ظلت علاقة نجاة بشقيقتها سعاد حسني، تثير فضول الكثيرين، ولا يزال صمت «صوت الحب» يفتح الباب أمام روايات مختلفة، وأنها كانت تتجنب دائماً الحديث عن السندريلا، بينما الأخيرة تحدثت في كثير من حواراتها عن إعجابها بصوت أختها الكبرى، ولم تكتمل صفحات ألبومهما الخاص، ويقيت هناك لقطات متفرقة، جمعت بينهما في ستينيات القرن الماضي، حتى ظهرت الشقيقة الكبرى في حالة انهيار تام أثناء جنازة الراحلة، ورغم ذلك، فاللغط مثار حتى الآن.وكانت نجاة منذ نهاية الستينيات، قد أغلقت صندوق ذكرياتها، وتراجعت حواراتها في الصحف والمجلات الفنية، وظهرت في لقاءات تلفزيونية تتحدث بكلمات قليلة عن نشاطها الفني فقط، وطوت مرحلة التطرق إلى حياتها الشخصية، وبعد حين وآخر تفاجئ جمهورها بأغنية جديدة، أو إقامة حفل غنائي تبثّه القنوات التلفزيونية، ولم يعد ثمة مجال للحديث عن علاقتها بأسرتها، مما يثير فضول البعض لمعرفة الجوانب الخفية في حياة نجوم السينما والغناء.
وظل الستار مغلقاً على أحداث درامية، جرت في حياة المطربة الرقيقة، فقد واجهت تحديات كثيرة منذ أن احترفت الغناء حتى أصبحت نجمة ساطعة، ودارت في الكواليس معارك مع بعض زملائها، لكنّها انتصرت في حربها نحو اعتلاء القمة، ولم تعتد تكترث بالأقاويل التي يرددها البعض عن توتّر علاقتها بشقيقتها سعاد حسني، وبدت ردود فعلها محيّرة للآخرين.وفي مقابلة تلفزيونية، قال الصحافي بمجلة الإذاعة والتلفزيون المصرية، محمود مطر، المقرب من الشقيقتين: «سعاد طول عمرها بتتكلم عن نجاة بشكل جيد جداً، لكن نجاة بصمتها حتى وقتنا الحالي أعطت فكرة أنها تحقد وتغير من سعاد حسني، بسبب أن أم سعاد أخذت مكان أمها، وبسبب نجاح سعاد لمّا غنت في الأفلام”.وتابع مطر: «استغربت للغاية وقتما توفيت سعاد أن نجاة لم تحزن أو تبتعد عن الغناء لفترة، بل أحيت حفلا غنائيا بعد وفاتها، بالرغم من أنها كانت متوقفة عن أي نشاطات فنية ومختفية عن وسائل الإعلام لسنوات عديدة”.
لكن الواقع يقول إنه بعد رحيل السندريلا عام 2001، تراجع ظهور نجاة في وسائل الإعلام، وعاشت في شبه عزلة، وبين حين وآخر تقدم عملا فنيا جديدا، ورفضت التطرق إلى حياتها الشخصية، وتراجع إحياؤها للحفلات الغنائية، لكن إطلالتها ظلت تجتذب الأضواء، وتحمل مغامرة فنية جديدة، وتجتذب الجمهور من مختلف الأجيال، كمطربة من جيل العصر الذهبي، وأحد رموز الغناء في مصر والعالم العربي.
مأساة صباح
لم يكن رحيل السندريلا أولى الصدمات في حياة نجاة، بل سبقتها في عام 1965 فقدها لشقيقتها من والدها، صباح حسني، في حادث سير مروّع، وكانت صباح شقيقة سعاد حسني من والدها ووالدتها، وتربطهما علاقة جيدة، وهناك صور تجمعها بالسندريلا، ويظهر الشبه بينهما واضحاً، وأرادت أن تلحق بقطار الفن مثلهما، ونالت إعجاب المنتجين بإطلالتها المتميزة، وموهبتها في التمثيل، وكانت تتأهب للظهور في أعمال سينمائية، لكن القدر لم يمهلها، ولقيت مصرعها في العشرين من عمرها.في ذلك الوقت كانت وسائل الإعلام تعتبر إخوة سعاد حسني من أمها إخوة لنجاة، بينما ذلك غير صحيح، ذلك أنهم ليسوا أولادا لمحمد حسني ولم تنجبهم والدة نجاة، والحقيقة أنهم أربعة أولاد وثلاث بنات أشقاء وشقيقات من أمها وأبيها، وهم عز الدين ونبيل وفاروق وسامي وخديجة وسميرة وعفاف، وبذلك كانت صباح وسعاد شقيقتين لنجاة من ناحية الأب، وغلبت على هذه العائلة النزعات الفنية، وتفتحت مواهبهم في مجالات عِدة.