لم تمر التظاهرة «المطلبية»، التي شهدها وسط بيروت أمس الأول مرور الكرام، بل فتحت مجدداً باب الاشتباكات المسلحة والاستفزازات الطائفية والمذهبية التي أعادت لبنان إلى مرحلة ما قبل تحرك 17 أكتوبر الماضي، بعدما اعتقد اللبنانيون أن تلك الصراعات ولّت ودفنت.

وشكّلت المطالبة بنزع سلاح «حزب الله» من بعض المشاركين في التظاهرة لغماً معداً للانفجار، بعد بروز مؤشرات خلال الأيام الماضية تنذر باستخدام الحزب ورقة «الشارع في مواجهة الشارع» لتخويف المشاركين، في محاولة منه لاختطاف قرار الحراك وتوجيهه اتجاهات مختلفة، وإسكات كل من يحاول التطرق إلى سلاحه.

Ad

ونزل جمهور «الثنائي الشيعي» إلى ساحة «الشهداء» وحاولوا الاعتداء على المتظاهرين، لكن ما زاد الأمور سوءاً، أنّ هذا الجمهور لم يكتف بإطلاق هتاف «شيعة شيعة» الاعتيادي، لكنه وجه شتائم إلى رموز سياسية ودينية، الأمر الذي انعكس توتراً في الشارع، وأدى إلى احتقان مذهبي سني- شيعي، وطائفي شيعي- مسيحي في بيروت، تحوّل إلى اشتباكات بين مناصرين لـ»حزب الله» من جهة، وتيار «المستقبل» و»القوات اللبنانية» من جهة أخرى.

ووقعت الاشتباكات في منطقتين حساستين، الأولى بين شارع بربور (شيعة) والطريق الجديد (سنة) عند أحد تقاطعات كورنيش المزرعة، في مشهد يذكر بذروة الانقسام السني- الشيعي، وما رافقها من أحداث في 7 مايو 2008 عندما احتل الحزب بيروت.

أما المنطقة الثانية فكانت عين الرمانة (مسيحيون) – الشياح (شيعة)، في مشهد يذكر ببداية الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، أو ما يعرف بحادثة «بوسطة عين الرمانة».

وأجمعت ردود الفعل الرسمية خلال الـ24 ساعة الماضية على ضرورة وأد الفتنة، إذ ناشد رئيس الجمهورية ميشال عون «الحكماء الذين عايشوا أحداث 1975-1976 «وَأد هذه الفتنة الناجمة عن المساس بمقدساتنا الدينية والروحية والمعنوية»، في وقت قال رئيس مجلس النواب نبيه بري إن «الفتنة تطل مجدداً برأسها لاغتيال الوطن ووحدته الوطنية واستهداف سلمه الأهلي... وهي أشد من القتل، ملعون من يوقظها، فحذار من الوقوع في أتونها، فهي لن تبقي ولن تذر، ولن ينجو منها حتى مدبروها وممولوها».