فتحت جائحة كورونا واحداً من أهم الملفات المتورمة بأوجه عديدة من الممارسات الخاطئة، ما بين فساد إداري وتهاون سياسي وتجارة بالإقامات واستثناءات عديدة غير مشروعة، فضلاً عن أخطر وجهين فيها وهما الخلل المريع في التركيبة السكانية من جهة، والهيمنة الواضحة منهم على مفاصل القرار أو إدارته وتوجيهه، كما هو الشأن بمجلس الأمة وفي مجلس الوزراء وفي القضاء ومرفق العدالة، بل في جهات وأجهزة حكومية مهمة مثل الفتوى والتشريع والبلدية والصحة والتربية والشؤون والقوى العاملة، فضلاً عن الجهات المستقلة والملحقة، ولن تنسينا هذه القضية ملفات الفساد المالي وغسل الأموال الذي بلغ مرحلة تستوجب تحركاً مجتمعياً متكاملاً وتورط رؤوس كبيرة فيه، أما من يحاول أن يقلل من المخاطر الجسيمة التي تحف القطاع الحكومي بسبب الخلل المريع في سياسة التوظيف والتكويت في الأجهزة والمؤسسات الحكومية التي منحت غير المواطنين هيمنة بقبضة قوية تحكمية، وبرواتب عالية لمعظم هؤلاء الأجانب المهيمنين تفوق رواتب الكويتيين.أقول: من الخطأ من الناحية العلمية المقارنة الرقمية وترك القوة التأثيرية لهؤلاء الأجانب على مفاصل القرار بالدولة، وهي الأهم والأخطر، ولو راجعنا معظم الأجهزة الحكومية لوجدنا تلك الحقيقة جلية بشكل مخيف ومخجل في نفس الوقت، وهو السر في تعيين مثل هؤلاء الأجانب وهم فوق الـ65 سنة، والأخطر هو التجديد المستمر لهم، وكأن البعض يرغب في إفهامنا أن المواطنين عاجزون عن القيام بتلك المهام، استشارية أو مهنية أو فنية أو سرية، ولهم أقول إن قدرات المواطنين تتفوق على هؤلاء وتكشف ضحالتهم ومحدوديتهم، فهم "ترزية" استرضاء للمسؤولين للبقاء في وظائفهم المؤثرة ذات المرتبات الخيالية، وهو ما ينبغي معه منح هذا الملف أولوية لتخليص الجهاز الحكومي منهم وبصورة فورية.
ولهواة نقاش الأرقام والإحصائيات نضيف، لمزيد من البيان في هذا الملف، أن عدد غير الكويتيين في القطاع الحكومي يبلغ 97 ألف موظف تقريباً، في حين أن الكويتيين يقارب عددهم الـ 298500، أي أن نسبة غير الكويتيين بالجهاز الحكومي تبلغ 25٪ تقريباً من بينهم 58٪ جامعيون، أي حوالي 56 ألفاً، وقرابة 10٪ من هؤلاء يهيمنون على مفاصل القرار بالجهاز الحكومي، فإنهاء خدماتهم يوفر 56 ألف وظيفة جديدة في كل القطاعات لخريجي الجامعات الكويتيين على مدى 8 سنوات، بمعدل 7 آلاف وظيفة سنوياً، وأما بقيتهم 41 ألفاً فإن إنهاء خدماتهم يوفر 7 آلاف وظيفة سنوياً لمن هم ليسوا بخريجين على مدى 6 سنوات، وهو ما يعني أننا لن نعاني طوابير انتظار الوظيفة للكويتيين لمدة تصل من 10 إلى 12 سنة في الحكومة، فإذا أضفنا الخلل الفاحش لوضع العمالة بالقطاع الخاص، والذي يجب إلزامه بتوفير 5 آلاف وظيفة سنوياً من مجموع وظائفه التي تفوق 1500000 وظيفة فإن الوظائف ستكون متاحة للكويتي على مدى العشرين سنة القادمة، أي لسنة 2040، مع وجود الأجانب بنسبة لن تزيد بجميع الأحوال على 12٪ في المجالات الفنية والمهنية والطبية، وما شابهها أو التي لا يقوم بها الكويتيون، علماً بأنني أبقيت 450 ألف وظيفة بسيطة أو هامشية لغير الكويتيين بالوظائف التي لا يشغلها الكويتيون، مع ضرورة أن تكون جنسيات هذه الوظائف خليجية ومن اليمن والسودان وموريتانيا، لم أدخل في معادلة العمالة المنزلية وتبلغ 600 ألف، وأرى ضرورة استنزالها لـ50٪ وبذلك تصبح التركيبة السكانية تعادل 1:1 كويتي لغير كويتي، خلال 3 سنوات، بقرار وإجراءات حكومية جادة، ليصبح عدد سكان الكويت 2800000، أي بخفض مقداره مليون و600 ألف، ولكم أن تتخيلوا كيف ستصبح الكويت بخدماتها وشوارعها ورفاهها الاجتماعي وأمنها، ونتخلص من أصحاب النفوذ والجشعين من التجار بتسخير هذه العمالة لمصالحهم الخاصة... هل وصلت الرسالة؟!
أخر كلام
التكويت والاستغناء عن غير الكويتيين
01-06-2020