وتطلعت صباح إلى عالم الشهرة والأضوء، وكانت تهوى التمثيل مثل السندريلا، لكنها لقيت مصرعها في الطريق الزراعي، إثر تصادم سيارة نقل بسيارتها أثناء سفرها إلى مدينة الإسكندرية لحضور حفل غنائي تحييه نجاة الصغيرة، وحاول المسعفون إنقاذها، لكنها ماتت عقب الحادث بنصف الساعة، وتعرفت الشرطة إلى شخصيتها بعد 24 ساعة من وقوع الحادث.وتصدر خبر رحيل صباح الصحف، وترك أصداء مدوية في الشارع المصري، وألغت نجاة وسعاد ارتباطاتهما الفنية لفترة، ورفضتا التعليق على الحادث الأليم، وهذا يفسر صمت نجاة بعد رحيل السندريلا، وأن أحزانها الخاصة لا شأن للآخرين بها، وليست في حاجة إلى أن تدلل على حبها لإخوتها، أو تنفي عن نفسها الاتهامات والشائعات، وأن علاقتها كفنانة بجمهورها تنحصر في فنها فقط، وليست المتاجرة بأحزانها كما يفعل البعض الآن، ويطلون على الشاشة وهم يذرفون الدموع ويستجدون تعاطف المشاهدين.أنا باعشق البحر
غناء: نجاةكلمات: عبدالرحيم منصورألحان: هاني شنودة أنا باعشق البحرزیك یا حبیبي حنونوساعات زیّك مجنونومهاجر ومسافروساعات زیّك حیرانوساعات زیّك زعلانوساعات ملیان بالصمتأنا باعشق البحرأنا باعشق السماعلشان زیك مسامحةمزروعة نجوم وفرحةوحبیبة وغریبةعشان زیّك بعیدةوساعات زیّك قریبةبعیون متنغمةأنا باعشق السماأنا باعشق الطریقلأنه فیه لقاناوفرحنا وشقاناوأصحابنا وشبابناوفیه ضحكة دموعناوفیه بكیت شموعناوضاع فیه الصدیقأنا باعشق الطریقأنا باعشق البحروباعشق السماوباعشق الطریقلأنهم حیاةوإنتَ یا حبیبيإنتَ كل الحیاةأزمة السندريلا
أثار مسلسل «السندريلا» ردود فعل متباينة، عندما عُرض في عام 2006، وكتب قصته المؤلف ممدوح الليثي، وأخرجه سمير سيف، وقامت بدور السندريلا الفنانة منى زكي، بينما جسدت دور نجاة المطربة غادة رجب، وقام بدور عبدالحليم حافظ المطرب مدحت صالح، وشارك في البطولة يوسف الشريف ومها أبوعوف وعبدالعزيز مخيون ورجاء الجداوي ولطفي لبيب وغيرهم.ويحكي المسلسل عن حياة سندريلا الشاشة العربية سعاد حسني، وكيف انطلقت نجوميتها في نهاية الخمسينيات، وعاشت في العصر الذهبي للسينما المصرية، وتألقها في التمثيل والغناء في الأفلام الاستعراضية، وقصص زيجاتها وإصابتها بالمرض، مروراً برحيلها في ظروف غامضة.بدأت بوادر أزمة «السندريلا» مع تصوير أول مشاهد المسلسل في استديو نحاس، وظهور خلاف بين ممدوح الليثي المؤلف والمشارك في الإنتاج مع طارق نور والطرف الثاني شركة «العدل غروب» التي اشترت قصة حياة السندريلا من ورثة سعاد حسني مقابل ثلاثة ملايين جنيه، لتقديمها في مسلسل درامي، وانتقل الصراع بينهم إلى الإجراءات القانونية، وأرسل ورثة سعاد حسني وشركة «العدل غروب» إنذارات على يد محضر ينذرونهم من بدء تصوير المسلسل وباتخاذ كل الإجراءات القانونية واللجوء إلى القضاء، ولم يكتفوا بهذه الإنذارات، بل أرسلوا بلاغا إلى المصنفات الفنية، ومذكرة إلى نقابة الممثلين المصرية للتحرك والتحقيق في هذه الواقعة، وانتهت الأزمة بجلسة صلح بين الطرفين، والتعاون فيما بينهما لإنتاج المسلسل، الذي عرض في عام 2006.وانتفضت نجاة معبّرة عن استيائها من التناول الدرامي لقصة حياة السندريلا، وتقدمت بدعوى قضائية ضد المؤلف ممدوح الليثي، وطالبت فيها بتعويض مالي وأدبي قدره مليون جنيه، لما جاء في حلقات المسلسل من أحداث ليست حقيقية عنها وعن شقيقتها الراحلة سعاد حسني، والذي تم عرضه على قناة "lbc”، رغم الإنذارات التي أعلنتها الفنانة ضد المعلن إليهما، شركتي طارق نور للاتصالات وممدوح الليثي، لوقف عرض المسلسل على القنوات الأرضية والفضائية.