هل تنقذ موسكو الضفة الغربية من خطط ضم الأراضي؟
تتصاعد جهود الفلسطينيين ضد الخطط الإسرائيلية بضم الأراضي الفلسطينية على ثلاثة مستويات: محلياً قَطَع الفلسطينيون جميع علاقاتهم، حتى أنهم أوقفوا التنسيق الأمني مع إسرائيل والولايات المتحدة، وإقليمياً يقود الأردن الرد العربي على الخطة الإسرائيلية ويبذل البلدان الوحيدان اللذان تربطهما خطة سلام مع إسرائيل، أي الأردن ومصر، أكبر الجهود في هذا المجال، وعلى المستوى الدولي ركّز الفلسطينيون بشكلٍ أساسي على ثلاثة أعضاء من اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط: الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، روسيا. برأي السفير الفلسطيني في موسكو عبد الحافظ نوفل، يصبّ التركيز على هذه الجهات الثلاث بدل الاتكال على اللجنة ككل لأن العضو الرابع، أي الولايات المتحدة، يعوق دوماً المحاولات التي يطلقها الآخرون في إطار اللجنة الرباعية لطرح موقف دولي موحّد.طُرِحت فكرة عقد مؤتمر دولي في موسكو للمرة الأولى خلال محادثات السلام في «أنابوليس» في عام 2007، لكنها وصلت إلى طريق مسدود، أدى رفض الفلسطينيين التعامل مع الخطة الأميركية، ورفض الرئيس محمود عباس المشاركة في أي مفاوضات برعاية الولايات المتحدة وحدها، ورفض رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاجتماع بالأطراف المعنية، إلى انهيار جهود تنظيم مؤتمر سلام في موسكو.
لكن اقترح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مجدداً عقد محادثات فلسطينية إسرائيلية عن طريق موسكو، وفي مؤتمر مع صحافيين أجانب في 2 يونيو أعلن المالكي أن القيادة الفلسطينية لا تمانع زيارة موسكو، فقال: «نحن نثق بالرئيس فلاديمير بوتين ونعرف أن هذا الاجتماع سيعطي ثماره وينجح في إرجاعنا إلى طاولة المفاوضات ويعوق الخطط الإسرائيلية بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة».من المعروف أن نتنياهو وبوتين تربطهما علاقة وثيقة، ومع ذلك عارضت موسكو خطة ضم الأراضي، ففي مايو الماضي، أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الإسرائيلي باعتراض الكرملين الشديد على تلك الخطة، وصرّح عوفر زالزبرغ، محلل بارز في «مجموعة الأزمات الدولية»، لموقع «عرب نيوز» في 3 يونيو، بأن موسكو تتواصل بشكلٍ منفصل مع البيت الأبيض ورام الله حول احتمال عقد مفاوضات لكبح خطة ضم الأراضي أو تأجيلها، ويظن زالزبرغ أن العائق الأساسي يتعلق بالموقف الفلسطيني من إطلاق أي مفاوضات جديدة: «لا يكفي أن يوافقوا على أداة التواصل، سواء كانت روسيا أو غيرها، بل يحتل جوهر المحادثات أهمية كبرى». يواجه القادة الفلسطينيون ضغوطاً داخلية تثنيهم عن عقد أي اجتماعات مع الإسرائيليين، فقد انتقد رئيس الاستخبارات الفلسطينية توفيق الطيراوي مبادرة المالكي في منشور له على فيسبوك في 2 يونيو، ودعاه إلى التنحي وإنهاء جهوده الدبلوماسية الفاشلة، كذلك، انتقدت سلوى هديب، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، موقف المالكي، فصرّحت بأن وزير الخارجية الفلسطيني يحاول كسب الوقت للبقاء في منصبه لأطول فترة: «إنها فكرة مشينة، وهي تشجّع على تطبيع العلاقات مع إسرائيل»!عَلِم موقع «المونيتور» بأن اتصالاً بين لافروف وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول ليبيا وسورية شمل أيضاً نقاشاً بشأن عقد لقاء محتمل للجنة الرباعية على المستوى الوزاري لمناقشة تداعيات القرار الإسرائيلي الأحادي الجانب بضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.يعني وجود روسيا وقواتها العسكرية في سورية المجاورة أن مصلحتها في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليست نظرية، ولا نعرف بعد إذا كان الزعيم الإسرائيلي الذي رفض مرّتين الاجتماع مع الفلسطينيين في موسكو سيوافق على أي دعوات جديدة من هذا النوع، فإذا وافقت إسرائيل فعلاً على الاجتماع في موسكو أو عقد محادثات برعاية روسيا، يمكن اعتبار هذا الموقف اختراقاً لوضع المراوحة وقد يكون كفيلاً بتأخير أو إلغاء خطة ضم الأراضي غير القانونية التي يُفترض أن تطلقها إسرائيل في 1 يوليو.* داود كتّاب* «المونيتور»