بنك الكويت الوطني: بوادر تعافي الاقتصاد العالمي مع بداية رفع قيود الإغلاق

نشر في 12-06-2020
آخر تحديث 12-06-2020 | 00:00
بنك الكويت الوطني
بنك الكويت الوطني
شهدت الأسواق المالية أداءً قوياً مرة أخرى خلال شهر مايو الماضي، على خلفية التخفيف التدريجي لعمليات الإغلاق، ورفع القيود المفروضة على السفر لاحتواء تفشي فيروس كورونا، واعلان حزم التحفيز الاقتصادي الجديدة، وصدور البيانات الاقتصادية الأكثر إيجابية نوعا ما - وإن كانت لاتزال ضعيفة جداً.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الأميركي، على سبيل المثال، بنسبة 5 في المئة تقريبا في مايو، وهو الآن على بعد 6 في المئة فقط من مستوى الذروة الذي بلغه في منتصف فبراير، فيما يعد كافيا لاستنتاج انفصال أداء الأسهم عن المقومات الاقتصادية التي لاتزال ضعيفة، وفي ذات الوقت، واصلت عائدات السندات الحكومية الرئيسية تراجعها الشديد، في ظل إقبال «الفدرالي» على شرائها سعياً نحو دعم الاقتصاد.

وحسب الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك «الكويت الوطني»، واصلت أسعار النفط انتعاشها القوي من أدنى مستوياتها التي سجلتها خلال أبريل، حيث ارتفع سعر مزيج خام برنت متخطياً حاجز 40 دولاراً للبرميل، على خلفية تحسن المعنويات بخصوص الطلب، إلا أن الأهم من ذلك ما قامت به «أوبك» وحلفاؤها بإجراءات الخفض الكبير لحصص الإنتاج بدءاً من شهر مايو، والتي تم تمديدها في أوائل يونيو.

تعافي الاقتصاد الأميركي

وقال التقرير، إنه على الرغم من أعمال الشغب والاحتجاجات التي انتشرت في كل أنحاء الولايات المتحدة منذ أواخر مايو الماضي، فإن التفاؤل بشأن التعافي الاقتصادي قد عاد نوعاً ما، في ظل رفع قيود الحظر تدريجياً، وإعادة فتح الأعمال التجارية، وبدء تطبيق سياسات التحفيز الاقتصادي، هذا إلى جانب صدور بيانات اقتصادية فاقت التوقعات، إذ أظهر مؤشر مديري المشتريات الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) لكلا القطاعين الصناعي وغير الصناعي بوادر تعافي الأنشطة الاقتصادية، وإن كانت قراءة المؤشرين لم تتجاوز 43 و45 على التوالي في مايو، أي أنهما ما زالا عند مستويات تتسق مع استمرار حالة الانكماش الاقتصادي الحاد.

كما كانت هناك أيضاً بعض بوادر التفاؤل التي جاءت على خلفية ظهور بيانات مفاجئة من سوق العمل، والتي كشفت عن ارتفاع عدد الوظائف غير الزراعية بواقع 2.5 مليون وظيفة في مايو، مما أدى إلى إرباك التوقعات التي رجحت تراجعها على نحو حاد يصل إلى 8 ملايين وظيفة، ليساهم ذلك في تمكين سوق العمل الأميركي من استعادة جزء من 20.7 مليون وظيفة التي تم خسارتها في أبريل.، لذلك، تراجع معدل البطالة إلى 13.3 في المئة مقابل 14.7 في المئة في الشهر السابق.

وعلى الرغم من تسليط بعض المحللين الأضواء على إمكانية وجود بعض العيوب التي تشوب هذا الاستطلاع، فإن البيانات في ظاهرها تشير إلى عودة الموظفين المسرحين إلى العمل بمعدلات جيدة في ظل إعادة فتح الاعمال مجدداً، خصوصا بالنسبة لقطاع الخدمات الترفيهية المتضرر بشدة.

