واصلت إثيوبيا سياسة "الرأي المنفرد" في إدارة أزمة سد النهضة، دون اعتبار للمطالب المصرية والسودانية، ما يهدد بتعقد الأزمة التي تهدد بنسف استقرار منطقة شرق إفريقيا، إذ قال نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ديميك ميكونين، إن بناء السد يجري على قدم وساق، في محاولة لبدء ملء المياه بالإطار الزمني المحدد له، أي التمسك ببدء الملء في الشهر المقبل، وهو أمر ترفضه مصر.

وزار ميكونين مقر سد النهضة على رأس وفد إثيوبي رفيع المستوى، وأشار إلى أن البناء وصل إلى مرحلته المحددة، وذلك بدعم شعبي قوي ورقابة حكومية وثيقة، وأضاف قائلا: "نحن الآن على وشك أن نشهد المرحلة الأولى من الأخبار السارة للمشروع بجهد منسق".

Ad

من جهته، قال وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، خلال زيارة موقع السد، للوقوف على أعمال البناء قبل البدء بملء الخزان في يوليو، ونشر صوراً جديدة للسد عبر حسابه على "فيسبوك"، وكشف عن أن الملء الأول سيتم باحتجاز 4.6 مليارات متر مكعب من مياه النيل، لافتا إلى أن المياه مازالت تتدفق في اتجاه السودان.

بدوره، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن قرار ملء خزان السد لا رجعة فيه، لكنه بدا كأنه يسعى لتحييد السودان، بعد التصريحات الأخيرة التي خرجت من أكبر المسؤولين في الخرطوم، التي فهم منها تحولا في الموقف السوداني، خصوصا وزيرة الخارجية السودانية، أسماء محمد عبدالله، التي قالت في تصريحات لتلفزيون بلادها، إن إثيوبيا إذا واجهت موقفا قويا من مصر والسودان، بألا يتم ملء خزان السد إلا بعد الوصول إلى اتفاق، فستفكر في الأمر مرتين، داعية لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت في واشنطن.

آبي أحمد بدا حريصاً على التهدئة مع السودان، بعد اقتحام ميليشيات إثيوبية للحدود السودانية، واشتباكها مع القوات السودانية، إذ قال في حديثه لنواب البرلمان الإثيوبي، أمس، إن بلاده تستبعد اندلاع حرب حدودية مع السودان، وأكد أن السودان هو الملجأ للشعب الإثيوبي وشعب السودان شعب شقيق وصديق وصاحب فضل، وأنه أجرى مناقشات مع الخرطوم وتلقى مطالب مشروعة من الجانب السوداني سيتم حلها عبر الحوار.

الموقف الإثيوبي نسف الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، إذ أجرى وزير الري السوداني اتصالات منفصلة مع نظيريه المصري والإثيوبي الأربعاء الماضي، لبحث الترتيبات الجارية لاستئناف المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة المتوقفة منذ نهاية فبراير الماضي، بعد انسحاب الوفد الإثيوبي من مفاوضات جرت برعاية أميركية في واشنطن فبراير الماضي، ورفضت أديس أبابا التوقيع على الاتفاقية النهائية.

من جهته، أكد مستشار وزير الري المصري الأسبق وخبير المياه الدولي، ضياء القوصي، لـ"الجريدة"، أن التصريحات الإثيوبية تنهي فعليا أي محاولات للعودة إلى طاولة التفاوض. وأضاف: "لم يعد هناك ما يتم التفاوض عليه، فأديس أبابا ترفض تماما تأجيل بدء ملء خزان السد إلى حين الانتهاء من المفاوضات والتوقيع على اتفاقية نهائية، بل تريد فرض إرادتها بشكل كامل وقصر المفاوضات المزعمة على توقيع اتفاق جزئي يتعلق بالملء الأول للسد، ومن هنا سبب تعثر جولة المفاوضات".

وتابع القوصي: "من الواضح أنه لا أمل في تغير الموقف الإثيوبي، الذي تمسك بالبدء في الملء عند مستوى 5 مليارات متر مكعب وليس 18 مليارا، كما كان معلنا من قبل، فالموضوع تحول إلى مسألة فرض إرادة على دولتي المصب، لذا أظن أن الأمور ستتجه إلى التصعيد، خصوصا مع تحركات الدبلوماسية المصرية الأخيرة التي توحي بتحرك على مستوى دولي قد تنتهي بتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ضد إثيوبيا".