اعتقدنا أن المرحلة الحرجة التي نمر بها الآن بسبب تفشي وباء كورونا الذي قتل وأصاب الملايين حول العالم ستجعل الناس أكثر محبة، وأنهم سيظهرون معادنهم الأصيلة، ويصفون نواياهم، ويتكاتفون ويتوحدون ويمدون يد المساعدة لبعضهم، ولكن للأسف الشديد وجدنا بعض ضعاف النفوس والباحثين عن الشهرة والتكسب المادي والمعنوي يستغلون هذه الأزمة لبث السموم، وتجاوزوا في ذلك كل الحدود، واتخذوا من مواقع التواصل الاجتماعي ساحة لنشر أفكارهم العفنة، ففاحت منهم روائح التعصب والحقد والكراهية والعنصرية، ولم يكتف هؤلاء بترويج الشائعات والطعن في العرض والشرف، بل وصل بهم الأمر إلى الفتنة وضرب العلاقات بين الدول الشقيقة التي تربطها علاقات تاريخية قائمة على الأخوة والدم والدين.وفي الحقيقة فإن المراقب لمواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها «تويتر» خلال الفترة الماضية يرى أن هناك تجاوزات وخروجا عن النص بطريقة غير مسبوقة، حيث خصص البعض جل أوقاتهم للسب والقذف والتشكيك في كل المجهودات التي تقوم بها الدولة لمكافحة وباء كورونا، وتوجيه أصابع الاتهام للمسؤولين دون سند وأدلة، في حين خصص فريق آخر حساباتهم لبث سموم الفرقة بين أبناء الشعبين الكويتي والمصري، وتحولت مواقع التواصل إلى ساحات للمعارك والشد والجذب والإساءة لدولتين تربطهما أواصر المحبة والنسب، حيث ظن هؤلاء أنهم قادرون على ضرب إسفين بين البلدين وإدخالهما في صراعات وهمية من صنع خيال هؤلاء المرضى الذين يؤلفون القصص والحكايات، ويتكسبون منها، ولكن بالتأكيد سيكون كيدهم في نحرهم.
ومع كامل احترامنا وتأييدنا للكثير من المطالب العادلة التي ينادي بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص تكويت الوظائف وتعديل ميزان التركيبة السكانية المائل كثيراً، ومنح الفرص للكفاءات الوطنية لتولي مناصب يقوم بها وافدون وهم أولى بها، ولكن يجب أن تكون الطريقة التي نحقق بها هذه المطالب المشروعة والمرغوبة من الجميع طريقة حضارية تضع الحلول الواقعية على المديين القصير والطويل لإحلال الكويتيين في الكثير من الوظائف، ولا تستخدم أسلوب الردح ومصطلحات تفوح منها رائحة العنصرية، وتعمم على جميع الوافدين صفات سلبية، وتحمّل أبناء بعض الجاليات مسؤولية كل فساد وتراجع في البلاد، فهذا كلام غير منطقي لا يقنع أحداً بل يأتي بنتائج عكسية.وما أود التركيز عليه هنا أن ما يحدث من بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي من تجريح وسب ومطالبات بترحيل جميع الوافدين وإلقائهم في الصحراء لا يضر من يروّج هذا الكلام فقط، إنما يمثل إساءة كبيرة إلى الكويت دولة الإنسانية وصاحبة الأيادي البيضاء على كل الناس في كل بقاع العالم، لذا يجب أن تتوارى هذه الأصوات النشاز التي تغرد خارج سرب ما رسمه صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، والمكانة الراقية التي وضع فيها الكويت إقليمياً وعالمياً، ويجب أن تكون لأجهزة الدولة قبضة من حديد على من يروجون الشائعات، ويحبطون همم القائمين على البلاد، وينشرون الفتن، ويسعون إلى الوقيعة بين الشعوب الشقيقة التي امتزجت دماء أبنائها في الحروب بهذه الأرض وتعاونت في البناء والتعمير، وحفظ الله بلادنا الحبيبة الكويت وكل الدول الشقيقة والصديقة وحمانا من مروجي الفتن وأصحاب الأجندات الهادمة.
مقالات - اضافات
أولاً وأخيراً: التغريد خارج سرب دولة الإنسانية
05-06-2020