جلوسي الدائم بالبيت هذه الأيام، نتيجة الحظر الذي أرادته الحكومة لنا، جعلني أُنبّش في كل الأدراج والخزائن والأرفف وفي كل مكان بالبيت، لإعادة ترتيب الوثائق والصور والأوراق والرسائل، ومن بين ما وقعت يدي عليه هذه الرسالة والصورة من السيدة الفاضلة المرحومة إقبال علي سيد ياسين الغربللي، يرحمها الله، وكانت في عام 1962 طالبة بمدرسة ثانوية المرقاب للبنات.

وهذه المدرسة كانت الثانوية الوحيدة بالكويت في ذلك الوقت، لقلة عدد سكان الكويت، وقد خرّجت رائدات لخدمة الكويت في كل المجالات، في دفعاتها الأولى، ومنهن شقيقتي التي ابتُعثت إلى بريطانيا في عام 1960، وتخرجت من جامعة أكسفورد.

Ad

وعلى العموم، الموضوع عن الرسالة أعلاه... تقول الفاضلة السيدة إقبال الغربللي إن ثانوية المرقاب في عام 1962 شهدت مظاهرات تأييد للشعب الجزائري، لنيل حريته واستقلاله، وتأكيداً لكلامها، ورغم بُعد الجزائر عن الكويت في القارة الإفريقية فإن وعي الكويتيين زاد وتنامى، وكان الشعور العربي القومي في أبدع صوره ومظاهره، حين خرجت طالبات ثانوية المرقاب بقيادة المرحومة إقبال الغربللي في محيط المدرسة، وهي كما تبدو في الصورة محمولة على أكتاف إحدى فرّاشات المدرسة، وهي تندد بالاستعمار الفرنسي، مطالبة باستقلال الجزائر، وحولها الطالبات يهتفن معها.

ومن الأسماء في الصورة: د. طيبة العصفور، وهي الآن أستاذة في علم الجغرافيا بجامعة الكويت، والمرحومة نعيمة الخرافي، والمرحومة غنيمة عبدالعزيز الفلاح، والسيدة هيا العثمان، والسيدة ليلى أحمد الغربللي التي تخصصت فيما بعد بالفن التشكيلي، وأقامت العديد من المعارض للبيئة الكويتية القديمة!

ونما إلى علمي أن صدى هذه المظاهرة وصل إلى أسماع المسؤولين بدائرة المعارف، وخصوصاً رئيس الدائرة الشيخ عبدالله الجابر، وطلب من إدارة المدرسة حضور الطالبات إلى مكتبه في اليوم الثاني، وشعرت الطالبات بالخوف من أن يتعرضن للتأنيب نتيجة ذلك، ولكن ما حصل كان العكس، وما فعل الشيخ عبدالله الجابر، يرحمه الله، أن عبّر عن شكره للطالبات، وأبدى إعجابه الشديد لموقفهن العربي القومي، وقدم لهن هدايا عبارة عن أقلام باركر!