يكثر الحديث هذه الأيام عن موضوع التطوع والمكافأة، وأصبحت أكثر من جهة تطالب بالمكافأة عن عملها التطوعي، فعندما بدأت جائحة كورونا (كوفيد-19) التي هزت العالم الحديث برمته وشلت حركة الحياة بمناحيها ولأول مرة في التاريخ الحديث، لم تفرق بين رجل أو امرأة أو طفل، أو بين آسيوي أو إفريقي أو أميركي. صحيح أن أحداثا كبرى وعالمية وقعت، ولكنها حدثت في رقعة جغرافية معينة وانتهت بعد فترة، فحل الدمار وتدهور الاقتصاد لفترة معينة وفي عدة دول، لكن هذا الوباء الذي اجتاح العالم كان أشد في حياة الذين ولدوا في بداية القرن العشرين حتى يومنا هذا، وفي ظل تفشي الأوبئة، والكوارث، والحروب يقوم الناس بالتطوع في بادرة إنسانية تلقائية ويتوحدون للوقوف في وجه هذه الكوارث والحروب.
عندنا في الكويت هب أبناء الشعب وعلى مر كل العقود الماضية بتكاتفهم وتعاونهم بالتطوع من أجل بلدهم الغالي، وهذه الأيام التي نعيشها مع وباء كورونا ومنذ البداية تطوع الكثير من أبناء الشعب الكويتي للعمل معا في سبيل مكافحة هذا الوباء، ووقفت في الصفوف الأمامية الأطقم الطبية الكويتية وغير الكويتية لحماية المجتمع من هذا الوباء وأبلوا بلاء حسنا، يستحقون عليه الشكر والتقدير. الشكر أيضا موصول للأجهزة الأخرى في الدولة، وكذلك المساهمة الشعبية في هذا المجال من متطوعين ومتطوعات، كل ذلك كان بدافع وطني بحت بدون انتظار أي مكافأة سواء مادية أو معنوية، ولكن هناك فرق بين الذي يعمل والذي لا يعمل، الأول يجب مكافأته ماديا ومعنويا، وأكرر مرة أخرى خصوصا الذين في الصفوف الأمامية، أما الآخرون فيكافؤون على تطوعهم معنويا الذي يعتبر أكثر قيمة من المكافأة المادية. علينا الآن ألا ننشغل في مسألة المكافأة لأن المواجهة مع الوباء لم تنته بعد، وتحتاج إلى وقت، حسب تصريحات الجهات الصحية، التي مازالت تناشد أفراد المجتمع أن يتبعوا التعليمات والإرشادات وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي، كي تتمكن الجهات المعنية من أداء عملها على أحسن وجه، وتعود الحياة إلى طبيعتها مع حدوث بعض التغير في السلوك والعادات. علينا جميعا أن نشيد بهؤلاء الذين تطوعوا من رجال ونساء مواطنين وغير مواطنين، وأن نقف احتراماً وتقديراً لدورهم الإنساني الوطني، والله يحفظ البلاد والعباد من هذا الوباء وغيره، ويحفظ الله العالم أجمع، وبما أن الصحافة وأجهزة الإعلام الأخرى تؤدي دورا كبيرا في حياة الناس لما تمدهم به من أخبار ومعلومات وتحليلات، فالواجب أن تكون أداة عون لتوعية الرأي العام، ونشر المعلومات الصحية عن هذا الوباء المستشري في العالم، ونقل التصريحات الرسمية من مصادرها، كما على وسائل التواصل الاجتماعي أن تتحاشى نشر الشائعات، أو المعلومات المغلوطة، وأن تؤدي دورا إيجابيا في نقل الحقائق والمعلومات الصحية لما فيه المصلحة العامة. ونظرا للدور الرائد للصحافة المحترمة وتقديرا لدورها فقد أشاد بها بعض الشعراء والأدباء، وهنا أقتبس كلمات قالها الأديب المرحوم أحمد بشر الرومي بحق الصحافة وهي: «إن للصحف بقلبي منزلاً أغلي نزولهإنما الصحف كطيرٍ يشتهي الحُر هديلهكل من شاء رقياً صيّر الصحف سبيلهفيها خير حياة وهي للعلم وسيلةوقد نشرت هذه القصيدة في كتاب المرحوم الشيخ عيسي بن يوسف القناعي "من تاريخ الكويت".
مقالات
التطوع واجب وطني
07-06-2020