النحاس يردع «نحس» كورونا
بين وقت وآخر يظهر «الوجه الحسن» لفيروس كورونا في ظل الأخبار السيئة عنه، والأوصاف المذمومة التي أطلقت عليه، فقد أعاد إحياء مواد التنظيف والتعقيم بشكل غير مسبوق وأنعش أجهزة التنفس الاصطناعي على مستوى العالم وجعل أدوات الحماية والألبسة الواقية تحتل المرتبة الأولى من حيث الطلب عليها!اليوم أزاح الستار عن معدن كاد يفقد لمعانه وهو النحاس، ورفعه إلى الواجهة من جديد! والسبب أن العلماء أعادوا تركيز الأضواء على خاصية يتمتع بها تجعله من السلع المرغوب في شرائها، وإذ كان مع كل موجة جديدة من الفيروسات يتم ربطه وإعادة اعتباره. فقد نشرت مجلة «England Journal of medicine» مقرها الولايات المتحدة الأميركية على موقعها على الإنترنت نتائج تجربة عن عدد الساعات التي يمكن للفيروس أن يعيش فيها على الأسطح.
وبحسب التقرير وجد في النتائج أنه يعيش لفترة أطول على الحديد المقاوم للصدأ والبلاستيك ولمدة تصل إلى يومين أو ثلاثة أيام، في حين يعيش على الورق المقوى 24 ساعة، أما على الأسطح النحاسية فلن يزيد على ساعتين إلى أربع ساعات! دراسة أخرى عزّزت استعمالات النحاس، واعتبرته أحدث سلاح في المعركة الدائرة الآن للسيطرة على انتشار «covid-19» بعدما أقدمت شركة طباعة ثلاثية الأبعاد في ملبورن بأستراليا، على تركيب ألواح الأبواب المصنوعة من النحاس، ومقابض الأبواب في العديد من المرافق الحكومية والمباني الجامعية، وتضيف، «هناك أدلة على أن النحاس يمكن أن يدمر السارس «covid-2» أيضاً»، كما أوضح رئيس مختبر في جامعة فليندرز الأسترالية بقوله «أنه يستخدم بالفعل كطلاء مضاد للميكروبات في الأجهزة الطبية، نظراً لأنه مضاد للبكتيريا»، وعليه قامت الشركة بطلاء مقابض الأبواب بالنحاس على أمل جعلها أكثر أماناً خلال أزمة «covid-19». وهكذا خلصت الدراسة إلى أن الفيروس «covid-19» المسبب لوباء كورونا يعيش بسعادة على الحديد المقاوم للصدأ ويموت بسرعة على النحاس! كما تشرح المجلة الأميركية «نيو إنغلاند جورنال» يظهر أن الحديد المقاوم للصدأ هو ميناء جيد لـ»sars-cov-2» لأن الفيروس كان ولا يزال قابلاً للكشف عنه بعد مرور 72 ساعة. تجديد الاهتمام بالنحاس قد يكون له فوائد صحية، وإن كان بطبيعة خصائصه مضادا للميكروبات وفي هذا الصدد نقلت الصحف البريطانية كلاماً منسوباً لأستاذ الرعاية الصحية البيئية في جامعة ساوثهامبتون: «لقد رأينا الفيروسات تتفكك على النحاس! إنها تهبط- أي الفيروسات- على النحاس وهو يحطمها!». أسئلة مشروعة تطرح في هذا السياق: إذا كان الجنود المصريون والبابليون في العصور القديمة استخدموه لتعقيم الجروح واليونانيون والرومان لعلاج الصداع والتهابات الأذن، والهنود (الأوعية النحاسية) لنقل المياه، فهل يمكن أن يكون أداة فاعلة «تقهر» كورونا من خلال استخداماته في المستشفيات أو المراحيض أو الأماكن العامة ولا سيما مقابض الأبواب؟ ربما كانت موافقة وكالة حماية البيئة الأميركية على تسجيل سبائك النحاس باعتبارها مواد مضادة للميكروبات ذات فوائد صحية عامة، من العوامل المشجعة للشركات المصنعة بالسعي إلى الحصول على موافقات لمنتجات تدخل فيها صناعة النحاس، مثل السرائر، والأحواض، والحنفيات، ومسكات الأبواب، ولوحات مفاتيح الكمبيوتر والسفن وغيرها. قد يكون الجديد بالموضوع أن كورونا فتح الأعين على النحاس من زاوية الاستفادة منه طبياً وتجارياً بعدما يتم إدخاله في صناعة الملابس، والتي تلاقي رواجاً في الغالب، ولعل ذلك يزيد أسعار النحاس في السوق العالمي ويحوله إلى «سلعة غالية الثمن» لا سيما «النحاس الأحمر الصافي» الذي كان صيداً ثميناً للبنغاليين الذين امتهنوا سرقة كيبلات الكهرباء، وبيعها بالسوق السوداء بالكويت، فقد وصل سعر الطن الواحد إلى نحو 6 آلاف دولار! علماً أن تمثال الحرية في نيويورك تم طلاؤه بالنحاس واكتسى اللون الأخضر نتيجة تفاعله كيميائيا. هنا وعند الجيل المؤسس كانت استعمالات النحاس تدخل معظم البيوت، وسوق الصفافير في منطقة «شرق» شاهد على ذلك وإن كان تراجع كثيراً، لكنه يبقى حاضراً في المناسبات خصوصا «دلال القهوة» التي «تلمع ذهبا» لحظة عرضها أمام الضيوف، وهي محاطة بالفحم المشتعل وكأنه مصبوغ باللون الأحمر. أجدادنا أدمنوا استخدام النحاس، ولم يخطر في بال أحد منهم أنه سيأتي يوم يتحول فيه إلى طارد للبكتيريا وقاهر لفيروس كورونا!
هل يمكن أن يكون النحاس أداة فاعلة «تقهر» كورونا من خلال استخداماته في المستشفيات أو المراحيض أو الأماكن العامة؟