فيروس كورونا كشف الثغرات السياسية للقادة والحكومات
من السابق لأوانه محاسبة الدول على مجمل ردود أفعالها في مواجهة جائحة «كورونا»، فمن المحتمل أن يستغرق قياس دورة حياة هذا الفيروس سنوات، ومع ذلك، من الواضح بالفعل أنه كان هناك تباين في تصرف وسرعة استجابة قادة العالم في مواجهة الجائحة.وكتب مارك شامبيون، أحد كبار كتاب وكالة «بلومبرغ» الأميركية للأنباء في تحليل، إنه إذا كان ثمة قائد يعاني ضعفاً سياسياً، فإن فيروس «كورونا» قادر على كشفه.ففي الصين، كشف الفيروس حالة إدمان للسرية تنطوي على أضرار، شارك فيها المسؤولون المحليون ورئيس البلاد شي جينبينغ، على السواء.
كما أن الأسلوب المتبجح لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في التعامل مع الفيروس كلفه إضاعة الوقت، بل كاد يكلفه حياته. وفي الولايات المتحدة، يبدو أن أسلوب الرئيس دونالد ترامب الفوضوي في الإدارة، وتسييس تفشي الفيروس عرقل القيام برد فعل فدرالي منسق.وليس من الواضح ما إذا كان الناخبون سيعتبرون الفوضى الناجمة عن تصرفات ترامب فشلاً منه عندما يقررون ما إذا كانوا سيعيدون انتخابه في 3 نوفمبر المقبل. واعتماداً على سيناريوهات متفائلة بالنسبة للتعافي، تتوقع تقديرات «بلومبرغ» الاقتصادية أن جائحة «كورونا» ستكلف الاقتصاد العالمي 6 تريليونات دولار.وتمت تغطية الكثير من التأثير السياسي الناجم عن الأخطاء حتى اليوم باستخدام أسلوب» الاحتشاد الوطني»- الذي وفر الحماية للقادة ضد الانتقادات، مع وجود استثناءات قليلة ، كما شهد ارتفاع شعبيتهم، وهو نمط مألوف في أوقات الحروب. ولكن بدأ أفول هذا الأسلوب، وأصبح يتم توجيه الانتقادات للقادة علانية.وعلى سبيل المثال، وجه كير ستارمر، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، انتقادات لاذعة أخيراً لجونسون أمام البرلمان، اتهمه فيها بالتقصير.والفرق واضح بين جهود جونسون الأولى في مواجهة الفيروس وجهود ألمانيا، بقيادة المستشارة آنجيلا ميركل. فقد تم اكتشاف الفيروس في الدولتين في نهاية ينايرـ لكن بحلول مارس، وهو الوقت الذي كان لا يزال جونسون يستعرض فيه المصافحة وسط الجموع، كانت ألمانيا تعلن عن طوارئ بالنسبة للأجهزة الوقائية وتقوم بتطوير اختبارات من أجل الإنتاج على نطاق واسع. وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد حالات الوفاة بسبب «كورونا» في المملكة المتحدة أربعة أمثال العدد في ألمانيا.وكشف رد فعل الصين نقطتي ضعف رئيسيتين لدى الرئيس شي ونظام الحزب الواحد الذي يتزعمه، وذلك وفقاً لويلي لام، الأستاذ المساعد بمركز الدراسات الصينية في جامعة هونغ كونغ. ونقطة الضعف الأولى هي الافتقار إلى الشفافية، بداية من المسؤولين الأدنى الذين اتسموا بالتردد في نقل أنباء سيئة للقيادات العليا خوفاً من فقدانهم وظائفهم ، إلى شي وغيره من قادة الحزب الذين أصروا على إعلان النجاحات فقط.وبالنسبة للهند، ما زال رئيس الوزراء ناريندرا مودي يتمتع بتأييد شعبي قوي، رغم أن الصعاب الاقتصادية نتيجة الإغلاق الذي دام 50 يوماً بدأت تؤثر على الأوضاع في البلاد. ومع ذلك، يعاني مودي جراء انتقادات لتأخر حكومته في اتخاذ إجراءات مبكرة.وفي البرازيل، يبدو الرئيس جاير بولسونارو، الذي يواصل إنكاره لخطورة الفيروس، أكثر عرضة للخطر. فقد أقال وزير صحة واستقال وزير صحة ثانٍ في خضم الأزمة، كما اشتبك مع حكام الأقاليم بشأن قيود الإغلاق، مما أظهر تماماً افتقاره لتجربة الإدارة. وتعتبر القيادة مجرد عامل قد يفسر الاختلافات الكبيرة في تأثير الفيروس في مختلف الدول.