بقي التوتر على وتيرته المتصاعدة في هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية السابقة التي تحتفظ بحكم شبه ذاتي، وسط تجاذب صيني ـ أميركي زادت حدته عقب تفشي فيروس كورونا المستجد في العالم انطلاقاً من مدينة ووهان الصينية أواخر العام الماضي.

وتمكنت قوات أمنية كبيرة، نشرت أمس حول البرلمان المحلي في هونغ كونغ، من ردع متظاهرين مؤيدين للديمقراطية كانوا ينوون الاحتجاج على مناقشة مشروع قانون يجرّم أي مساس بالنشيد الوطني الصيني ويعاقب من يرتكب هذه الجنحة بالسجن ثلاث سنوات.

Ad

ويتضمن جدول أعمال جلسة أمس قراءة ثانية للنص ثم قراءة ثالثة الأسبوع المقبل يتحول بعدها إلى قانون إذا تمت الموافقة عليه.

وتجمع متظاهرون فترة قصيرة خلال استراحة الغداء في حيي كوزواي وسنترال قبل تفريقهم بإطلاق كرات من غاز الفلفل باتجاههم.

وقال ناتان لو وهو من شخصيات الحركة المؤيدة للديمقراطية، "الآن يبدو الوضع كأنه فرض منع للتجول"، ورأى أنه "يجب على الحكومة أن تفهم لماذا يشعر الناس بغضب".

وخرج الناس من مختلف الأعمار إلى الشوارع يرتدي بعضهم السواد وآخرون يرتدون ملابس رسمية بينما أخفى البعض الآخر هوياتهم تحت المظلات في مشاهد تعيد للأذهان الاضطرابات التي هزت المدينة العام الماضي.

وأغلق العديد من المتاجر وفروع البنوك والمباني الإدارية أبوابها مبكراً وشوهدت شرطة مكافحة الشغب وهي تلقي القبض على العشرات وتجبرهم على الجلوس على الرصيف.

ويبدو أن الصين مستاءة جداً من سكان هونغ كونغ وخصوصاً مشجعي كرة القدم الذين يهتفون ضد النشيد الوطني تعبيراً عن غضبهم من بكين. في المقابل، ترى المعارضة الديمقراطية في هذا النص محاولة جديدة لتجريم أي انشقاق.

وصرح ماتيو شونغ نائب رئيسة السلطة التنفيذية كاري لام قبل بدء المناقشات، للصحافيين: "بصفتنا سكان هونغ كونغ نتحمل المسؤولية الأخلاقية لاحترام النشيد الوطني".

وتأتي المناقشات في "المجلس التشريعي" حول هذا النص الذي ترى الحركة المؤيدة للديمقراطية أنه يمس بحرية التعبير، بعد قرار الصين فرض قانونٍ للأمن القومي على هونغ كونغ يهدف إلى منع "الإرهاب والانفصال والتخريب والتدخل الأجنبي".

ويشكل هذا النص الذي لم ينشر بعد وسيلة لبكين للالتفاف على برلمان هونغ كونغ. ويتيح أحد الإجراءات التي ينص عليها للصين للمرة الأولى إمكانية السماح للأجهزة الأمنية والشرطة السرية بالتمركز علناً في هونغ كونغ.

وأثار مشروع القانون الذي ستتم مناقشته في بكين، قلق المستثمرين الأجانب والحكومات الغربية، كما كشف أكبر تراجع تسجله بورصة هونغ كونغ منذ خمس سنوات.

وتقول السلطات الصينية وحكومة هونغ كونغ التي تحظى بدعمها إنه لا خطر على الحكم الذاتي في المدينة وإن القوانين الجديدة محكمة.

وقالت وزارة الخارجية الصينية أمس، إن بكين ستتخذ الإجراءات المضادة اللازمة لمواجهة التدخل الأجنبي بشأن التشريع الأمني الجديد .

وأدلى المتحدث باسم الوزارة تشاو ليجيان بهذه التصريحات خلال إفادة يومية رداً على سؤال حول تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن واشنطن تجهز رداً قوياً على التشريع.

ووعد الرئيس الأميركي، أمس الأول، بأن يعلن بحلول نهاية الأسبوع إجراءات "مثيرة جدّاً للاهتمام" ردّاً على مشروع قانون للأمن القومي تسعى بكين إلى فرضه في هونغ كونغ.

ونبّه البيت الأبيض إلى أنّ هونغ كونغ قد تخسر موقعها بوصفها مركزاً ماليّاً دوليّاً إذا فرضت الصين في مشروعها هذا وحرمت المدينة تالياً من حكمها الذاتي.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن الولايات المتحدة تدرس مجموعة من العقوبات ضد الصين بسبب "قمعها" في هونغ كونغ

ونقلت الوكالة عن مسؤولين وصفتهم بالمطلعين، دون أن تكشف عن هوياتهم، أن وزارة الخزانة الأميركية ربما تفرض ضوابط على المعاملات وتجمد أصول مسؤولين صينيين وشركات، وتقييد التأشيرات لمسؤولي الحزب الشيوعي.