ورغم ذلك، لا تزال حالة عدم اليقين تحيط بمدى صلابة واستدامة هذا الانتعاش. ومن بين أهم المخاوف بشأن إمكانية استمرار معدلات البطالة عند مستويات مرتفعة تتمثل في، السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة في صرف شيكات الاعانة مباشرة للمواطنين (وليس فقط لأصحاب العمل) مما قد يثني البعض عن العودة إلى العمل، ويساهم في اضعاف علاقاتهم مع الشركات التي كانوا يعملون بها سابقاً. كما يمكن أن تتصاعد تلك المخاوف إذا نجح الحزب الديمقراطي في دفع مجلس النواب لتبني خطة تمديد إعانات البطالة كجزء من حزمة التحفيز الاقتصادي الجديدة، وإن كان نفس الإجراء قد يضمن من الناحية النظرية تعزيز قوة الإنفاق لمساعدة الاقتصاد على التعافي.

ومن جهة أخرى، لايزال الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من 2020 يشهد انكماشاً تاريخياً بنسبة 40 في المئة أو أكثر على أساس سنوي بعد تراجعه بنسبة 5 في المئة في الربع الأول من العام الحالي.

ولم يصدر عن الاحتياطي الفدرالي أي إفصاحات جديدة فيما يتعلق بسياساته المتبعة خلال الشهر الماضي، مفضلاً إتاحة بعض الوقت لتدابير التحفيز الاقتصادي السابقة لتحديد مدى فعاليتها، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة إلى 0-0.25 في المئة، وتقديم قروض بفوائد ميسرة للشركات، وتدابير التيسير الكمي التي تكاد تكون غير محدودة. وفي واقع الأمر، تباطأ التوسع الكبير للميزانية العمومية للاحتياطي الفدرالي مؤخراً بما يشير إلى تحسن ظروف السوق. إلا أن استمرار سرعة انخفاض الضغوط السعرية قد يجبر الاحتياطي الفدرالي على اتخاذ إجراءات تيسيرية، خصوصا إذا كان معدل الانتعاش الاقتصادي مخيبا للآمال، إذ سجل معدل التضخم الأساسي اعلى تراجع يشهده فيما يقارب 20 عاماً خلال شهر أبريل وصولاً إلى نسبة 1.0 في المئة على أساس سنوي مقابل 1.7 في المئة في مارس، أي أدنى بكثير من معدل 2 في المئة المستهدف.

وضمن الخيارات المتاحة امام الاحتياطي الفيدرالي دفع أسعار الفائدة إلى المنطقة السلبية، رغم عدم ترحيب العديد من المسؤولين بهذا الإجراء لعدد من الأسباب من ضمنها ما لذلك من تأثير على أسواق النقد (التي قد تواجه عائدات سلبية). أما السيناريو الأكثر قبولاً فيتمثل في التحرك نحو اتباع ارشادات استشرافية أكثر قوة حول مسار السياسات النقدية.

أوروبا تتبنى سياسات جديدة

بدأت الحياة تعود من جديد للنشاط الاقتصادي في كل انحاء أوروبا في ظل تخفيف عمليات الحظر، ونتج عن ذلك تعافي مؤشر مديري المشتريات المركب لمنطقة اليورو من أدنى مستوياته التي بلغت 13.6 في أبريل، حيث ارتفع في مايو إلى 31.9 نقطة، فيما يشير إلى تحسنه وإن كان لايزال ضعيفا. كما صدرت انباء جيدة حتى الآن بشأن معدل البطالة، والذي ارتفع قليلاً في أبريل إلى 7.3 في المئة مقابل المستوى المسجل ما قبل الأزمة البالغ 7.2 في المئة في فبراير، رغم انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 في المئة، على أساس ربع سنوي، في الربع الأول وتوقع انخفاضه بنسبة 10 في المئة أو أكثر في الربع الثاني من العام (الرسم البياني 3). أما في إيطاليا، فقد تراجع هذا المعدل وان كان لا يعكس سوى ترك عدد كبير من الأشخاص القوى العاملة. ويتمثل أحد التفسيرات لمرونة سوق العمل في فعالية برامج دعم الأجور في كل أنحاء المنطقة، إذ تم تمكين الشركات من المحافظة على قواها العاملة على الرغم من انخفاض الإيرادات. إلا أن الخطر يتمثل هنا في أنه إذا لم يعد الطلب على نفس الوظائف كما كان سابقاً، فسيكون وقتها قد أسيء تخصيص أموال الدعم.

back to top