رغم أن مسار وباء كوفيد- 19، الذي يتسبب فيه فيروس «كورونا» المستجد، ليس واضحا حتى الساعة، في ظل عدم التوصل الى لقاح واستمرار تفشي العدوى في دول عدة، بدأت الدول عملية طويلة ومعقدة لإحصاء الخسائر التي تسبب فيها هذا الوباء القاتل، الذي نجح في شل تاريخي لحركة العالم لإسابيع طويلة، وقالت عنه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل انه «قلب كل شيء رأسا على عقب».وبينما تبدو عملية إحصاء الخسائر الاقتصادية الهائلة لاجراءات الإغلاق والعزل وتسكير الحدود، معقّدة وتعتمد الى حد كبير على حزم الانقاذ التي ستعتمدها الحكومات للحد من التداعيات الاجتماعية والسياسية لخسارة الملايين حول العالم وظائفهم، يقول مراقبون إن المباشرة في تصور وحساب حصيلة الخسائر البشرية تبدو أكثر واقعية، بعد أن وصل الوباء الى ذروته في معظم المناطق، وبات لدى السلطات تصور أوضح لكيفية السيطرة عليه وكبحه ومع تقدم العلاجات.
الولايات المتحدة
في هذا السياق تجاوزت الولايات المتحدة أمس الاول عتبة الـ100 الف وفاة، وهو رقم وسطي بين التوقعات التي قدرت وفاة 60 ألف أميركي بالوباء وأخرى تحدثت عن نحو نصف مليون، كما أحصت جامعة جونز هوبكنز نحو 1.7 مليون إصابة.وأعلى عدد وفيات سجل في ولاية نيويورك، ثاني ولاية تعد أعلى كثافة سكانية، مع ثلث الوفيات في البلاد، لكن أكبر قوة في العالم تتقدم نحو العودة الى النشاط الاقتصادي العادي، وستفتح كازينوهات لاس فيغاس أبوابها اعتبارا من الأربعاء المقبل، بعد إغلاقها لأكثر من شهرين، وهي أنباء سارة لنيفادا التي تعتمد بشكل كبير على هذه الصناعة من أجل رفاهها الاقتصادي.وتبدأ العاصمة الفدرالية واشنطن تخفيف العزل اعتبارا من اليوم، عبر إعادة فتح صالونات تصفيف الشعر والمقاهي والمطاعم، وعبّرت رئيسة البلدية مورييل بوسر عن رغبتها في ان يتم تحديد وعزل الأشخاص المصابين، «وهذا يتم عبر اجراء الفحوصات».وحسب إحصاء نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أمس، فقد أعلن نصف الاميركيين ممن شملهم الاحصاء أنهم «سيوافقون على أخذ لقاح في حال التوصل اليه»، في حين نقلت شبكة CNN الاخبارية، عن مراكز السيطرة والوقاية من الامراض في الهيئة الاميركية المعنية بالصحة، ان «فحوصات الاجسام المضادة تعطي نتيجة خاطئة في نصف المرات».أوروبا
أما في أوروبا فقد أحصت وكالة «فرانس برس» وفاة 175 الفا، مع ثلاثة أرباع هذا العدد في بريطانيا وايطاليا واسبانيا.ومع إجمالي 175 ألفا و11 وفاة (من أصل 2.084.058 إصابة)، تعتبر أوروبا القارة الأكثر تضررا بالوباء الذي أودى بحياة 355 ألفا و548 في العالم. والدولتان الأوروبيتان الأكثر تضررا هما بريطانيا (37 ألفا و460 وفاة) وإيطاليا (33 ألفا و072 وفاة) تليهما فرنسا (28 ألفا و596) وإسبانيا (27 ألفا و118).ومع تحسن الوضع الصحي، قدّمت الحكومة الفرنسية امس، المرحلة الجديدة من تخفيف إجراءات العزل الذي بدأ 11 مايو، التي تشمل إعادة فتح الحانات والمطاعم والحدائق العامة، والتي ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من ٢ يونيو، الموعد المحدد لبدء المرحلة الثانية من تخفيف تدابير الحجر الصحي.وأمس الأول، صوت النواب الفرنسيون على استخدام تطبيق «ستوبكويد» للهواتف الذكية، الذي يسمح بإبلاغ مستخدميه الذين كانوا على «اتصال طويل» مع شخص اثبت الفحص إصابته بالفيروس، بأن عليهم إجراء فحوص.كما أطلق أمس في إنكلترا بعد ايرلندا الشمالية، نظام جديد لتعقب المصابين المحتملين، وقد تم توظيف نحو 25 ألف شخص للعثور على الأشخاص الذين اتصل بهم نحو 10 آلاف مريض يوميا. ويتم تشغيل تطبيق يسمى «الاختبار والتتبع» بشكل يدوي، أي أن 25 ألف شخص سوف يتولون مراقبة تصرفات هؤلاء المواطنين، وليس عبر الذكاء الاصطناعي.وبهذه الكيفية، تخطط السلطات لاستبدال الحجر الصحي العام بعزل أفراد محددين ومنع تفشي الفيروس.ميركل
