وسط ترقب للنتائج التي يتوقع أن ترسم ملامح المرحلة المقبلة وموازين القوى داخليا وخطوط التماس والتوتر إقليميا ودوليا على الساحة العراقية، وضعت حكومة رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي اللمسات الأخيرة استعدادا للحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.وأكد وزير الخارجية فؤاد حسين إكمال الاستعدادات لخوض جولة الحوار عقب اجتماعه مع سفير واشنطن لدى بغداد ماثيو تولر أمس.
وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف، في بيان، بأن "الخطوة تعتبر محطة مهمة من شأنها تأطير الأولويات لدى بغداد وواشنطن"، مشدداً على "ضرورة الاستمرار في التطوير الإيجابي لمختلف أوجه التعاون الثنائي المتميز".من جانبه، أعرب السفير الأميركي عن تهانيه للوزير بمناسبة تسلمه منصبه وزيرا لخارجية جمهورية العراق.وذكرت وزارة الخارجية العراقية أن حسين تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أمس.وأعرب صالح والحلبوسي، خلال الاتصال، عن تهانيهما وتمنياتهما للوزير الجديد بالتوفيق في أداء مهامه، وأكدا "أهمية تعزيز علاقات العراق مع العالم بما يعود بالنفع، ويحقق تطلعات الشعب". وأكد حسين أن "الوزارة ستمضي باتجاه تعزيز علاقات متوازنة مبنية على تحقيق مصالح العراق، وتحقيق تطلعات شعبنا، وتنفيذ ما يتعلق بالسياسة الخارجية ضمن المنهاج الحكومي".وكان حسين يشغل منصب وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء السابق، عادل عبدالمهدي، عن حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني، قبل أن يتسلم وزارة الخارجية أمس الأول.ويتوقع أن يناقش الحوار المرتقب ملفات ساخنة ومعقدة تتضمن التواجد العسكري الأميركي على الأراضي العراقية ونفوذ الميليشيات المسلحة المدعوة من إيران.ويخوض الكاظمي، المقرب من أميركا، والذي أتى بعد سلسلة تفاهمات بين طهران وواشنطن لإعادة التواصل بينهما "خطوة خطوة"، الحوار وسط توتر بين حليفي بغداد، إضافة إلى أزمة مالية خانقة مع تراجع إيرادات النفط واستمرار "الحراك الشعبي" الذي انطلق قبل 8 أشهر ضد الطبقة السياسية والفساد.
تصاعد الاحتجاجات
إلى ذلك، تصاعدت حدة الاحتجاجات الشعبية في العراق، المطالبة بإقالة المحافظين ومسؤولي الدوائر، والوحدات الإدارية، رغم تفشي وباء كورونا.واقتحم محتجون غاضبون ليل الأحد - الاثنين، باحة منزل محافظ النجف لؤي الياسري، احتجاجا على عدم استقالته حتى الآن، بينما أضرموا النيران في بوابة المنزل الرئيسية.وأصيب ضابط في الدفاع المدني ومنتسبون آخرون، عندما وصل فريق لإخماد الحريق الذي نشب في بوابة المنزل، إذ رشقهم المتظاهرون بالحجارة، إضافة إلى تضرر عدد من سيارات الإطفاء.وشهدت محافظة النجف أعمال عنف متبادل بين الشرطة والقوات الأمنية، التي تجمعت أمام مبنى ديوان المحافظة، ومنزل الياسري، حيث شهدت ساحة الصدرين، مركز الاحتجاج الرئيس، تظاهرات حاشدة.وفي محافظة الديوانية، تجمع عشرات المحتجين، وسط المدينة، أمس، استعداداً لانطلاق تظاهرة للمطالبة بإقالة المحافظ زهير الشعلان، ومديري الدوائر في المحافظة، و"محاسبة قتلة المتظاهرين".ومساء أمس الأول، قطع المتظاهرون طريق الحمزة الشرقي في الديوانية، لمنع الشعلان من الوصول إلى المحافظة، متهمين إياه بأنه "سبب التردي الحاصل في ملف الخدمات، وانقطاع التيار الكهربائي، والتباطؤ الحاصل في ملف محاسبة الفاسدين".في المقابل، أصدر محافظ النجف أوامر قبض بحق بعض المتظاهرين، الذين اقتحموا البوابة الخارجية لمنزله، وأحرقوها.وخلال الأسبوع الماضي، تمكن المحتجون من الضغط على عدد من مديري الدوائر، ومحاصرة مكاتبهم، وإجبارهم على تقديم استقالاتهم، خاصة محافظة ذي قار، في تصعيد لافت، بعد أن هدأت ساحات التظاهر منذ بدء تفشي كورونا.والسبت الماضي، أمر رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي بمراجعة أداء المحافظين والمؤسسات الخدمية في البلاد.في غضون ذلك، دعا رجل الدين البارز مقتدى الصدر السلطات العراقية، إلى منع كل التجمعات والمظاهرات في البلاد، لمنع تفشي الوباء.فرصة كاملة
في هذه الأثناء، وجه حزب الدعوة، بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، رسالة إلى الحكومة الجديدة، وناشد المتظاهرين منع ممارسة الحرق والتدمير والمواجهة، وطالب "الحراك الشعبي" بمنح "فرصة كاملة" لحكومة الكاظمي ومحاسبتها إذا فشلت "عبر القنوات الدستورية".وقال الحزب، في بيان، إن "محافظاتنا والبلد تتعرض لهجمة ممنهجة تهدد السلم الأهلي والأمن المجتمعي والاستقرار والنظام السياسي"، مضيفا: "نوجه خطابنا للحكومة الجديدة، أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة وتتحرك فورا عبر أجهزتها الأمنيه لحماية المحافظات وأهلها وممتلكاتها ودوائر الدولة ومؤسساتها، والا تسكت أو تغيب عن دورها في التصدي المسؤول، والدفاع عن كل اجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع".