المتظاهرون البيض يشاركون بكثافة في الاحتجاجات
في وقت خرجت الحشود في مدن الولايات المتحدة دعما للمتحدرين من أصول إفريقية، يرفع متظاهرون بيض شعار "صمت البيض عنف"، خلال مشاركتهم بكثافة غير مسبوقة في هذا النوع من الاحتجاجات، في مسعى للفت النظر الى أن العنصرية متجذرة في البلاد بشكل يتجاوز سلوكيات الشرطة.وأعادت وفاة الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد في مينيابوليس والاحتجاجات التي أثارتها، إحياء الانتقادات المبطنة منذ زمن طويل بشأن تهاون الأميركيين البيض مع العنصرية الممنهجة الراسخة في أسلوب حياتهم.وكانت الكاتبة المسرحية كريستا نايت، التي تظاهرت في عطلة نهاية الأسبوع في مانهاتن بين العديد من المحتجين الذين رفعوا لافتات حملت شعارات على غرار "تواطؤ" للتعبير مع تضامنهم مع حركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود تهم).
وكانت تلك المرة الأولى التي تشارك فيها الكاتبة البيضاء البشرة البالغة 36 عاما في مسيرة من أجل قضية السود، إذ اعتبرت أن التزام المنزل "أشبه ببعث رسالة مفادها أن الأمر لا يهمني". وتأسست حركة "حياة السود تهم" عام 2013 ردا على تبرئة رجل أبيض قتل الشاب الأسود ترايفون مارتن (17 عاما) في فلوريدا.وتنامت سريعا مذاك حول العالم فظهرت مجموعات، وتم تنظيم فعاليات للفت الأنظار إلى "سلوكيات ممنهجة"، عادة ما تجاهلها الأميركيون البيض الذين تشير الإحصاءات إلى أنهم الأقل تأثرا بهذه القضايا، بما فيها استخدام الشرطة القوة والفوارق فيما يتعلق بالسكن والتعليم والرعاية الصحية.وغذت الحركة وعيا متزايدا لهذه المشاكل، وأنشأت إطارا تنظيميا على مدى سنوات، ما أسس للقوى التي ولدت تظاهرات اليوم.وترى كانداس ماكوي، المتخصصة في علم الجريمة من جامعة "سيتي" في نيويورك والتي كتبت عن تكتيكات التظاهر، أن "من الفوارق الأساسية في هذه الاحتجاجات مقارنة بغيرها في السنوات الثلاثين الماضية، أن هناك نسبة كبيرة من البيض الذين يتظاهرون من أجل حصول السود على حقوق متساوية". وتقارن الحراك الحالي بالتظاهرات المطالبة بالحقوق المدنية التي خرجت في ستينيات القرن الماضي، خصوصا "المسيرة إلى واشنطن من أجل الوظائف والحرية" التي قادها مارتن لوثر كينغ الابن في 28 اغسطس 1963.وحتى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لاحظ الفرق قائلا مؤخرا إن محتجين "أكثر تمثيلا لشرائح المجتمع الأميركي المختلفة يتظاهرون بشكل سلمي في الشوارع، شعروا بأن عليهم القيام بأمر ما حيال اللامساواة التي شهدوها"، مضيفا: "هناك تغير في العقلية".وبالنسبة للعديد من الشباب، كان التظاهر الخطوة الطبيعية الواجب القيام بها.وأشار عازف الموسيقى روس (25 عاما) الذي أقام في عدة مدن بينها نيو أورلينز وهيوستن ونيويورك إلى أن رؤية الخوف الذي شعر به أصدقاؤه السود من عناصر الشرطة كان مقلقا بالنسبة إليه.وشدد على أن المشاركة في مسيرات باسم العدالة من أجل "أصدقائنا وجيراننا" أمر ضروري جدا، متابعا: "من الخطأ السماح باستمرار هذا الفصل".وتجذب المسيرات، التي خرجت من نيويورك إلى لوس أنجلس وفي عدة بلدات صغيرة ومناطق ريفية في أنحاء البلاد، الأجيال الأكبر سنا كذلك.وقالت ماريان ماكراي (58 عاما): "شاركت في مسيرات عدة من أجل قضايا أخرى، لكن هذه المرة الأولى التي أخرج فيها" للتظاهر تضامنا مع حركة "حياة السود تهم".ويرجح نحو 49 في المئة من الأميركيين البيض الآن أن تستخدم الشرطة القوة المفرطة بحق مشتبه به من السود، مقارنة بـ25 في المئة اعتبروا الأمر مرجحا عام 2016.ويعتبر 78 في المئة من الأميركيين أن الغضب الذي أثارته وفاة جورج فلويد مبرر "بشكل كامل" أو "جزئيا".