حان وقت التصدي للعلاقات الإيرانية الفنزويلية!
تعبر الطائرات وناقلات الوقود المحيط الأطلسي من إيران وتتجه نحو فنزويلا. هي تُضعِف حملة الضغوط القصوى التي أطلقتها إدارة ترامب ضد النظامَين الحاكمَين وتهدد أمن الأميركيتَين. لا يمكن تجاهل هذا التهديد بعد اليوم!منذ أكثر من عشر سنوات، أنشأ الرئيسان السابقان محمود أحمدي نجاد في إيران وهوغو تشافيز في فنزويلا علاقة خاصة، فوجدا سبباً مشتركاً تحت راية "معاداة الإمبريالية". بدأت إيران تتعهد باستثمار الملايين لتطوير مشاريع اقتصادية دعماً لمصانع البتروكيماويات وذخائر الأسلحة الصغيرة في فنزويلا. ثم راحت المهام الدبلوماسية الإيرانية تتوسع في الحجم والقيمة الاستراتيجية، ووصل أعضاء من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى المنطقة فجأةً.في ظل العقوبات الأميركية الكبرى اليوم، يستعين البلدان مجدداً بشخصيات من حقبة أحمدي نجاد وتشافيز. لا شك في أن الرئيس الإيراني حسن روحاني والرئيس الفنزويلي المثير للجدل نيكولاس مادورو شعرا بالامتنان في مكالمتهما الأخيرة "لأن سلفَيهما بنيا علاقات ثنائية قوية وشبكات متينة للتهريب والتجارة غير القانونية ولأن مهندسي تلك العلاقات ما زالوا قادرين على متابعة نشاطاتهم".
في العام 2019، بدأت طهران وكاراكاس بتبادل سفراء جدد، وهما حجة الله سلطاني وكارلوس ألكالا كوردونيس: كان الرجلان من أبرز الشخصيات المؤثرة خلال المرحلة الأولى من بناء العلاقة الثنائية المميزة. إنها ولاية سلطاني الثانية كسفير لإيران في فنزويلا. هو تعيّن في منصبه للمرة الأولى في العام 2012، في عهد أحمدي نجاد، فيما كانت طهران وكاراكاس تنفذان الاتفاقيات التي توصّلتا إليها غداة زيارة أحمدي نجاد، فاستفاد سلطاني حينها من استكشاف الوضع واكتسب معارف جدد يمكن الاتكال عليهم مستقبلاً.كان ألكالا كوردونيس القائد العام للجيش الفنزويلي مع اقتراب نهاية عهد تشافيز في العام 2012. وربما كان انتماء السفير سابقاً إلى المؤسسة الدفاعية الفنزويلية العامل الذي أقنع النظامَين بمؤهلاته، نظراً إلى مشاريع فنزويلا العسكرية المشتركة مع طهران، لا سيما تلك المرتبطة بالذخائر وطائرات الاستطلاع بلا طيار.لكنّ رئيس فنزويلا الحالي نيكولاس مادورو ذهب أبعد من ذلك. في نيسان الماضي، عيّن طارق العيسمي وزيراً للنفط في فنزويلا، ولا شك في أن هذا القرار أسعد إيران. العيسمي جزء من السياسة الفنزويلية منذ وقت طويل وقد وصل إلى أعلى مراتب السلطة، فكان مشرّعاً وحاكماً ونائباً للرئيس ووزيراً للداخلية والصناعة... استغل العيسمي كل منصب وصل إليه لخدمة مصالح إيران وحلفائها. اتُّهِم العيسمي بتأمين وثائق سفر لعناصر من حزب الله و"حماس"، وأدى دوراً أساسياً في تجنيد عناصر حزب الله لإنشاء شبكات لتهريب المخدرات وجمع المعلومات الاستخبارية. وبحسب معطيات "مركز سيمون فيزنتال"، ثمة أدلة مفادها أن العيسمي كان المحاور بين حكومة الأرجنتين وإيران للتغطية على دور طهران في تفجير مركز "آميا" اليهودي في بوينس آيرس في العام 1994.ابتكرت إدارة ترامب سلّة عقوبات قوية أجبرت فنزويلا، التي تملك أكبر احتياطيات نفطية مثبتة في العالم، على استيراد البنزين من الخارج، كذلك، أجبرت حملة الضغوط القصوى إيران على إطلاق طائراتها وسفنها نحو أميركا الجنوبية لتقوية اقتصادها. يُعتبر مادورو من المشترين القلائل المستعدين لدفع ثمن الشحنات بالذهب والمجازفة بمواجهة عقوبات أميركية، ويجب ألا تتجاهل الولايات المتحدة هذه التطورات بعد اليوم.صرّح مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية أمام الصحافيين بأن الولايات المتحدة "لن تتحمل استمرار تدخل إيران" في شؤون فنزويلا، وأن السفن البحرية الأميركية انتشرت في المنطقة، ربما تريد بذلك أن تعترض الناقلات حين تسنح لها الفرصة، لكن ثمة حاجة إلى اتخاذ قرار جذري.تستطيع الولايات المتحدة أن تسمح للنظامَين باختراق حملة الضغوط القصوى أو تتحرك بشكلٍ حاسم لمنع إيران من توسيع بصمتها في أميركا اللاتينية، قد تكون هذه الشحنات عبارة عن معدات ووقود، لكنّ الشحنات المقبلة قد تشمل أسلحة وإرهابيين أيضاً، وفق تقرير جديد نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، ربما تساعد إيران نظام مادورو على تطوير "مركز تنصّت في شمال فنزويلا لاعتراض الاتصالات الجوية والبحرية". يجب أن يدرك المسؤولون في واشنطن أن هذه العمليات التجارية ليست طبيعية، بل إنها جزء من أحدث التطورات في علاقة استراتيجية غير شرعية بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، ومع ظهور أدلة واضحة على تدخل إيران في شؤون نصف الأرض الغربي، حان الوقت لبناء تحالف قوي وموحّد ضد النظام الإيراني الخطير وحليفه الأساسي في أميركا الجنوبية.* جايسون برودسكي