في خضم الجدال حول التمييز العنصري في أميركا، الذي أطلقته حادثة مقتل الرجل الأسود جورج فلويد على يد شرطيين بيض، وافق مجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع أمس الأول على تعيين الجنرال تشارلز براون جونيور رئيساً لأركان سلاح الجو، ليصبح بذلك أول ضابط أسود في تاريخ الولايات المتحدة يقود أحد فروع القوات المسلحة الستة (الجو، البحر، البر، مشاة البحرية، خفر السواحل، القوة الفضائية).وسارع الرئيس دونالد ترامب، الذي عين براون، الى الاحتفاء بمصادقة مجلس الشيوخ على التعيين بأغلبية 98 صوتا مقابل صفر، مؤكدا أنه "يوم تاريخي لأميركا"، وكتب في تغريدة: "متحمس للعمل بشكل أوثق مع الجنرال براون، الرجل الوطني والقائد العظيم".
وبصفته قائدا لسلاح الجو فإن هذا الضابط الطيار، الذي يتولى حاليا منصب قائد القوات الجوية في منطقة المحيط الهادئ، سيصبح ثاني جنرال أسود في تاريخ الولايات المتحدة يشارك في عضوية هيئة أركان الجيوش المشتركة، بعد كولن باول، الذي ترأسها بين 1989 و1993.وأدلى الجنرال براون الأسبوع الماضي بشهادة مؤثرة حول عقبات واجهته بسبب لون بشرته أثناء صعوده السلم الوظيفي في الجيش، مؤكداً أن حياته المهنية "لم تكن دوماً مثالاً للحرية والعدالة".وروى الجنرال، المتحدر من تكساس، في شريط فيديو، كيف أنه كان يجد نفسه في أغلب الأحيان الطيار الأسود الوحيد في سربه أو في غرفة مكتظة بالضباط، وكيف كان هؤلاء يسألونه عما إذا كان فعلاً ضابطاً، مع أنه كان يرتدي نفس زيهم ويضع نفس شاراتهم.
نائبة بايدن
وفي وقت تتواصل التظاهرات في جميع الأنحاء على العنصرية وسوء معاملة الشرطة للسود، أدت وفاة جورج فلويد وموجة الاحتجاجات الغاضبة ضد العنصرية ووحشية الشرطة إلى تغيير المعطيات بالنسبة لمرشح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة جو بايدن، إذ بات اختياره مرشحة سوداء لأول مرة لمنصب نائب الرئيس أمرا يفرض نفسه عليه.ومساء أمس الأول، قال بايدن، الذي يتمتع بشعبية لدى الناخبين السود، ويدين لهم بجزء كبير بفوزه في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، إن الأسبوعين الماضيين "زادا من الحاجة ومن الطابع الملح" لاختيار شخص "منسجم تماماً" مع توجهاته، مضيفاً: "أريد شخصاً قوياً وقادراً وجاهزاً لأن يكون رئيساً من اليوم الأول".ووعد نائب الرئيس السابق ناخبيه في مارس بأنه سيختار امرأة في مواجهة ترامب في 3 نوفمبر، وشدد مرارا على أنه يفكر في اختيار مرشحة من أصل إفريقي.ومع ارتفاع حظوظهن بمواقع المراهنة على قائمة بايدن، تحدثت كل من السيناتورة كامالا هاريس الأوفر حظاً، والنائبة فال ديمينغز أو رئيسة بلدية أتلانتا كيشا لانس بوتومز، بانفعال وشغف عن المشاعر التي اجتاحت الولايات المتحدة لدى رؤية فلويد يلفظ أنفاسه تحت ركبة الشرطي الأبيض ديريك شوفين، ولكنهن تحدثن أيضاً عن تجربتهن الخاصة كنساء سوداوات البشرة.وقال دانيال جيليون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا، إن الناخبين الأميركيين من أصل إفريقي "يطالبون بنائبة رئيس سوداء البشرة"، مع مطالبة المتظاهرين الذين يحتشدون منذ وفاة فلويد في 25 مايو، بالعدالة والتغيير، وقد انعكس الأمر على مواقع المراهنات.وتراجعت حظوظ ثلاث مرشحات، جميعهن من البيض، بعد أن كن قبل ثلاثة أسابيع الأوفر حظا، وهن عضوتا مجلس الشيوخ والمرشحتان السابقتان للبيت الأبيض إليزابيث وارن وإيمي كلوبوبشار، وحاكمة ميشيغان غريتشين ويتمان.وبين الدموع والشعارات، ودعت هيوستن أمس الاول جورج فلويد في جنازة شهدت مشاركة واسعة ودعوات إلى إحقاق العدالة.