة الكثير من الحسابات في دفاتر الحياة، لنتعرف على أنفسنا أكثر ولإعادة صياغة أوضاعنا بعد كورونا، لأن عودة الحياة التدريجية ستكون ضمن مجموعة من الاحترازات والمحاذير، التي يجب أخذها بعين الاعتبار حتى لا نساهم بشكل أكبر في نشر هذا الوباء.
إن العالم أمام أوضاع مقلوبة وتراجع اقتصادي كبير وتصاعد في وتيرة الانحسار المالي، ولكن حكومتنا مطالبة بمراجعة الكثير من الأمور أهمها إعادة هيكلة الوظائف الحكومية وإحلال العمالة الوطنية بدلا من الوافدة، وكشف ملفات الفساد التي وراء تدهور الكثير من أمورنا المالية ووقف الهدر الذي يفوق ميزانيات بعض الدول، ومعالجة المشروعات الصغيرة ودعم الشباب الكويتيين وإعطائهم فرصة أكبر في دعم اقتصادنا، بدلا من الشركات التي تستحوذ على كل شيء.إن الشعب الكويتي يجب أن يكون شريكا في إعادة توازن الأمور بعد كورونا كل حسب موقعه، خصوصا أنه مشهود له بمواقفه المشرفة دائما في كل الأزمات، مع استبعاد مواقف البعض التي باطنها تكسب انتخابي وظاهرها المواطنة.إن وباء كورونا أكبر درس في تاريخ العالم، ومن لم يستفد منه فلن يستفيد طوال حياته من أي شيء ولن يتعظ، لا سيما أصحاب القلوب السوداء التي لا تتمنى الخير لأحد وما أكثرهم الذين يحسدون الشعب الكويتي على كل شيء.إن الأيام الحزينة التي عشناها وسط محاذير كبيرة من بعضنا ستصبح من الذاكرة، ولكن الأهم من كل ذلك يجب أن نقدر النعم التي منَّ الله بها علينا في كويت الخير، ولنلتفت إلى الدول الأخرى التي شعوبها تعاني الويلات ولم تجد الاهتمام والرعاية التي يتلقاها أي كويتي.لسنا الأفضل ولكننا الأحسن والأغلى لدى قيادتنا الحكيمة، وأمامنا مشوار لإعادة الأمور لنصابها وبناء كويتنا لتكون أقوى مما مضى بسواعد أبنائها الشرفاء، فهذا الشعب الوفي يستحق التحية لعطائه الذي لا ينضب ولخيره المتواصل عبر نهر العمل الخيري الذي لا يتوقف ووصل إلى أنحاء العالم، وكل عام وأنتم بخير، وعيد فطر سعيد يبشر بأمل جديد.