هل سنضيع هذه الفرصة التاريخية؟
لدينا فرصة تاريخية وهي أن ما يحدث من مطالبات لتعديل التركيبة السكانية في الكويت، يحدث في أغلب الدول، وهذا يعني أن على الدول المصدرة للعمالة إلى الكويت أن تفهم الوضع، لأنها ستواجه ذلك مع دول أخرى، فلا يجوز أن نضيع هذه الفرصة.
مع زخم المطالبات بتعديل التركيبة السكانية، والضغط الشعبي، أعلن رئيس الحكومة اعتبار تعديل التركيبة السكانية أولوية، ولكن للأسف كالعادة لم يتم التطرق إلى كيف، ومتى، وبأي طريقة؟إن وضع هدف عام دون تحديد مدى زمني أو تحديد خطوات أو أهداف جزئية أو مرحلية للوصول إلى الهدف العام يعني بلغة السياسة تسويفاً للموضوع، وكسباً للوقت، وانتظاراً لكي «تنسى» الناس، وبرأيي بعد كل هذه التجربة مع كورونا وكل ما حدث، فإن تعديل التركيبة السكانية لم يعد فكرة أو تنظيراً، بل هو حاجة ماسة لأمن ومستقبل المجتمع بكل مكوناته، وليس لمصلحة الكويتيين فقط.وهنا لا ننطلق مما ينطلق منه المتشنجون ولا نتعاطى بموضوع حيوي بعاطفية، إنما نريد معالجة حقيقية لوضع خطير متأزم أصلاً من قبل ظهور كورونا، ولكن لكورونا الفضل في تسليط الضوء وخلق إجماع، وبكل أسف ما أراه من رد فعل للحكومة لا يتسق مع رغبة حقيقية في التغيير الحقيقي.
والتغيير الحقيقي يجب أن يكون بإنشاء لجنة تعد تقريرا واضحا عن التغيير، يعالج بدايةً تجار الإقامات والعمالة الهامشية، ويجد حلاً للكويتيين العاطلين عن العمل (30-40 ألف كويتي)، ويعالج أيضاً متطلبات السوق المستقبلية، وتكون الخطة مقسمة إلى فترات زمنية وأن تكون الأعمال والنتائج معلنة.وبهذا الصدد فإن كان نواب الأمة يريدون أن يختموا أعمال مجلسهم قبل الانتخابات فعليهم إصدار التشريعات المناسبة لتعديل التركيبة السكانية، أما الكلام والصراخ فهو مأخوذ خيره، وإذا كان هناك من يعتقد أن من الممكن عكس النسبة بحيث يكون الكويتيون 70% وغير الكويتيين 30%، فإن ذلك مستحيل، ولا يقبله عقل أو منطق، وأقول لو استطعنا أن نصل بنسبة الكويتيين إلى 40 إلى 50% فمن يفعل ذلك سيكون بطلاً قومياً وسيخلد اسمه في تاريخ الكويت!والتعديل ليس في النسبة فقط، إنما في النوعية وهو الأهم، فمثلاً لا معنى لدخول عمالة عادية للبلد إذا كان عمر العامل يزيد على 30 سنة، لأن فتح باب القدوم للكويت لكبار السن باختصار يعني احتمال أن إلقاء عبء على الجهاز الصحي وارد جدا، وإذا كان الفحص الطبي قبل كورونا يتركز على أمراض الكبد أو الإيدز أو ما شابه، فالمطلوب الآن التأكد من الخلو من أمراض الضغط والسكر حتى لا نزيد العبء على الجهاز الطبي أيضاً، وكذلك يجب أن نهتم بالمستوى التعليمي وبتوزيع مناسب للجنسيات.لدينا فرصة تاريخية وهي أن ما يحدث من مطالبات لتعديل التركيبة السكانية في الكويت، يحدث في أغلب الدول، وهذا يعني أن على الدول المصدرة للعمالة إلى الكويت أن تفهم الوضع، لأنها ستواجه ذلك مع دول أخرى، فلا يجوز أن نضيع هذه الفرصة.