بركات كورونا
![طالب الرفاعي](/theme_aljarida/images/authorDefault.png)
ما استجد حقيقة، هو التفات المؤسسات الثقافية العربية، الأهلية والحكومية، إلى إمكانية استخدام برامج التواصل الاجتماعي بوصفها حاضنة جيدة لمختلف أشكال المحاضرات والندوات، وبضيف واحد ومحاور، أو بأكثر من ضيف، كما أن هذه المنصات تضمن وجود جمهور، يصل في بعضها إلى عدد غير محدود، كأن يكون عشرات الآلاف أو مئات المتابعين. وكما هو معمول به في اللقاءات المباشرة، فإن الحديث يتشكل من أسئلة المحاور وإجابات المتحدثين، وتالياً يتم الالتفات لأسئلة الجمهور وإجابات المحاضرين عليها. هذا الشكل المستجد على المشهد الثقافي العربي، الذي ظل عقوداً يعتمد الوصل البشري المباشر، قد يكون متغيراً كبيراً في القادم من الأيام، فما الذي يجعل مؤسسة خاصة أو حكومية، تبذل ميزانيات كبيرة لجمع عدد من المحاضرين حول موضوع ما، إذا كان ممكنا إجراء ذلك عبر برنامج افتراضي، وبأقل التكاليف المالية؟ وبالوصول إلى نفس النتائج المرجوة من الندوة أو المحاضرة.ما ان تنتهي جائحة كورونا حتى تلتفت دول وأنظمة العالم إلى مشكلتها الأكبر في ترميم اقتصاداتها المنهارة، وفي الصميم من ذلك محاولة تقليص الميزانيات في مختلف الاتجاهات، وأكاد أكون واثقاً بأن الثقافة ستكون على رأس المتضررين من هذا التقليص والتقشف.ليس سراً أن ميزانيات وزارات الثقافة في الوطن العربي، لا تكاد تتجاوز الـ (%1) من إجمالي ميزانيات الدول في أفضل تقدير، لذا متوقع جداً أن تحظى ميزانيات الثقافة بأقل القليل، ومطروح على جدول كل المؤسسات الثقافية حول العالم، إمكانية تقليل وتقليص الموظفين العاملين لديها إلى أقل الحدود. وهذا ما يجعل استخدام تقنية المحاضرات والندوات الافتراضية شأناً مهماً وحاضراً في أذهان المسؤولين متى ما عادت الحياة إلى رتمها الطبيعي بعد زوال كورونا.نعم، المنصات الافتراضية انتعش حضورها في جائحة كورونا، لكن هذا الحضور سيكون شأناً يومياً متداولاً في جميع الأحداث الثقافية، وليس أقل من أن يؤهل المبدع والمثقف العربي نفسه، ليكون جزءاً من وصل تقني جديد قادر على تغيير الكثير من أمور الثقافة العربية، وعلى رأسها المهرجانات والمؤتمرات ومعارض الكتب، ونحن لسنا في البعد من ذلك.