وفي برلين، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس الأول، اعتزامها التغلب على تداعيات الجائحة عن طريق تعزيز التعاون في أوروبا. وقالت: «أوروبا يمكن أن تخرج من الأزمة أقوى مما كانت عليه عندما دخلتها، فأزمة كورونا قلبت كل شيء رأسا على عقب، حيث أظهرت أن التغيرات الجذرية جعلت من الضروري أن يتم على المدى القصير اتخاذ قرارات ذات آثار بعيدة المدى».الخليج
وفي الخليج، حيث نسبة الوفيات تبدو انها من بين النسب الاكثر تدنيا في العالم، أظهر إحصاء أجرته «رويترز» أن عدد الاصابات بالفيروس في دول مجلس التعاون الست قفز إلى الضعف خلال أقل من شهر، ليتجاوز 200 ألف، مع تحرك معظم دول المنطقة إلى استئناف النشاط الاقتصادي.وكانت الإصابات، التي تجاوزت حاجز 100 ألف في 11 مايو، ارتبطت في بادئ الأمر بالسفر، لكن العدوى انتشرت بعد ذلك وسط العمال المهاجرين من أصحاب الدخول المنخفضة، والذين يسكنون في مناطق مزدحمة، مما دفع السلطات الى التوسع في عمليات الفحص.أميركا الجنوبية
وفي البرازيل تبقى الأولوية الملحة احتواء انتشار الوباء، وهو ما لم تتمكن هذه الدولة العملاقة في أميركا الجنوبية من القيام به حتى الآن، فقد تجاوزت البلاد للمرة الخامسة ألف وفاة خلال يوم واحد (1086 الأربعاء) لتتخطى عتبة 25 ألف وفاة، والإصابات 411 ألفا و821 إصابة، علماً أن خبراء يعتبرون أن الأرقام المعلنة هي أدنى بكثير من الأعداد الفعلية للإصابات والوفيات.وفي البيرو المجاورة، التي تعد بين الدول الاكثر تضررا في أميركا اللاتينية، سجل رقم قياسي في عدد الوفيات بلغ 195.من ناحيتها، مددت تشيلي اجراءات الحجر الصحي في سانتياغو الكبرى حتى 5 يونيو، حيث استمر عدد الاصابات والوفيات في الارتفاع.كوريا الجنوبية
وبعد «انتكاسة» في البلد الذي نظر إليه العالم كنموذج يحتذى به في التعامل مع أزمة الفيروس، قررت كوريا الجنوبية، امس، إعادة فرض قيود للتباعد الاجتماعي، على خلفية ظهور بؤر إصابات يمكن أن تهدد نجاحها في احتواء الوباء.وأعلن وزير الصحة بارك نيونغ هو أن المتاحف والمنتزهات وقاعات الفنون في منطقة سيول ستغلق جميعها مجددا لأسبوعين اعتبارا من اليوم، وحض الشركات على اعتماد اجراءات تُسهل مرونة العمل.وأعلنت كوريا الجنوبية امس، تسجيل 79 حالة جديدة، وهي أعلى عدد من الإصابات منذ شهرين تقريباً.وتعد كوريا الجنوبية نموذجا عالميا في طريقة إدارتها لأزمة انتشار الفيروس، وبدأت تخفيف اجراءات العزل لكنها بدأت تسارع لاحتواء الاصابات الجديدة مع عودة الحياة الى طبيعتها.وأوضحت المراكز الكورية لمنع الأمراض والوقاية منها أن 69 حالة جديدة سُجّلت في مستودع للتجارة الالكترونية تابع لشركة «كوبانغ» في بوشيون غرب سيول.وقال نائب وزير الصحة كيم غانغ ليب للصحافيين إن نحو 4100 عامل وزائر الى المبنى يخضعون للحجر الصحي وأجريت فحوصات الكشف على أكثر من 80% منهم.في المقابل، أعلنت السلطات الصينية، عدم تسجيل وفيات جديدة فيما تأكدت إصابة حالتين «وافدتين» خلال الـ24 ساعة الماضية.