في مطلق الأحوال، أدرك مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي سريعاً الرابط بين الظهير الرباعي في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية، كولين كابيرنيك، الذي وُضِع على اللائحة السوداء بعد ركوعه خلال عزف النشيد الوطني الأميركي تعبيراً عن احتجاجه على وحشية الشرطة، وديريك شوفين، شرطي من "مينيابوليس" طُرِد من عمله بعد الضغط بركبته على عنق رجل أسود.تعبّر هاتان الصورتان عن كل ما يجب أن يُقال حول موضوع العدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة، فقبل وقتٍ طويل من احتجاج كابيرنيك خلال النشيد الوطني، كان السود يتذمرون من ثقل حذاء الرجل الأبيض على أعناقهم، وظن الأميركيون الآخرون أنها مجرد استعارة، لكن تحققت هذه الصورة حرفياً في فيديو مدته 10 دقائق انتشر في أنحاء العالم: ركع شرطي أبيض على عنق رجل أسود ثم مات الضحية جورج فلويد (46 عاماً)، أب لولدَين.
كتب أسطورة الرابطة الوطنية لكرة السلة ليبرون جيمس على إنستغرام تحت صورة كابيرنيك والشرطي الأبيض: "هل تفهمون الآن؟ أم أن الوضع لا يزال مبهماً؟".استعملت بيرنيس كينغ، ابنة مارتن لوثر كينغ جونيور، المقارنة نفسها بين الرجلَين وكتبت في تغريدة لها مع الصورة التي نشرها جيمس: "إذا لم تشعر بالانزعاج أو انزعجت بصعوبة من الركبة الأولى لكنك شعرت بالسخط من الركبة الثانية، يعني ذلك بكلمات والدي أنك أكثر خضوعاً للنظام بدل العدالة، وأنك متعلّق بالنشيد الوطني الذي يُفترض أن يرمز إلى الحرية أكثر من تعلّقك بحرية حياة السود".منذ ست سنوات، أصبحت كلمات إيريك غارنر الأخيرة الصرخة التي تنادي بها حركة "حياة السود مهمة" بعد قتل غارنر في جزيرة "ستاتن" على يد ضابط استعمل حبلاً خانقاً محظوراً حين كان يحاول اعتقاله بتهمة بيع سجائر غير شرعية.كُتِبت عبارة "لا أستطيع التنفس" على الرايات والملصقات، وحتى على القمصان القطنية التي ارتداها جيمس وكيري إيرفينغ وكيفن غارنيت قبل مباريات الرابطة الوطنية لكرة السلة.من كان يتصور أن رجلاً أسود آخر سيقتبس الكلمات نفسها تحت ثقل شرطي وحشي آخر؟ يبدو أن الجميع توقعوا حصول ذلك! قبل أيام قليلة لم يقاوم فلويد الشرطة وكان مكبّل اليدين حين راح يتوسل الشرطي شوفين الذي ضغط بركبته على عنق فلويد طوال خمس دقائق على الأقل، فقال له: "أرجوك، أرجوك، أرجوك، لا أستطيع التنفس! معدتي تؤلمني، عنقي يؤلمني، أرجوك، أرجوك، لا أستطيع التنفس"! وتوفي فلويد بعد ساعات في أحد مستشفيات المنطقة.تزعم الشرطة أن فلويد كان متورطاً في قضية تزوير أموال في أحد متاجر البقالة وأنه قاوم الشرطة حين حاولت اعتقاله، لكن تكشف فيديوهات كاميرات المراقبة بالقرب من المتجر أن رجال الشرطة اعتقلوه بكل هدوء.طُرِد شوفين وثلاثة شرطيين متورطين بحادثة الاعتقال من عملهم، وهم توماس لاين وتو تاو وجي. ألكسندر كوينغ، لكن لم يكن طردهم كافياً لمنع التظاهرات الغاضبة من ملء شوارع "مينيابوليس" احتجاجاً على مقتل فلويد ووحشية الشرطة المسؤولة عن الحادثة.لا يُفترض أن يكون هذا التدبير كافياً أصلاً، فلم يكن موت فلويد مجرّد جنحة تستحق الطرد، بل إنها جريمة قتل ولا بد من محاكمة رجال الشرطة المتورطين.أعلن عمدة "مينيابوليس"، جاكوب فراي، خلال مؤتمر صحافي بعد الحادثة بيومين: "لماذا لم يُسجَن قاتل جورج فلويد بعد؟ لو أنكم قتلتموه أو أنا قتلتُه، لكنا الآن وراء القضبان حتماً. نحن لا نتكلم عن قرار خاطئ حصل خلال جزء من الثانية، بل تشمل تلك الدقائق الخمس حوالي 300 ثانية، وكان الشرطي يستطيع في كل ثانية منها أن يتراجع ويزيل ركبته عن عنق جورج فلويد".بعد مقتل فلويد، استرجعت والدة غارنر، غوين كار، ذكريات مؤلمة، هي انتظرت خمس سنوات قبل أن تطرد شرطة نيويورك أخيراً دانيال بانتاليو، الشرطي الذي لفّ ذراعه حول عنق غارنر حين قال هذا الأخير إنه يعجز عن التنفس، تنتظر كار حتى الآن أن تطرد الشرطة المتورطين الآخرين.تعليقاً على موت فلويد، تقول كار: "شعرتُ بأن ابني يصرخ من قبره، أنا أسمعه وهو يقول كلمات ابني إيريك في لحظاته الأخيرة... إنه شعور مؤلم لكنه إثبات جديد على أن ضباط الشرطة يتابعون تدمير حياة السود في مناطق كثيرة من بلدنا، هم يتابعون قتلنا وتتكرر القصة نفسها في كل مرة".* ليونارد غرين
مقالات
وحشية الشرطة المتكررة تفسّر موقف كولين كابيرنيك!
04-06-2020