انفجرت العلاقة علناً، أمس، بين رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. التوتر المترسِّب بين الرجليْن منذ "حادثة الحريري" في السعودية عام2017 عاود الظهور، حيث لم يعد الطرفان يُخفيان خلافهما و"قلبيهما الملآنين". وبأقسى كلام في الشكل والمضمون في تاريخ العلاقة بين الرجلين، رد الحريري على حديث لجعجع أدلى به إلى صحيفة "الأهرام" المصرية، نشر أمس، قال فيه "إنّني لم أتخلّ عن دعم سعد الحريري، ولكن الظروف كانت غير مناسبة على الإطلاق لتولي سعد الحريري رئاسة الحكومة، وكان من الممكن أن تكون نهاية له. هذا اعتقادنا وحساباتنا".
وكتب الحريري على "تويتر"، أمس، متوجّهاً إلى جعجع، بالقول: "بونجور حكيم، ما كنت عارف إنّو حساباتك هالقد دقيقة. كان لازم اشكرك لأنو لولاك كان من الممكن انو تكون نهايتي. معقول حكيم؟ انت شايف مصيري السياسي كان مرهون بقرار منّك؟ يعني الحقيقة هزلت. يا صاير البخار مغطّى معراب (مقر جعجع) أو إنّك بعدك ما بتعرف مين سعد الحريري".ودخل عضو كتلة "المستقبل" النائب سامي فتفت على الخط، مهاجما "القوات اللبنانية" ورئيسه. وكتب على "تويتر": "القوات اللبنانية فرضت ميشال عون رئيساً للجمهورية. القوات فرضت قانوناً انتخابياً سمح لحزب الله بالسيطرة على مجلس النواب. جعجع يساند الرئاسة الأولى على العمياني ولو تراجعت 10 خطوات لورا". وختم: "ما ترمي أخطاءك يللي وصلتنا لهون علينا يا حكيم، العلاقة الاستراتيجية اهم من تكتيكات المصلحة". ولفت جعجع أيضا، في مقابلته، الى أن "حزب الله بحد ذاته أقلية في لبنان من حيث التمثيل النيابي ومن حيث الحجم السياسي"، مضيفا ان "الحزب بحاجة دائمة لقائمة عريضة من الحلفاء، ليستطيع البقاء كما هو، ولتنفيذ مشروعه في منطقة الشرق الأوسط. وأبرزهم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وهو مستعد لمساندتهم في السراء والضراء".وتعود أسباب القطيعة بين الحريري وجعجع إلى خليط يجمع بين الشخصي والسياسي، وقد بلغ ذروته في الأشهر الماضية بعدم تسمية نواب حزب "القوات اللبنانية" الحريري لتولي رئاسة الحكومة الأخيرة، قبل أن يعلن الأخير عزوفه عن الترشح.
الدولار يحلق
في موازاة ذلك، فشلت المداولات التي استمرت اسابيع بين الحكومة والمصرف "المركزي" والصرافين، لكبح جماح الدولار، والتي توصلت مبدئيا الى آلية لاعادة سعر الليرة مقابل العملة الخضراء الى 3200 تدريجيا. فبعد ايام قليلة على دخول هذا التفاهم حيّز التنفيذ، حصل ما لم يكن في الحسبان وحلق الدولار من جديد ملامسا عتبة الـ5000 ليرة للدولار الواحد. وسقط لبنان رسمياً في فخ الاحتمالات المجهولة والمفتوحة على كل الخيارات االكارثية، حيث قالت مصادر متابعة ان ما "يجري في سورية من انهيار لليرة السورية ينعكس على لبنان". واضافت المصادر أن "أزمة العملة في سورية ولبنان مترابطة وشحت العملة الخضراء في البلدين حيث لا احتياطات منه في مصارف الدولة". وأكدت ان "السوق المالي السوري يتكل بشكل مباشر على السوق اللبنانية، ويومياً يتم تأمين ملايين الدولارات للعمليات التجارية هناك". وعزت المصادر سبب انخفاض سعر الليرة في بيروت الى "الطلب السوري على الدولارات عند الصرافيين اللبنانيين، وذلك قبل بدء المرحلة الأولى من تطبيق قانون قيصر الاسبوع المقبل".وانعكس الارتفاع الملحوظ في سعر الدولار، معطوفا على الغلاء في اسعار المواد الغذائية، اعتصامات وقطع طرقات في العديد من النقاط الاساسية والرئيسية، احتجاجاً على ما آلت إليه الاوضاع. وتداعى المئات الى ساحة رياض الصلح وسط بيروت رافعين شعار إسقاط حكومة الرئيس حسان دياب، كما رفع شعار إسقاط حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لمسؤوليته في أزمة الدولار.وفي الشمال، لم تكن الأمور سلمية، فبدأت أمام منزل الوزير السابق أشرف ريفي، حيث تجمع المتظاهرون. وقد تطورت التظاهرة إلى أشكالٍ أدت إلى إطلاق رصاص في الهواء، بعد أن حاول المحتجون دخول غرفة الحرس الخاصة بالمبنى الذي يسكنه ريفي. كما تجمع متظاهرون آخرون أمام مكتب رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي على طريق المعرض، وعملوا على تكسير كاميرات مراقبة في المكان، ورددوا هتافات ضد الغلاء المعيشي والوضع الاقتصادي الناتج عن انهيار الليرة. ثمّ توجه العشرات إلى قصره في الميناء للتظاهر أمامه. وفي منطقة عاليه، أقدم عدد من المحتجين على قطع الطريق الدولية، عند مفترق بلدة شانيه بالإطارات المشتعلة. اما في صيدا والبقاع فنظّمت مجموعات من المحتجّين مسيرات جابت مختلف المناطق ظل انتشار كثيف للجيش.غوتيريش
في سياق منفصل، طلب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيتريش، في تقرير تمهيدي لتجديد مجلس الأمن الدولي في أغسطس المقبل تفويض قوة حفظ السلام الأممية في جنوب لبنان("اليونيفيل")، بـ "تكييف وضع اليونيفيل ليتناسب مع بيئتها التشغيلية والتحديات الحالية والمستقبلية، مما يتطلب إنشاء قوة أكثر مرونة وقدرة على الحركة على وجه الخصوص".