سالم سرور بطل كويتي ترجّل
فقدت الكويت الأسبوع الماضي أحد أبنائها البررة، ورجلاً من الذين شهد لهم القاصي والداني بالشجاعة والفداء والعبقرية العسكرية والتواضع الجم، سجل اسمه بأحرف من نور في سجل المقاومة الكويتية أثناء الغزو العراقي الغاشم عام 1990 وهو اللواء الركن سالم مسعود سرور قائد «معركة الجسور» الشهيرة.في ذلك اليوم العصيب الثاني من أغسطس تماسك العقيد سالم سرور وإخوانه من خيرة أبناء الوطن ضباطاً وأفراداً في اللواء المدرع الـ35 (سمي لاحقاً لواء الشهيد)، فقاوموا المعتدين بعنف رغم المباغتة العراقية بالغزو وعدم الاستعداد الكامل بسبب النوايا الحسنة للكويت، فوقعت ملحمة وطنية كويتية يذكرها التاريخ باسم «معركة الجسور»، وموقعها حالياً عند الجسور الواقعة في امتداد الدائري السادس ومنطقة الجهراء والسالمي، أربكت الهجمة الكويتية الشجاعة حسابات الجيش العراقي (فرقة حمورابي) الذي تفوق أعداده الجيش الكويتي بمئات المرات في العدة والعتاد، وكما قال سالم سرور بنفسه رحمه الله: «صدرت الأوامر من آمر اللواء بفتح النار على العدو والاشتباك معه، وأبلغت القيادة بذلك، وكان ذلك الساعة 6.45 من صباح يوم الخميس، ففوجئ العدو بالرماية عليه في الوقت الذي لم يكن يتوقع أية مقاومة، وبدأت قواته تتخبط وتتصادم وهي تحاول تجنب نيران قواتنا التي انهالت عليه بشكل مكثف»، وقد وثق سالم سرور، رحمه الله، هذا اليوم العظيم في مؤلف قيّم سماه «اللواء المدرع الخامس والثلاثون ودوره في معركة الجسور وتحرير الكويت»، وهو من الإصدارات الرائعة لمركز البحوث والدراسات الكويتية.
وفي نهاية تلك المواجهة وبقرار عسكري شجاع وناجح أثبت العقلية القيادية المتميزة التي يملكها قرر العقيد سالم سرور الانسحاب بقواته إلى المملكة العربية السعودية للحفاظ على القوة البرية الكويتية، وعددها قرابة 800 دبابة كانت النواة التي شكل منها الجيش الكويتي لاحقاً للمشاركة في تحرير الكويت، وأصبحت معركة الجسور محاضرة عسكرية تدرس وتروى للأجيال اللاحقة.من يعرف اللواء سالم سرور يعرف الجانب الآخر لشخصيته المتواضعة وأفعاله الشهمة وحب مساعدته للناس، وقد أكرمني الله أن قابلت اللواء سالم سرور في المسجد ذات مرة، فسلمت عليه وقلت له لن ننسى بطولاتك وكل أهل الكويت يحبونك، فابتسم وردّ بلطف وبصوت بالكاد تسمعه رحمه الله.إننا نطالب مجلس الوزراء الموقر بإطلاق اسم اللواء سالم مسعود سرور على أحد الطرق أو المعالم الرئيسة في الكويت تخليداً لبطولاته وفدائه، رحمه الله، ونكرر مطالباتنا التي كتبناها مرات عديدة بضرورة تدريس التاريخ المشرف لرجال ونساء الكويت للأجيال اللاحقة، ليعرفوا تضحيات ومناقب المخلصين في هذا الوطن، والله الموفق.