على وقع أزمة اقتصادية ونقدية غير مسبوقة يتقلّب اللبنانيون فوق نيرانها، خرج المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بخطاب عيد الفطر لينسف الصيغة اللبنانية، المتمثلة باتفاق "الطائف" والقائمة على مبدأ العيش المشترك بين الطوائف والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وصيغة رئيس الجمهورية الماروني بشارة الخوري ورئيس الحكومة السنّي رياض الصلح عام 1943، التي قسمت الرئاسة الأولى والثالثة بحسب الطائفة. وقال قبلان ان "أصل نشأة لبنان تمّ على أساس طائفي واستبدادي، بوظيفة خدمة المشروع الاستعماري والاحتكاري، وهذه الصيغة قد انتهت، وما قام به الخوري والصلح لم يعد يصلح لدولة إنسان ومواطن، بل أيضاً مرحلة وانتهت". واعتبر كلام قبلان كرد على بعض الأصوات المنادية بالفدرالية واللامركزية الادارية، وتحديدا رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، الذي شن أعضاء من حزبه حملة على "حزب الله" في الأيام الماضية. ويبدو أن قبلان قصد بكلامه توجيه رسالة إلى باسيل؛ فحواها ان اي طرح يشكك بشرعية سلاح "حزب الله" يقابله طرح "المثالثة" في النظام السياسي اللبناني (نسف المناصفة بين المسيحيين والمسلمين واستبدالها بثلث للمسيحيين وثلث للشيعة وثلث للسنة) على خلفية التغيرات الديمغرافية، التي طرأت على الخريطة السكانية اللبنانية خلال الأعوام الماضية.

وقالت مصادر متابعة إن "الاطراف التي رمت تلك الفكرة في سوق التداول ليست مؤهلة من حيث التجربة والأداء لطرحها"، مضيفة: "هذه القوى كانت في السلطة منذ لحظة ولادة الطائف وما قبل، وبدل أن تنكب على تنفيذ ما جاء فيه لناحية إلغاء الطائفية السياسية وإقامة مجلس للشيوخ وتنفيذ اللامركزية الإدارية حرّفته ولم تخط خطوة واحدة على طريق تحقيق هذه المشاريع". وتابعت: "هي لم تكتف بهذا الانكفاء، بل غرقت في ممارسات مذهبية وطائفية، سيما من حيث التوظيف في ملاك الدولة وفي المؤسسات التي لها اليد الطولى فيها، بحيث تحوّلت معسكرات من لون واحد طائفي ومذهبي وسياسي".

Ad

وقالت: "إلغاء الطائفية مع ترك فريق محدد، اي حزب الله، مدججا بالسلاح وفارضا سيطرته على مناطق جغرافية واسعة تحولت دويلات عصيّة على الدولة، من الضاحية الى الجنوب الى البقاع، سيعطي الحزب تفوّقا عسكريا على الساحة المحلية يترجمه في السياسة". وختمت: "يجب المباشرة بتطبيق اتفاق الطائف قبل اعتباره انتهى".

في السياق، أشار رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى أن "بعض الأشخاص أصحاب الوقار والجلالة، دَخَلوا في بعض الطروحات في وقت لسنا في هذا الوارد على الإطلاق"، لافتاً الى أنَّ "أوّل خطوة على طريق منع أيّ تجزئة أو تقسيم هو إعادة الاعتبار الى الدولة اللبنانية وإعادة القرار الاستراتيجي إليها". وقال عقب اجتماع تكتل "الجمهورية القوية"، امس الاول، أنَّ "الطريق الأول يبدأ بإعادة القرار الاستراتيجي للدولة اللبنانية والجيش اللبناني"، مركزاً على أن "الصيغة اللبنانية لم تنته على الإطلاق، لأنه إذا انتهت الصيغة اللبنانية ينتهي لبنان". وأكد جعجع رفضه كليا "للمؤتمر التأسيسي، ولا يلعبن أحد باتفاق الطائف، لأن أي لعب باتفاق الطائف لن يحمد عقباه، لأن لا أحد يعلم كيف يتجه الوضع، ما أعلمه أنه لا ينبغي فتح هذه الملفات في الوقت الحاضر، لأن لدينا أولويات أهم بكثير، خلي يضل لبنانيين قبل ما نفكر أي نظام نريد اعتماده".

وفي موضوع المعادلة "الثلاثية"، "جيش شعب ومقاومة"، أضاء جعجع على أمرٍ قائلا: "لا شيء أوصلنا إلى ما نحن عليه سوى هذه المعادلة"، لافتًا الى أنه "طالما هذه المعادلة مستمرة طالما لبنان سيبقى كذلك". وطرح جعجع بديلًا عن هذه "الماسيّة"، وهي عبارة عن ثلاثيّة "جيش شعب ودولة".

الى ذلك، غرّد رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط على حسابه على "تويتر"، امس الاول، قائلاً: "لست أدري كيف أن البعض لا يزال يفكر بالفدرالية أو ما أشبه، الذي يعود إلى مفهوم التقسيم، وهو مشروع انتحاري للجميع دون استثناء، وكم كلّف لبنان من دمار وخراب!". وأضاف: "لا لتلك الأصوات العميلة التي صدرت في العلن، أو التي تعمل في الخفاء وتنظر للفدرالية بحجج مختلفة. لا لحرب الآخرين على أرض لبنان".