خصوم أميركا يختبرون صبرها مستغلين جائحة كورونا والاحتجاجات
مع انشغال الولايات المتحدة بمكافحة فيروس كورونا، الذي قتل أكثر من 100 ألف أميركي، والاضطرابات التي تعيشها على هامش مقتل جورج فلويد، يستغل خصوم واشنطن الفرصة لاختبار حدود قوتها وصبرها، وفقاً لتقرير مطول نشرته صحيفة «نيويورك تايمز».وتشير «نيويورك تايمز» في هذا الصدد الى «نقل الصين في الأسابيع الأخيرة قواتها إلى منطقة متنازع عليها مع الهند، ومواصلتها أعمالاً عدوانية في بحر الصين الجنوبي، ومحاولة إلغاء الحكم الذاتي في هونغ كونغ».وتلفت الى أنه في نفس الوقت تقريباً، حلقت الطائرات المقاتلة الروسية بشكل خطير بالقرب من طائرات البحرية الأميركية فوق البحر الأبيض المتوسط ، في حين أجرت قوات الفضاء الروسية اختبارًا صاروخيًا مضادًا للأقمار الاصطناعية يهدف بوضوح إلى إرسال رسالة مفادها أن موسكو يمكن أن توقف الأقمار الاصطناعية الأميركية للتجسس، وتسقط نظام «GPS» وغيرها من أنظمة الاتصالات. وأعلن الكوريون الشماليون أنهم يسرعون «بردعهم النووي»، متجاوزين عامين من الوعود المبهمة بنزع السلاح، بينما تعيد إيران إنشاء البنية التحتية اللازمة لصنع قنبلة، وفقاً لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
ورأى تقرير «نيويورك تايمز» أنه ربما يكون فيروس كورونا قد غير كل شيء تقريبًا، لكنه لم يغير هذه التحديات العالمية أمام الولايات المتحدة، مضيفاً أن خصوم أميركا يحاولون تحقيق أي مكاسب في الوقت الذي تنشغل واشنطن بأزماتها الداخلية.واعتبر التقرير أن وباء كورونا لم يخلق واقعا جديدا بقدر ما وسع الانقسامات التي كانت موجودة قبل تفشيه، وفي الوقت الذي تنظر فيه الولايات المتحدة إلى الداخل، مشغولة بالخوف من المزيد من موجة ثانية من «كورونا»، والبطالة التي ترتفع أكثر من 20 في المئة، والاحتجاجات العرقية على الصعيد الوطني التي أشعلها مقتل فلويد، فإن منافسيها يتحركون بسرعة لملء الفراغ.ويرى التقرير أن الرئيس دونالد ترامب ساعد الخصوم في بعض الحالات، فقد ترك إعلانه يوم الجمعة عن قطع العلاقات مع منظمة «الصحة العالمية» المجال أمام بكين لتوسيع نفوذها في المنظمة، كما قدم هدية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من على متن طائرة الرئاسة، عبر دعوته إلى اجتماع موسع لمجموعة الدول السبع. وذكرت «نيويورك تايمز» أن استعداد ترامب لدعوة بوتين كمحاولة لمواجهة الصين، هو أمر أكثر غموضاً، لأن الاحتكاك بين القوات الأميركية والروسية يتصاعد في الأراضي الدولية والمجال الجوي قبالة ألاسكا والبحر الأسود. ولفتت الى أن الانتقادات العلنية والصريحة غير المعتادة من قبل اثنين من كبار الضباط الأميركيين تعكس قلق «البنتاغون» الأوسع نطاقا بشأن نفوذ موسكو المتزايد في ليبيا، والتهديد الأمني الذي يلوح في الأفق على الجناح الجنوبي لـ «الناتو».ويحدث التراجع الأميركي أيضاً في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يفكر وزير الدفاع مارك إسبر في تخفيض القوات الأميركية، والمساعدة في جهود مكافحة الإرهاب التي تقودها فرنسا، وهو ما يمكن أن تفتح الباب أمام الصين وروسيا، وفقاً لستانلي ماكريستال، قائد متقاعد من العمليات الخاصة الأميركية.وفي الشرق الأوسط، هناك شعور بأن رغبة ترامب التي أعرب عنها كثيرًا في الانسحاب من المنطقة، تعطي الفرصة للقوى الأخرى، رغم تركيزه على مضاعفة العقوبات على إيران، ولكنه ليس على استعداد للمخاطرة بمواجهة مباشرة. لذلك عجّلت طهران تدريجياً إنتاجها للوقود النووي، وتجاهلت طلبات المفتشين الدوليين للوصول إلى المواقع المشبوهة ذات الصلة بالمجال النووي. وفي الخليج، حتى بعد مقتل قاسم سليماني، تختبر طهران بشكل عرضي حدود وقدرات أميركا. فقد قام ما يقرب من اثني عشر زورقًا إيرانيًا بعمليات «اقتراب ومضايقة خطيرة» لسفن البحرية الاميركة في الخليج في أبريل الماضي، ما دفع ترامب إلى توجيه أمر للبحرية بإسقاط وتدمير أي زورق حربي إذا تعرض للسفن الأميركية.ودفعت هذه التصريحات إيران إلى التراجع، لكنها زادت من شحنات النفط إلى فنزويلا، في تحد للحظر الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي يهدف إلى إزاحة الرئيس نيكولاس مادورو.وفي العراق وسورية، عاود «داعش» بعد عام من فقدان موطئ قدمه الأخيرة، بموجة من التفجيرات والكمائن وغيرها من الهجمات، بينما تنسحب القوات الأميركية في العراق من أربع قواعد، وتوقف التدريب بسبب قيود كورونا.وتنشط روسيا والصين في المنطقة، فتستمر موسكو في دعم حكومة الرئيس بشار الأسد، وهو يقترب من انتصار في الحرب الأهلية السورية، وتحتفظ الصين بقاعدة عسكرية في جيبوتي بالقرب من القاعدة الأميركية هناك، وزاد الدبلوماسيون الصينيون والشركات المملوكة للدولة من وجودهم في جميع أنحاء المنطقة.