وبحضور أهالي ضحايا سابقين لعنف الشرطة، بينهم إريك غارنر وبوتهام جين ومايكل براون، شارك سياسيون وناشطون في المجتمع المدني ومشاهير في كلمات تناولت ذكريات "العملاق اللطيف".وألقى القس والناشط المدني آل شاربتون خطاب تأبين هجومياً على وقع أنغام آلة الأورغن، اتهم فيه الرئيس دونالد ترامب بالتعامل بلامبالاة مع القضية وإعطاء انطباع للشرطة بامتلاكهم الحصانة.وهاجم شاربتون ترامب دون أن يسميه، وقال: «نحارب الشر في المناصب العليا»، مضيفا: «تحاول الآن معرفة كيف يمكنك وقف الاحتجاجات بدلا من وقف الوحشية، وكيف يمكنك ضمان إعادة انتخابك بدل توحيد الأمة».قضية الشرطة
وعلى غرار بايدن، نأى السيناتور اليساري البارز بيرني ساندرز بنفسه عن دعوات تخفيض تمويل وتفكيك الشرطة، داعيا بدل ذلك الى اعتماد برامج تدريب جديدة لتحسين الاداء.وفي إطار إصلاح الشرطة، استمعت أمس اللجنة القضائية في مجلس النواب إلى 12 شاهدا لهم صلة مباشرة بفلويد، بينهم شقيقه فيلونيزي ومحامي عائلته، إضافة إلى نشطاء في مجال الحقوق المدنية، وشخصيات من أجهزة إنفاذ القانون ورئيس شرطة هيوستن.وتأتي جلسة الاستماع عقب يومين من كشف الديمقراطيين في المجلس عن حزمة شاملة من الإصلاحات بشأن الشرطة، والتي ستمنع الاعتقال بالطريقة التي أدت إلى خنق فلويد، فمقتله.وتتضمن الحزمة الشاملة إنشاء سجل بيانات لتتبع إساءة التصرف لدى عناصر الشرطة وتقييد نقل الأسلحة الفدرالية العسكرية إلى أقسام الشرطة المحلية.ومن المرجح أن تتقدم اللجنة القضائية بالتشريع في وقت قريب قد يكون الأسبوع المقبل، مع تصويت من مجلس النواب يتبعه في الأيام التالية.الشرطة تعترض
وفي أول رد فعل من نقابات الشرطة، اتهم رئيس اتحاد شرطة نيويورك مايك أوميرا المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام برمي تهم الخوف والكراهية تجاه ضباط الشرطة وتحديدا داخل المجتمع الأسود، مشدداً على أنه يتعين عليهم التوقف عن معاملة الضباط مثل "الحيوانات والبلطجية".واشنطن تنضم
في السياق، أقر مجلس العاصمة واشنطن مجموعة من الإصلاحات الخاصة بالشرطة، منها حظر استخدام التقييد بالرقبة، والاستعانة بأشخاص لهم تاريخ موثق من إساءة السلوك الشرطي وضع قيود على القوة غير المميتة وعلى حيازة الأسلحة، وضرورة الكشف عن الأسماء والصور التي التقطتها الكاميرات المثبتة في أجسام الضباط.وانضمت واشنطن بذلك الى أكثر من 11 مدينة وادارة محلية اوقفت برامج تجريب الخنق.يمين ويسار
إلى ذلك، أعلن وزير وليام بار أمس الأول أن السلطات تعتزم اعتقال عدد من الأشخاص بتهمة تنظيم أعمال شغب خلال الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى "محاولات متبادلة من جانب جماعات اليمين المتطرف، لانتحال هوية اليسار المتطرف. وتظاهر اليساري المتطرف بأنه يميني متطرف للتحريض على العنف".جورج بي بوش: سأقترع لترامب «قاهر الاشتراكية»
في موقف يناقض نية عمه الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش (الابن) عدم التصويت للرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، أعلن مفوض ولاية تكساس لشؤون الأراضي جورج بي بوش، أنه سيصوت للرئيس الجمهوري المثير للجدل، والذي رد فورا شاكرا له هذا الشرف العظيم. وقال جورج بوش "الحفيد"، وهو نجل حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش، الذي نافس ترامب في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين قبل 4 سنوات، إن "ترامب هو الشيء الوحيد الذي يقف بين أميركا والاشتراكية".وكان متحدث باسم الرئيس بوش الابن نفى صحة تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، قالت فيه إن الرئيس السابق لن يصوت لترامب، مضيفا: "الرئيس بوش متقاعد من السياسة ولم يوضح كيف سيصوت".