الكويت وعلاقاتها مع جيرانها في تقرير داودينغ عام 1903
تُعد التقارير القديمة، التي كتبها الرحالة الأجانب وضباط الاستخبارات الأوروبيون، من المصادر المهمة لمعرفة الكثير من المعلومات عن الكويت والدول المجاورة، لأنها كتبت في فترة لا تتوافر فيها الكثير من الكتابات، لكنها كُتبت بشكل دقيق ومفصَّل، وتناولت العديد من المعلومات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك.ورغم أن هذه التقارير تتضمن الكثير من المعلومات الصحيحة، فإنها اشتملت أيضاً على أخطاء تاريخية دوَّنها كاتبها استناداً إلى مصادر سمعية أو شخصية أو كتابات سابقة، لكن هذه الأخطاء لا تحجب أهمية هذه التقارير التي أوصلت لنا معلومات كثيرة ثبتت صحتها، ولم نجد ما يشكك في صحتها. ومن هذه التقارير التي لم أجد اهتماماً كبيراً بها، ولم اطلع على كتابات بشأنها (وذلك لا شك تقصير مني)، تقرير طُبع عام 1903 كتبه النقيب هنري هاريس هيويت داودينغ البريطاني، بعد زيارة للكويت في مهمة هدفها كتابة تقرير شامل عن البلاد. هذا التقرير يتكوَّن من 33 صفحة مطبوعة باللغة الإنكليزية، ويتضمن ثلاث خرائط توضيحية وبعض الصور الفوتوغرافية.وربما لا يتسع المجال اليوم لبدء الحديث عن مضمون ما ورد من معلومات مهمة في التقرير، لذلك فإنني سأستعرض بشكل سريع أهم المواضيع التي تناولها، وفي المقالات المقبلة إن شاء الله تعالى أتناول بعض المعلومات التي تهمنا وتستحق الإشارة إليها. التقرير في مقدمته يتناول بدايات الكويت واسمها وسبب الاهتمام بها من القوى العظمى في الفترة التي زارها النقيب داودينغ.
كذلك يتناول التقرير طبيعة العلاقة بين الكويت من جهة، وكل من بريطانيا وروسيا وتركيا من جهة أخرى، ويتحدث عن حدود الكويت، ومينائها، ومراسيها، وعلاقة آل صباح بآل سعود وآل رشيد. أيضاً يتناول التقرير بعض المعلومات عن قوات الكويت العسكرية، ومدن الكويت الرئيسية، وأسلوب إدارة البلاد وتجارتها، ومناخها، وغير ذلك... هذه كلها معلومات مهمة جداً عن تاريخ الكويت وثقها ضابط بريطاني قبل أكثر من 115 عاماً، وهي متوافرة في هذا التقرير باللغة الإنكليزية. وأكد هذا الضابط "داودينغ" أنه لم يكتب المعلومات التي سطَّرها في تقريره من مخيلته أو وفق مزاجه، بل ذكر مصادره الرئيسية، وهي كالتالي: تقارير متوافرة لدى الحكومة البريطانية، منها تقرير اللورد كرزون وعنوانه "فارس" أو بالإنكليزية "Persia"، وتقرير بالغريف الذي عنوانه "وسط وشرق الجزيرة العربية"، وتقرير لويس بيلي عن زيارته للسعودية عام 1865، إضافة إلى سجلات حكومة بومبي، ولقاءاته العديدة مع الشيخ مبارك الصباح وآخرين في الكويت. في المقال المقبل، بعون الله تعالى، سأتناول الصفحتين الأولى والثانية من التقرير الجميل، واللتين تتناولان اسم الكويت، وسبب انتشاره في تلك الفترة، وبعض المعلومات التاريخية عن نشأة الكويت.