تحاول شركات التكنولوجيا الكبرى اصطياد صفقات بوتيرة هي الأسرع على مدار سنوات، حيث تنفذ أنشطة دمج واستحواذ واستثمارات استراتيجية على الرغم من عدم اليقين التنظيمي المتزايد خلال اضطرابات أزمة "كورونا".

وأعلنت "أبل" و"أمازون دوت كوم" و"ألفابت" و"فيسبوك" و"مايكروسوفت" ما يقرب من 19 صفقة خلال العام الجاري، وهي أسرع وتيرة تنفيذ لمثل هذه الصفقات خلال نفس الفترة منذ عام 2015.

Ad

على سبيل المثال، دخلت "أمازون" في محادثات متقدمة لشراء شركة تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة "زوكس"، التي قدرت قيمتها بنحو 3.2 مليارات دولار قبل عامين، كما أعلنت "فيسبوك" شراء حصة بقيمة 5.7 مليارات دولار في مشغل الاتصالات الهندية "ريليانس جيو".

توافر السيولة

وخلال الأزمة المالية العالمية، عزفت شركات التكنولوجيا الكبرى في أميركا عن تنفيذ صفقات دمج واستحواذ عقب انخفاض سوق الأسهم، وهناك أزمة حالية يواجهها العالم تتمثل في تداعيات "كورونا".

ومع ذلك، يرى محللون أن الفارق بين الأزمة المالية العالمية وأزمة "كورونا" الحالية يكمن في امتلاك شركات التكنولوجيا سيولة هذه المرة بمئات المليارات من الدولارات، إضافة إلى التعديلات الضريبية التي نفذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وأبرزت "كورونا" مدى قوة شركات التكنولوجيا الكبرى، وامتلاكها الأدوات الكافية للتوسع والشراء والاستحواذ، رغم تحذيرات جهات مكافحة الاحتكار وغيرها من الجهات التنظيمية، التي رأت أن عمالقة التكنولوجيا استحوذوا على شركات ناشئة تضررت من "كورونا"، مما يوسع الفجوة بين الكبار والصغار.

وأكد مراقبون أن "كورونا" تهدد بمزيد من التوحش من جانب شركات التكنولوجيا الكبرى في التهام الصغار، خاصة أن "أمازون" و"فيسبوك" و"أبل" و"مايكروسوفت" و"ألفابت" (التي امتلكت جميعها سيولة بـ560 مليار دولار نهاية الربع الأول) قيل إنها تستفيد بشكل كبير من أزمة الفيروس التاجي.

وذكر البعض أن شركات التكنولوجيا الكبرى قصدت تنفيذ المزيد من صفقات الاستحواذ خلال تداعيات "كورونا"، وعدم الانتظار حتى انتهاء الأزمة، فالأجواء الحالية مناسبة تماما لها للتوسع وتنفيذ صفقات استراتيجية.

وتتطلع شركات التكنولوجيا الكبرى للاستحواذ على شركات ناشئة صغيرة في مختلف المجالات من الألعاب إلى الحوسبة السحابية، وهي مجالات على الأرجح ستحقق أرباحا كبيرة لمن يمتلكها في ظل أزمة "كورونا".

وخلال مايو، دفعت "فيسبوك" نحو 400 مليون دولار للاستحواذ على "جيفي" للصور المتحركة ودمج مكتبتها مع "انستغرام" و"واتساب" و"ماسنجر"، وكانت "جيفي" تحقق إيرادات سنوية بنحو 19 مليون دولار قبل الاستحواذ.

قلق تنظيمي

وجاءت مناقشات "أمازون" للاستحواذ على "زوكس" بعد أنباء عن أن "أوبر تكنولوجيز" تسعى للاستحواذ على "جراب هب"، في صفقة ربما ينتج عنها أكبر لاعب في صناعة توصيل الطعام بالولايات المتحدة.

ودفعت "أوبر" أيضا خلال مايو 85 مليون دولار لشراء حصة بنسبة 16 في المئة في شركة "لايم" لتأجير السكوتر، وهي شركة تعاني من ضعف السيولة في ظل أزمة "كورونا".

وأثارت هذه الصفقات وغيرها قلقا متزايدا لدى السلطات التنظيمية في واشنطن من تنامي الممارسات الاحتكارية، وبدأت هيئة التجارة الفدرالية "إف تي سي" مراجعة بعض صفقات الاستحواذ التي نفذتها شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى خلال الفترة منذ عام 2010.

واقترح مشرعون في الكونغرس الأميركي أيضا فرض قيود على تنفيذ صفقات استحواذ خلال الأزمات خاصة من قبل الشركات التي تزيد إيراداتها السنوية على 100 مليون دولار.

ويرى مراقبون أن امتلاك شركات التكنولوجيا الخمس الكبرى في أميركا سيولة بقيمة 560 مليار دولار، إضافة إلى سنداتها المتداولة في الأسواق - حتى نهاية الربع الأول - يثير الشكوك بشأن ممارسات احتكارية في صناعات كالحوسبة السحابية.

وجمعت "أوراكل" على سبيل المثال 20 مليار دولار، من خلال طرح سندات في مارس، وقيل إن هذه السيولة الضخمة ستستخدم مستقبلا في تنفيذ صفقات استحواذ ولأغراض توسعية أخرى.