في تطور جديد للأحداث الفوضوية المستمرة منذ 3 أسابيع في الولايات المتحدة، أغلق محتجون طريقاً سريعاً رئيسياً في مدينة أتلانتا الأميركية، ليل السبت- الأحد، وأضرموا النار في أحد مطاعم سلسلة «وينديز» للوجبات السريعة، الذي أطلقت عنده الشرطة النار على الشاب الأسود رايتشارد بروكس، خلال محاولته الفرار من الاعتقال، فأردته قتيلاً.ومع نزول المحتجين إلى الشوارع، أعلنت رئيسة بلدية المدينة كيشا لانس بوتومز، المرشحة المحتملة لمنصب نائب الرئيس مع الديمقراطي جو بايدن للانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، طرد قاتل بروكس الشرطي الأبيض غاريت رولف وإحالة شرطي آخر يدعى ديفين برونسان إلى العمل المكتبي، مؤكدة استقالة قائدة شرطة أتلانتا إريكا شيلدز، بعد أكثر من عشرين عاماً في الخدمة.
ووفق مكتب تحقيقات جورجيا، فإن بروكس نام داخل سيارته عند مدخل المطعم وعرقل طريق الزبائن، مؤكداً أنه بعد اتصال موظفي المطعم بالشرطة وجدوه مخموراً وقاوَم اعتقاله و»أمسك بمسدّس تيزر» صاعق لأحد الشرطيّين «وهرب».وأضاف المكتب أن رجال الشرطة طاردوا بروكس سيراً على الأقدام، فالتفت نحوهم ووجّه المسدّس الصاعق باتّجاه أحدهم. فاستخدم الشرطي سلاحه وأصاب بروكس، ونُقل إلى مستشفى وخضع لجراحة، لكنّه فارق الحياة، مضيفاً أنّ شرطياً جرح أيضاً.وذكرت صحيفة «اتلانتا جورنال كونيستيتيوشن» أن مقتل بروكس هو الحادثة الثامنة والأربعين، التي يتورط فيها شرطي، وطلب من مكتب التحقيقات في جورجيا التحقيق فيها.
بايدن وترامب
إلى ذلك، شدد بايدن على الحاجة إلى «سياسات محددة وملموسة طال انتظارها، لإبطال العنصرية الممنهجة، وفي مقدمتها وقف أسلوب الخنق على المستوى الوطني»، مجدداً التزامه في حال انتخابه بإنشاء لجنة مراقبة وطنية للشرطة خلال 100 يوم.وكتب بايدن على «تويتر»، أمس الأول، «أمتنا في نقطة انعطاف. لا يمكننا العودة إلى ما كانت عليه الأمور من قبل، وعلينا أن نخطو خطوة جريئة إلى الأمام وأن نبدأ حقبة جديدة من المساواة والفرص». وفي استمرار للجدل حول صلاحيات الشرطة وتسليحها واساليبها، انتقد الرئيس دونالد ترامب موقف بايدن، معتبراً أنه ركب قطار تدمير إدارات الشرطة بشكل غير معقول، مؤكداً أنه لن يسمح بذلك.جاء ذلك بعد إعادة مشاركة ترامب لتغريدة نشرها حساب فريقه الانتخابي، مشيراً إلى أن «بايدن يؤيد اجراء اصلاحات داخل جهاز الشرطة، ويؤيد اليساريين بغض النظر عن مدى خطورة هذا الاقتراح وجذريته».وفي وقت سابق، أكد ترامب على الدور «الثابت للجيش» وأشاد بتراثه ومعاركه منذ حرب الاستقلال، مؤكداً أنه حامي القانون والنظام أثناء فترة تشهد احتجاجات واسعة النطاق ضد العنصرية. وقال ترامب، لخريجي أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية: «انضموا معاً فى مهمة مشتركة لحماية بلادنا والدفاع عن شعبنا، ومواصلة تقاليد الحرية والمساواة والحرية العامة التي يبذل من أجلها الكثيرون أرواحهم».وبعد أن بدا بموقع المدافع عن قادة كونفدراليين في الحرب الاهلية، أشاد ترامب بقادة المعسكر الاتحادي وخص بالذكر الجنرال يوليسيس غرانت، الذي هزم الجنرال الكونفدرالي روبرت اي لي، وأنهى الحرب لمصلحة الاتحاديين، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن تكون بعد الان «شرطي العالم»، وأنها لن تخوض أي حرب إلا للفوز.عسكرة الشرطة
في هذه الأثناء، تُتهم وزارة الدفاع (البنتاغون) بأنها شاركت في السنوات الأخيرة بعسكرة الشرطة، عبر تزويدها مجاناً بفائضها من الآليات المدرعة والأسلحة الحربية، عن طريق برنامج مثير للجدل تريد المعارضة الديمقراطية تقييده.وأحيت صور لعناصر في الشرطة بلباس عسكري وبنادق هجومية موجهة إلى المحتجين ضد عنف الشرطة، الجدل حيال هذا البرنامج الذي قلصه الرئيس السابق باراك أوباما بشكل كبير في عام 2015، لكن ترامب أعاد تفعيله في 2017. ونشرت في منيابوليس آليات مدرعة بأعداد كبيرة خلال أعمال الشغب. وتلك الموارد هي أسلحة حربية وأصبح ينبغي «وقف عسكرة قوات الأمن»، كما يرد في مشروع قانون إصلاح الشرطة، الذي قدمه هذا الأسبوع نحو مئتي نائب في الكونغرس، غالبيتهم ديمقراطيون.ومنذ عام 1997، وزع الجيش الأميركي لأكثر من ثمانية آلاف عنصر في الشرطة -الفدرالية والمحلية والتابعة للسكان الأصليين- معدات مستعملة أو جديدة، من مسدسات وصولاً إلى مروحيات، ومروراً بآليات مدرعة معدّة لمقاومة المتفجرات، بقيمة إجمالية تبلغ 6.,8 مليارات دولار، وفق ما ذكر في مشروع القانون.وفي سنة 2017 المالية وحدها، نقلت 500 مليون قطعة عتاد إلى قوات الشرطة في البلاد، عن طريق البرنامج المسمى «1033»، في إشارة إلى بند ميزانية الدفاع لعام 1997 الذي أقر البرنامج بموجبه.وتظهر البيانات الأخيرة للإدارة اللوجيستية للبنتاغون إلى أي مدى استفادت بعض دوائر الشرطة من سخاء «البنتاغون»، أحياناً بنسب قد تعد فائضة، قياساً بحجم سكان المنطقة التي تتبع لها.وينص مشروع قانون النواب الديمقراطيين على الحد بشدة من منح الشرطة المتفجرات والقنابل وقاذفات القنابل والآليات المدرعة المعدة أكثر لأرض المعركة وليس لحفظ الأمن.بوتين
على مستوى دولي، كان بارزاً، أمس، انتقاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعمال العنف التي تخللت الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة.وقال في مقابلة مع قناة «روسيا-1»: «إذا تحوّلت هذه المعركة من أجل الحقوق الطبيعية والقانونية إلى فوضى وأعمال شغب، فلن يكون ذلك جيدا بالنسبة إلى البلاد». لكنه اعتبر في الوقت نفسه أن الاحتجاجات مؤشر على «أزمات داخلية عميقة».