وكانت محكمة شمال الجيزة الابتدائية قد قررت تأجيل الدعوى إلى 21 فبراير 2008 لتقديم أصل السيناريو للفصل في الدعوى، ونشرت جريدة الوفد المصرية في عددها الصادر يوم 3 يناير 2008، تفاصيل المذكرة المقدمة من الفنانة نجاة، ونص المشاهد التي اعترضت عليها، واعتبرتها ملفّقة ومغلوطة وتسيء إلى شخصها وشقيقتها وأفراد أسرتها، مما جعل عرض المسلسل بهذه الصورة المشوهة أمراً مهيناً بالنسبة إليها، وكان جديراً للمشكو في حقهما بما لديهما من خبرة وكفاءة في هذا المجال أن يتحريّا الصدق، خصوصا أن صاحبة الدعوى وجهت لهما إنذاراً رسمياً تضمن المشاهد التي يلزم تعديلها، والمتعلقة بنشأة نجاة ومشوار حياتها الشخصي.واعترضت نجاة على المشهد رقم 11 من الحلقة الأولى، وتظهر خلاله كصبية في حوالي الرابعة عشرة من عمرها، شاحبة الوجه وحزينة الملامح والنظرات، وتجلس على طرف السرير، تشدو بأغنية «يا غائباً عن عيوني» لأم كلثوم، ليسمعها الشيخ محمد رفعت وعبدالرحمن الخميسي وكامل الشناوي، وهذا أمر لم يحدث مطلقا، وفي المشهد التالي تعليق الشيخ رفعت على غنائها بقوله «ما شاء الله نمسك الخشب صوتها عذب»، وإظهاره كشخصية تلقي بالنكات والتعليقات الساخرة.وتضمنت هذه الحلقة أن «جوهرة» هي والدة نجاة، بينما الحقيقة أنها زوجة أبيها، وتظهر «نجاة الصغيرة» في إحدى الحفلات بفستان وتسريحة شعر مشابهة لأم كلثوم، وتمسك بيدها منديلاً، وهذا غير صحيح، وأظهر السيناريو قسوة الأب وإصراره على تناول ابنته كوباً من الخل، رغم معارضتها الشديدة لذلك، وهذا غير صحيح، وفي المشهد رقم 26 بالحلقة الثالثة تقول جوهرة لزوجها: «ومش قلة عقل إنك تصرف كل اللي يجيلك في الفشخرة الكدابة والقنعرة والعنتزة قدّام الناس، وتشرب بنتك خل علشان توقف نموها وتفضل العيّلة (الطفلة) المعجزة تقلّد الست»، وهذا لم يحدث في الواقع.واعترضت نجاة على ما ورد في المسلسل من أن الشاعر كامل الشناوي أطلق عليها «معجزة القرن العشرين»، وهذا لم يحدث أصلاً، فهما لم يلتقيا في ذلك الوقت، والحقيقة أنه السياسي فؤاد سراج الدين، وأن المشهد 28 من الحلقة الأولى يظهر تشرد سعاد حسني وشقيقاتها من أمها، وهنّ يبعن أوراق اليانصيب في الشوارع، وأيضاً في المشهد الأول من الحلقة الرابعة يأتي على لسان صحافي أن انهيار دعائم الأسرة بانفصال الأب والأم، وانعكاس الانفصال على سعاد «السقوط» الثاني في حياتها، وكلمة السقوط تحمل في طياتها معاني وإيماءات وتفسيرات تسيء بشدة لسعاد وإخوتها.هاني شنودة يكشف تفاصيل أول لقاء مع «فراشة الغناء»
التقت نجاة للمرة الأولى في عام 1979 مع ألحان الموسيقار هاني شنودة، وذكر الأخير في مقابلة تلفزيونية أن هذا اللقاء بمنزلة ألبوم استثنائي في مشواره الفني، لا سيما مع مطربة شديدة الرهافة والتمكن من الأداء، وقد لحَّن لها من كلمات عبدالرحيم منصور «بحلم معاك» و«أنا باعشق البحر» والأغنية الوطنية «في حضنك يا مصر» وأيضا من كلمات صلاح جاهين «يوم الهنا»، وأغنيات أخرى فضلت نجاة تأجيلها لوقت لاحق، ولم تظهر حتى الآن. وتطرق شنودة إلى أداء نجاة المتفرد لأغنية «أنا باعشق البحر» وأنها بدت كالفراشة عندما سجلتها بطريقة «الفيديو كليب» مع المخرج الكبير حسين كمال، مما جعله يحذّر الفنان محمد منير من إعادة أداء الأغنية بسبب طريقة غنائها المتمكنة لها، وبخاصة عند قولها «حبيبة وغريبة» في نهاية الكوبليه الثاني. وكان محمد منير قد فاجأ جمهوره بغناء «أنا باعشق البحر» في إحدى حفلاته، وهي المرة الأولى التي يغني فيها لمطرب آخر، تقديراً للمطربة نجاة كأحد رموز الغناء في العالم العربي، وضم الأغنية إلى ألبومه «قلبي مساكن شعبية» وأيضاً أغنية «حكايتي مع الزمان» للمطربة وردة الجزائرية، و»شيء من بعيد ناداني» للمطربة ليلى جمال.
البقية في الحلقة المقبلة