انطلق الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق وسط توقعات وآمال متواضعة بأن يسفر عن نتائج كبيرة، في حين أرسلت حكومة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي إشارات رأى مراقبون أنها تشير إلى وقوفها بمنتصف طريق "التبني الكامل أو التفريط" بقرار مجلس النواب المطالب بإخراج القوات الأجنبية، الذي تضغط فصائل وأحزاب محسوبة على إيران لتنفيذه.

ويبدو أن الكاظمي، الذي أعلن عشية انطلاق الحوار أن أولويته تنصب على "حفظ السيادة والمصلحة" فضّل الخروج بموقف وسطي لتفادي إغضاب واشنطن أو الدخول في صدام مباشر مع الفصائل الموالية لطهران التي تراقب الحوار عن كثب، وفي ظل أزمة اقتصادية خانقة واحتجاجات شعبية لا تتوقف.

Ad

وقبل ساعات من بدء الحوار عبر دائرة إلكترونية مغلقة، قال هشام داود مستشار رئيس الوزراء العراقي، المعروف بعلاقاته الجيدة مع الأميركيين والمحيط العربي، إن "الحوار ليس فيه شيء مخفي والبلاد بحاجة إلى تنويع علاقاتها مع البلدان المهمة ذات الاقتصادات القوية".

ولفت إلى أن الكاظمي يؤكد أنّ العراق بات يمتلك إمكانات وقدرات عسكرية وأمنية لمواجهة المخاطر والتحديات داخل البلد ومواجهة الإرهاب بعد تلقيه مساعدة من الولايات المتحدة و"التحالف الدولي" لمحاربة تنظيم "داعش"، لكنه لم يذهب إلى حد المطالبة برحيل القوات الأجنبية، معتبراً أن "العراق ربما ليس بحاجة إلى هذا العدد من القوات الأميركية"، قرابة 5000 عسكري أميركي.

وأضاف مستشار رئيس الوزراء، "أن الحكومة العراقية تفكّر مع الولايات المتحدة على أنه آن الأوان لجدولة وجود القوات العسكرية على الأراضي العراقية، التي جاءت بطلب من الحكومة العراقية عام 2014، على أن تبقى علاقات ودية ويستمر التعاون بين البلدين في مجالات التدريب والمعلومات الاستخبارية ومواجهة الإرهاب ومكافحة عمليات التهريب والتي تضر بالعراق".

وتزامن ذلك مع توقع قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط كينيث ماكنزي، أن تطلب الحكومة العراقية إبقاء وجود عسكري أميركي في البلاد من أجل إلحاق هزيمة نهائية بـ"داعش".

وفي وقت سابق، كشف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن مساعده للشؤون السياسية ديفيد هيل سيرأس الوفد الأميركي الذي سيضم ممثلين لوزارات الدفاع والطاقة والخزانة ووكالات عدة خلال الحوار الذي يهدف إلى "إعداد خطة تلحظ المصلحة المشتركة لكل من بلدينا للمضي قدماً".

ومساء أمس الأول، حذر رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، الموالي لطهران، الوفد المفاوض من "تخييب الآمال والإخفاق أو التلكؤ في المهمة المقدسة ستتحملون مسؤوليته" في إشارة إلى المطالبة بإخراج القوات الأجنبية.

في غضون ذلك، ذكرت الدنمارك، أمس، أنها سترسل ما يصل إلى 285 عسكرياً للمشاركة في عملية تدريب تابعة لحلف شمال الأطلسي في العراق مع توليها قيادة العملية المكلفة تدريب قوات الأمن العراقية من كندا بنهاية العام 2020.

يأتي ذلك في وقت أفسحت الفصائل العراقية الموالية لطهران المجال لوصول الكاظمي وقامت بخطوات تهدئة يعتقد أنها ضمن سياسة وصفها مصدر إيراني لــ"الجريدة" بإعادة التواصل مع واشنطن خطوة خطوة وفي ومحاولة لإحراج الولايات المتحدة ودفعها لإخراج قواتها من البلد العربي بشكل دبلوماسي بعد قتلها قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في بغداد مطلع العام الحالي.

إلى ذلك، دعا الزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى تصفية ساحات التظاهر مما سماه بـ"الشوائب"، التي أدت إلى "انحراف الثورة عن مسارها" عقب أيام من اندلاع احتجاجات شعبية في عدة محافظات، للمطالبة بإقالة مسؤولين حكوميين، أصيب فيها العشرات من المتظاهرين ورجال الأمن.

ووجه الصدر حديثه للمتظاهرين قائلًا: "الثورة خرجت عن مطالبها وسلميتها من دون إرادة الشرفاء منكم، فصار الحرق والصراع والاعتداء على القوات الأمنية هو الطابع السائد". ودعا إلى اللجوء للقضاء لمحاكمة المعتدين على المتظاهرين السلميين وعلى قوات الأمن والمقار الحكومية.