صدر تقرير جديد عن الأمم المتحدة، وهو جزء من التحديث السنوي الذي يقوم به «فريق الدعم التحليلي ومراقبة العقوبات» أمام مجلس الأمن حول أفغانستان. يسلّط التقرير الضوء على أكبر المصاعب الكامنة وراء اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان».في التفصيل، صدر التقرير في أواخر أبريل الماضي وتم إرساله إلى مجلس الأمن في 19 مايو ونُشِر علناً في 2 يونيو، ركّزت التغطية الإعلامية المرتبطة به على الفكرة القائلة إن «طالبان» تحافظ على علاقاتها مع تنظيم «القاعدة» حتى الآن، لكن يشكّل التقرير، عند تقييمه بكليّته، إثباتاً على هشاشة الاتفاق الأميركي مع «طالبان».
يذكر ملخّص التقرير: «لا تزال العلاقات بين «طالبان»، لا سيما شبكة حقاني، و»القاعدة» وثيقة وهي مبنية على الصداقة وتاريخ من الصراعات المشتركة والتعاطف الإيديولوجي والتزاوج، كانت «طالبان» تستشير «القاعدة» دوماً خلال المفاوضات مع الولايات المتحدة وتقدم لها وعوداً تضمن احترام روابطهما التاريخية، إذ تعاملت «القاعدة» بإيجابية مع الاتفاق الثنائي، وقد احتفل عناصرها به في بياناتهم باعتباره انتصاراً لقضية «طالبان» والتطرف العالمي».حمل الاتفاق بين الولايات المتحدة و»طالبان» رسمياً عنوان «اتفاق من أجل إرساء السلام في أفغانستان بين «إمارة أفغانستان الإسلامية» غير المعترف بها من الولايات المتحدة كدولة والمعروفة باسم «طالبان»، والولايات المتحدة»، حيث يتألف ذلك الاتفاق من أربعة أجزاء، ويُعتبر أول جزأين منه تمهيداً للجزئين الأخيرَين: 1- تقديم ضمانات «تمنع أي جماعة أو فرد من استعمال أرض أفغانستان ضد أمن الولايات المتحدة وحلفائها». 2- تحديد جدول زمني معلن لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان. 3- إطلاق مفاوضات أفغانية داخلية تبدأ في 10 مارس. 4- وقف إطلاق النار بشكلٍ دائم وشامل. لكن تقرير الأمم المتحدة الجديد يذكر باللغة الدبلوماسية الصرفة أن «الاختلافات في تفسير الاتفاق يصعب حلّها».يتّضح اختلاف أساسي عبر أعمال العنف المتكررة في أفغانستان، إذ تتابع حركة «طالبان» شن اعتداءات ضد القوات الحكومية الأفغانية، وفي هذا الإطار، يضيف التقرير: «أعلن حلف الناتو والولايات المتحدة أنهما لا ينويان وقف دعمهما للدفاع الوطني الأفغاني وقوى الأمن، بل إنهما سيتابعان الدفاع عن هذه الأطراف إذا تعرّضت للهجوم».لم تشارك الحكومة الأفغانية في اتفاق 29 فبراير ولم تبدأ المحادثات الأفغانية الداخلية في 10 مارس كما كان مقرراً، وبعد خلاف أولي بسبب وعود بإطلاق سراح الأسرى في الاتفاق من دون مناقشة الموضوع مع الحكومة الأفغانية، بقيت المشاكل عالقة رغم تحرير عدد من السجناء وبدء المحادثات.أعلنت الأطراف المتناحرة وقف إطلاق النار في عطلة عيد الفطر، مع نهاية شهر رمضان، بين 24 و26 مايو، فشهدت هذه الفترة تراجعاً واضحاً في الاعتداءات وفق مصادر المسؤولين الأفغان، لكن في الوقت نفسه سُجّلت انتهاكات متعددة لاتفاق وقف إطلاق النار واستمرت الاعتداءات في بعض الأماكن، فقد حاولت الحكومة الأفغانية التي توحّدت حديثاً بموجب اتفاق سياسي على تقاسم السلطة بين أشرف غني وعبدالله عبدالله (أعلن كل واحد منهما الفوز بالانتخابات الرئاسية في السنة الماضية) الاستفادة من وقف إطلاق النار خلال العيد عبر تكثيف محادثاتها وتوسيع عملية إطلاق الأسرى، لكن تفيد قناة «تولو نيوز» الأفغانية بأن حركة «طالبان» تزعم راهناً أن 426 أسيراً من أصل 2710 أطلقتهم الحكومة الأفغانية لا ينتمون إليها، وفي المقابل، تقول الحكومة الأفغانية إن الأسرى المحررين من «طالبان» ويبلغ عددهم 460 فرداً لا ينتمون إلى القوات الحكومية أيضاً، وهذا النوع من تصيّد الأخطاء يعطي كل طرف فرصة اتهام الطرف الآخر مستقبلاً بانتهاك الاتفاق وعدم الالتزام به. قد يكون الاتفاق بين الولايات المتحدة و»طالبان» هشاً في بعض المجالات، لكنه يسمّي تنظيم «القاعدة» بأسلوب يصعب تحريفه أو تفسيره بطرق مختلفة: «حركة طالبان لن تسمح لأي من عناصرها، أفراداً أو جماعات، بما في ذلك «القاعدة»، باستعمال الأراضي الأفغانية لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها».تشكّل الروابط العميقة بين «طالبان» و»القاعدة» إذاً جانباً جدّياً ومهماً من الوقائع الميدانية وقد تؤدي إلى انهيار الاتفاق بالكامل في نهاية المطاف، وفي هذا السياق يذكر تقرير الأمم المتحدة: «اعتبرت إحدى الدول الأعضاء أن الاجتماعات المتكررة بين كبار المسؤولين في «القاعدة» و»طالبان» جعلت احتمال حصول شرخ بينهما مجرّد وهم».* كاثرين بوتز
مقالات
تقرير الأمم المتحدة: «طالبان» تحافظ على علاقاتها مع «القاعدة»!
07-06-2020