هل كان موليير هو الذي يكتب؟!
ظهر في فرنسا كتابٌ عنوانه "من هو موليير الحقيقي"، كتبه الناقد المسرحي جان موريس جارسون، وهو نجل موريس جارسون أستاذ القانون الجنائي بجامعة باريس، ونقيب المحامين الفرنسيين، وهو الذي كتب مقدمة الكتاب لولده، وأشار إلى أن هناك الكثير من الكُتاب، وأبرزهم شكسبير، هم في واقع الأمر موضع شكوك بالأعمال التي تُنسب إليهم... ثم يتساءل من هم أولئك الذين يقفون وراءهم؟!***• يركز كتاب "من هو موليير الحقيقي" على أن جان باتيست بوكلان موليير ليس المؤلف الحقيقي لكل تلك الأعمال الساخرة من المجتمع الفرنسي، إنما تُنسب إليه، ومؤلفها الحقيقي لويس الرابع عشر، ويقدم الأدلة الموثقة لإثبات هذا الاتهام الخطير فيقول:
"إن صاحب الجلالة كان لديه الكثير من الأفكار، وكان يرغب في عرضها على الشعب الفرنسي من خلال شخصية لديها دراية بالمسرح، فوقع الاختيار على موليير، الذي كان كاتباً فاشلاً، إذ استمر عدة سنوات في المسرح دون أن يقدم شيئاً ذا قيمة، إلا أنه متزوج من أجمل الفنانات اللواتي يعملن في المسرح، والتي كان لويس الرابع عشر قد رآها وأبدى إعجابه الشديد بها، فتم اختيار زوجها ليكون هو من تُمرّر من خلاله كتابات الملك المسرحية، إلى جانب أن تُفتح أبواب القصر الملكي لهذه الفنانة الجميلة".فهل هذه الأدلة، التي يستند إليها الكتاب، كافية لتجريد أعظم كُتاب فرنسا المسرحيين كموليير من مكانته؟! ***• نجد أن الناقد المسرحي جارسون يركز في كتابه على المستوى التعليمي لموليير، فيؤكد أنه قضى سنين طفولته وصباه مع والده بائع أثاث، ووالده جاهل لم يلقَ أي قدر من التعليم، وكذلك الأم ماري كراسيّه، وأن موليير الابن نشأ مثلهما وظل حتى الـ 14 من عمره لا يعرف القراءة والكتابة... ولجأ إلى العمل في مسرح شعبي، لأن جده كان "كومبارس" في أحد هذه المسارح، وبعد سنوات لمّا صار يكتب للمسرح كانت كتابته حافلة بالأخطاء اللغوية، لأنه كان يعرض في مسرح متجول في الأرياف، أما المسرحيات التي ظهرت باسمه، وكتبها له الملك، فكانت لغتها في غاية الرقي، إذ تضمنت مفردات من اللغة اللاتينية واليونانية، وكذلك التاريخ والفلسفة والقانون، فالملك كان يعرف الكثير من أسرار القصور وطباع النبلاء والنبيلات، ومن هو أقدر من الملك على معرفة المجتمع الراقي في عصره؟ فلا يمكن لجاهل مثل موليير أن يكتب مريض الوهم، والمتحذلقات، وتراتوف، ومدرسة الأزواج... لا يمكن لا يمكن.***• ثم يفرد الكتاب فصلاً عن تأثير زوجة موليير في شهرته، فلا أحد ينكر أن أرماند بيـﭽار كانت رائعة الجمال، ومن حسن حظ موليير أن أخلاقياتها لا تقل عن أخلاقياته، فهي كانت تمضي ليالي بمفردها في القصر الملكي، وكانت لها علاقات عديدة، وهو يعلمها جيداً، مع من يسهلون له ما يسعى إليه من الشهرة.***• بعد أن قرأت كتاب "من هو موليير الحقيقي" لم يعد يراودني أدنى شك أن الكثير مما يصل إلينا من التاريخ مشكوك في صحته.