قال أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت د. طلال البذالي، إن الكويت إحدى أكثر الدول النفطية تضرراً جراء انهيار أسعار النفط، نظراً لاعتمادها شبه الكُلي على النفط (95 في المئة) من جهة، وتضخم مصروفات الدولة من جهة أخرى، "فإيرادات الدولة النفطية في انحدار، ومصروفاتها في ارتفاع، مما سيخلف عجزاً سنوياً في موازنة الدولة".وأضاف البذالي، في لقاء مع "الجريدة"، أنه بناء على ذلك وجب على الكويت تبني سياسات نفطية تساهم في تقليل نسبة العجز السنوي، وبالإمكان تحقيق ذلك، متسائلاً أيضاً عن كيفية إيجاد سياسة نفطية مستدامة للكويت لمدة 25 سنة مقبلة، ومن خلالها يتم تعظيم إيرادات الدولة، وخفض مصروفاتها النفطية.
تطوير الحقول
وذكر أنه للوصول إلى إجابة عن هذا التساؤل، علينا النظر ملياً في حجم المصروفات النفطية خلال الـ 26 سنة الماضية، وعرضها على تطور إنتاج الكويت النفطي لنفس الفترة، وهل أنتجت زيادة في الإنتاج النفطي تتناسب مع حجم ما تم صرفه في تطوير الحقول النفطية؟ولفت إلى أنه بعد دراسة شاملة للوضع الراهن، تبيَّن أن الخلل يكمن في النهج المتبع لتطوير الثروة النفطية، إذ تعتمد الكويت على شركة واحدة في عمليات تجميع النفط المنتج ومعالجته قبل تصديره، في حين يسند كل ما يتعلق بالتطوير والإنتاج والحفر والصيانة والعمليات اللوجستية إلى شركات أجنبية، تحت مسمى عقود الخدمات (Service Contact). ورأى أن هذا النظام التشغيلي أثبت فشله "كما بينا بالأرقام، والمستفيد الوحيد منه هي الشركات الأجنبية التي حصدت المليارات خلال الـ 26 سنة الماضية دون أي فائدة مجزية للكويت".قيمة اقتصادية
وشدد على ضرورة مراجعة العمل بهذا النظام، واستبداله بنظام يضيف إلى الكويت قيمة اقتصادية، ويؤدي إلى زيادة حقيقية في الإنتاج تتناسب مع حجم المصروفات ومن الأنظمة المعمول بها في أغلب الدول المنتجة للنفط ما يسمى "عقد المشاركة في الإنتاج".وفند البذالي العقود المتداولة عالمياً وأوجه الاختلاف في آلية التطبيق، وفق ما يلي: 1 - عقد الامتياز (Concession Agreement): في هذا النوع من العقود تمنح الدولة حق الامتياز لشركة مستثمرة في مساحة جغرافية محددة بالدولة، بهدف الاستكشاف والتطوير والإنتاج النفطي، وتؤول حقوق ملكية الموارد الطبيعية إلى الشركة المستثمرة صاحبة الامتياز، بحيث تتحمَّل الشركة المستثمرة جميع التكاليف الناتجة عن عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج، وتحتفظ بإجمالي النفط المنتج دون تدخل الدولة في عملية إنتاجه وإدارته وتصديره. وفي المقابل، تحصل الدولة على نسبة من النفط المنتج (Royalty)، وتتفاوت هذه النسبة وفق الاتفاق المبرم بين الشركة المستثمرة والدولة، وجرت العادة على ألا تقل هذه النسبة عن 15 في المئة،ـ ولا تزيد على 35 في المئة.2 - عقد المشاركة بالإنتاج (Production Sharing Agreement):في عقد المشاركة بالإنتاج تعود ملكية الموارد الطبيعية، كالنفط والغاز، إلى الدولة، وتعطى الشركة المستثمرة الحق الحصري في الاستكشاف والتطوير والإنتاج، مع إلزامها بتحمُّل كل تكاليف الاستكشاف والتطوير والإنتاج ومسؤولية النتائج، سواء أسفرت جهودها عن نفط أو فشلت، ولا تتحمَّل الدولة أياً من التكاليف التي تصرف أثناء عمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج.وفي حال أثمرت جهود الشركة المستثمرة وجود مكامن نفطية، وبعد أن يتم استخراج النفط من تلك المكامن، على أن تسترد الشركة المستثمرة كل التكاليف التي تم استثمارها من البترول المنتج، وبعد أن تتم تغطية كل التكاليف عن طريق بيع النفط المنتج، تتقاسم الشركة المستثمرة والدولة أرباح النفط المنتج، وفق معادلة سابقة يتم الاتفاق عليها قبل البدء بعمليات الاستكشاف والتطوير والإنتاج. ورأى البذالي ضرورة أن تعيد الكويت النظر في سياستها بإدارة الثروة النفطية، بحيث تفتح المجال للشركات الأجنبية بالدخول في عقود مشاركة الإنتاج، لما له من فؤائد عظيمة، منها على سبيل المثال لا الحصر:1- عدم تحميل الدولة تكاليف الاستكشاف والتطوير والإنتاج، حيث تتحمَّل الشركة الأجنبية كل التكاليف. ومن هذا المنطلق تستطيع الدولة توفير مليار دينار سنوياً.2- زيادة الإنتاج في فترة زمنية اقتصادية، لأن الشركة الأجنبية لها مصلحة مباشرة في زيادة الإنتاج وتقليل مدة المشروع. وهذا يتماشى مع رؤية مؤسسة البترول الكويتية، التي تهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2040.3- القضاء على العمولات المرتبطة بالعقود والاستثمار، لأن الشراكة تلغي دور الوسيط، وهذا البند يوفر على الدولة نحو 85 مليون دينار سنوياً.4- الاحتكاك المباشر للعمالة الوطنية، وضمان جودة التدريب ونقل الخبرات. 5- إشراك القطاع الخاص في تنفيذ الأعمال التي لا ترغب الشركة الأجنبية في تنفيذها، كالأعمال اللوجستية والنقل وغيره.