ما طبيعة العلاقة بين إيران وفنزويلا؟
تصدّرت إيران عناوين الأخبار في الأسبوع الماضي بعد نجاحها في شحن عدد من ناقلات البنزين إلى فنزويلا التي تواجه نقصاً حاداً في الوقود، وأثارت هذه الخطوة القلق في الولايات المتحدة والغرب عموماً، إذ تخشى هذه الأطراف أن ينشأ تحالف قوي بين البلدين اللذين يحملان دوماً مشاعر معادية للولايات المتحدة.من خلال إرسال تلك الناقلات، تحدّت إيران حملة الضغوط القصوى الأميركية التي تهدف إلى إسقاط نظام مادورو وترسيخ الديمقراطية في فنزويلا، قد يكون هذا التحرك مقلقاً، لكنه حصد على الأرجح ردة فعل مبالغ فيها تجاه تحرك عادي نسبياً ضمن المخطط العام الذي يحكم العلاقات الإيرانية الفنزويلية.
علاقة قديمةإيران وفنزويلا من الأعضاء المؤسسين في منظمة البلدان المصدّرة للبترول وتربطهما علاقة ثنائية بدأت قبل الثورة الإيرانية في عام 1979، وعند إسقاط الشاه الإيراني في ذلك العام، كانت فنزويلا من أوائل البلدان التي اعترفت بالحكومة الإيرانية الجديدة. وعلى مر العقدين اللاحقين، اقتصر التعاون بين البلدين على قطاع النفط.لكن سرعان ما زادت قوة تلك العلاقة مع وصول هوغو تشافيز إلى الرئاسة، فبين العامين 2001 و2013، حصلت عشرات الزيارات الدبلوماسية في عهد تشافيز وخاتمي وأحمدي نجاد، وقّع البلدان على 300 اتفاقية ذات أهمية متفاوتة، وتراوحت بين العمل على تطوير مشاريع إسكان منخفضة الدخل وإنشاء مصانع إسمنت وسيارات، حتى أنهما أسسا صندوقاً مشتركاً للتنمية وفتحا بنكاً تنموياً يشبه في بنيته بنك تنمية الصادرات الإيراني، وبحلول 2012، بلغت قيمة الاستثمارات والقروض الإيرانية في فنزويلا 15 مليار دولار. لكن تلاشت معظم المبادرات قبل استكمالها، فاكتفى مصنع السيارات الذي توقّع تشافيز أن يُصنّع 25 ألف وحدة سنوياً بإنتاج أقل من ألفَي وحدة في عام 2014، أما مصنع الإسمنت الذي تم الإعلان عنه في عام 2005، فلم يبدأ عمليات الإنتاج قبل عام 2012، كذلك، قيل إن جزءاً من المبادرات استُعمِل لتسهيل النشاطات غير الشرعية، وفي 2008 مثلاً، صادر المسؤولون الأتراك 22 حاوية إيرانية كانت متّجهة إلى فنزويلا وكُتِب عليها «قطع غيار للجرارات»، لكن يبدو أنها كانت تحتوي فعلياً على مواد خاصة بمختبر متفجرات. على صعيد آخر، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على بنك تنمية الصادرات الإيراني على خلفية ارتباطه المزعوم ببرنامج إيران النووي.أهمية ناقلات الوقود الإيرانيةبدأت العلاقة بين إيران وفنزويلا تضعف بعد وفاة تشافيز في عام 2013، وفي النهاية، تَقِلّ القواسم المشتركة بين البلدين، وفي ظل انهيار أسعار النفط، لم يعد خلف أحمدي نجاد، الرئيس حسن روحاني، يعطي الأولوية لفنزويلا، باستثناء عدد صغير من الاتفاقيات الثنائية العابرة، عجز مادورو عن الحفاظ على نوع العلاقة التي تصوّرها تشافيز مع إيران.لكن تشير شحنات الوقود في الأسبوع الماضي إلى تجدّد الالتزام بين البلدين، علماً أنهما يواجهان عزلة مالية ودبلوماسية متزايدة، هذه العلاقة ليست جديدة إذاً، لكنها أصبحت تكتيكية أكثر مما هي استراتيجية، لهذا السبب، يجب ألا نعتبرها تهديداً فائقاً ومستجداً ضد الحملة الأميركية المعادية لمادورو، فلا يزال التعاون بين إيران وفنزويلا محدوداً مقارنةً بما كان عليه في عهد تشافيز، كذلك تبقى شحنات الوقود أصغر من أن تلبّي حجم الطلب في فنزويلا ولا تستطيع إيران، مؤسسياً وتجارياً، أن تكون بديلة عن شركة «روسنفت» الروسية التي تشكّل حبل نجاة لمادورو. أخيراً، ترتبط جهود البلدين الرامية إلى إعادة إحياء المصافي في فنزويلا بقدرتهما على تنفيذ تحديثات تقنية من دون تأخير أو فساد أو سوء إدارة، لكن تثبت لائحة الشراكات الفاشلة في البلدين أن هذا الاحتمال مستبعد جداً.* مويزيس راندون* «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»