مع تفشّي وباء «كورونا»، غرقت مواقع التواصل الاجتماعي بسيل من الأخبار المضلّلة، مع تركيز باللغة العربية على انهيار حضارة الغرب، والإقبال على اعتناق الإسلام، ما يعكس وفق محللين، حجم القلق في التعامل مع أزمة مخيفة وغير مسبوقة.

ويقول البروفسور نبيل دجاني، المتخصّص في دراسة دور الإعلام في المجتمع خصوصاً اللبناني والعربي، «في أوقات الأزمات والصراعات التي لا يمكن تفسيرها، يعود الناس إلى أساطيرهم وقناعاتهم الثقافية لفهم ما يجري».

Ad

ويوضح الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت «ألاحظ أن هذا الأمر يحدث في كل مكان وليس فقط في العالم الإسلامي».

وتداول الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل باللغة العربية، منذ فبراير، مقاطع مصورة وأخباراً كاذبة، بينها شريط فيديو قيل إنه يُظهر إقبال آلاف الصينيين على اعتناق الإسلام مع انتشار الوباء. لكن الفيديو يُظهر في الحقيقة مواطنين من الفلبين ينطقون بالشهادتين قبل حفل إفطار في السعودية العام الماضي.

وانتشر كذلك فيديو يدّعي ناشروه أنه يُظهر رفع الأذان للمرة الأولى في غرناطة منذ 500 سنة، بأمر من الحكومة، بما يوحي أن السلطات في إسبانيا، البلد ذي الأغلبية الكاثوليكية، أباحت أو طلبت ذلك مع انتشار الوباء بعدما كانت تحظره. لكن رفع الأذان لم يكن ممنوعاً ولم تصدر الحكومة أي قرار حوله أخيراً.

ومن الأخبار المضلّلة ذات الصلة، صور يدّعي ناشروها أنها تُظهر إقامة صلوات إسلاميّة في شوارع إيطاليا «لدعاء الله وحفظهم من خطر كورونا»، لكنها في الحقيقة صور قديمة ولا علاقة لها بما يجري حالياً.

ويقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت ساري حنفي: «في منطقتنا، يمكن للدين أن يكون في حالة تنافر مع المعلومات الصحية والطبية».

ومن مقاطع الفيديو والصور المضللة، تعليقات وتدوينات تتوقع انهيار دول في الغرب بسبب عجزها عن مواجهة التفشي.

ففيما كان النظام الصحّي في إيطاليا يرزح تحت ضغط التزايد السريع للمصابين، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً لرئيس الوزراء جوزيبي كونتي يقول فيه «انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء»، بما يوحي أن البلد انهار أمام الأزمة، لكن التصريح لا أساس له من الصحة.

وتداول آلاف آخرون مقطعاً مصوّراً على أنه يُظهر إيطاليين يجتمعون في ساحة واحدة للانتحار الجماعي بعد فقدان السيطرة على تفشّي الفيروس. لكن تبيّن بعد التدقيق أن الفيديو ملتقط قبل أشهر من ظهور الفيروس لتظاهرة ضدّ حزب «الرابطة» اليميني المتطرّف.

وليست «نظرية المؤامرة» ذات الطابع الديني، وفق الأستاذة في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن دينا مطر، ظاهرة تقتصر على منطقة دون أخرى.

وتوضح: «لا يجب أن نفسر ذلك على أنه لغة استثنائية في الشرق الأوسط»، لافتة إلى أنّ هذه السرديات في المنطقة وأماكن أخرى هي «من عوارض ممارسات تذرّعت عمداً بالدين لإضفاء شرعية على ممارسات سياسية».

وتقول «لطالما استُخدم الدين كخطاب سياسي، ليس في الشرق الأوسط فحسب ولكن في الغرب أيضاً».

وأمام تفشّي الوباء، تفاعلت «نظريات المؤامرة»، حسب حنفي، منها الادعاء أن الفيروس «سلاح بيولوجي أميركي لشنّ حرب اقتصادية على الصين»، أو اعتبار بعض المسلمين أن «الفيروس لن يصيبهم» بسبب دينهم، عدا تصوير «اللاجئين السوريين بؤرة لانتشار المرض» في لبنان مثلا.