سيكون انتخاب جوزيف بايدن سبباً محتملاً آخر لانفراج العلاقات الأميركية الصينية في عام 2021، ومن المتوقع أن تتخذ سياسة بايدن تجاه الصين منحىً منطقياً وبراغماتياً أكثر من سياسة دونالد ترامب، ففي المقام الأول، لطالما كان أسلوب بايدن الشخصي أكثر اعتدالاً وعقلانية من ترامب، منذ أن كان نائباً للرئيس وسياسياً مخضرماً في عهد أوباما، كذلك، لن يكون بايدن من مؤيدي السياسة الخارجية الأحادية الجانب، كما كان ترامب، وعلى عكس تعامل ترامب الصارم مع حلفاء الولايات المتحدة، ضاعف بايدن تركيزه على مواجهة التحديات التي يطرحها تنامي النفوذ الصيني عبر تعزيز التنسيق السياسي مع شركاء الأميركيين وحلفائهم التقليديين ضمن أُطر عمل متعددة الجوانب، على غرار حلف الناتو ومجموعة الدول الصناعية السبع وبلدان أخرى في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ.على صعيد آخر، من الواضح أن فريق بايدن المُكلّف بتولي الشأن الصيني يتمتع بنضج سياسي أكثر من فريق ترامب المؤيد لاستعمال القوة. لم ينتهِ بايدن بعد من تشكيل فريقه المختص بالتعامل مع الصين ولم يتناقش حول المرشحين لمنصب مستشار الأمن القومي أو مساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا والمحيط الهادئ، لكنه كان من المشاركين في خطة «تعديل» أو «تجديد توازن» استراتيجية التعامل مع آسيا حين كان نائب الرئيس أوباما، حتى أنه تواصل عن قرب مع خبراء في الشؤون الصينية ومحللين استراتيجيين للسياسة الخارجية في عدد من المجموعات الاستشارية، على غرار «معهد بروكينغز». لهذا السبب، يسهل أن نتوقع الإطار الأساسي لسياسة بايدن تجاه الصين مستقبلاً.
وإذا وصل بايدن إلى البيت الأبيض في السنة المقبلة، فمن المحتمل أن يحلّ عدد من الخبراء المعروفين بنزعتهم العقلانية والبراغماتية في الشأن الصيني منذ عهد أوباما مكان الخبراء الاستراتيجيين العدائيين، من أمثال بيتر نافارو وستيف بانون، للمشاركة في وضع السياسات في هذه الحقبة الجديدة، إنها خطوة إيجابية للبلدَين معاً، ولا شك أنها ستسهم في تخفيف التوتر المتصاعد بينهما في آخر سنتين لأن الفريق الاستراتيجي البراغماتي في البيت الأبيض سيحرص على إبقاء هذه العلاقة الثنائية في إطار دبلوماسي منطقي بدل المقاربة المتقلبة والعدائية التي طبعت عهد ترامب.في ما يخص التواصل مع الصين، يتبنى بايدن والحزب الديمقراطي عموماً موقفاً أكثر إيجابية وانفتاحاً نسبياً، إنها مقاربة مفيدة لأنها تضمن تكثيف الحوار وتسهيله بين النخب الحاكمة في البلدين، كذلك، قد تسمح هذه المواقف بترسيخ تفاهم متبادل بين القيادة والمجتمع عموماً، وخلال عهد ترامب عمدت الولايات المتحدة إلى إبطاء التواصل الفاعل مع الصين، فتعددت الخطوات التي سمحت بتضليل النخبة السياسية والرأي العام في الولايات المتحدة، منها تضخيم التهديدات الصينية، والتأكيد على طموحات الصين التوسعية، وإطلاق مزاعم خاطئة أخرى، إذ تُعتبر هذه العوامل من أبرز أسباب تنامي العدائية بين الولايات المتحدة والصين، وقد تأججت الخصومة بينهما نتيجة الخلافات التجارية أيضاً.في حال انتخاب جو بايدن في 2020، سيواجه في البداية مجموعة من المشاكل المحلية، منها التغير المناخي والاضطرابات العرقية والعدالة الاجتماعية، في ظل انتشار فوقية أصحاب البشرة البيضاء وجهود إحياء الاقتصاد بعد الوباء، ولا شك أن المشاكل السياسية والاقتصادية المحلية ستغيّر الزخم السياسي الأميركي مع فريق بايدن.نظراً إلى أهمية تنفيذ الوعود الانتخابية وإرضاء الناخبين المحليين، سيُركّز فريق بايدن السياسي حتماً على الشؤون الداخلية في المقام الأول، وفي ما يخص سياسة التعامل مع الصين، يحمل بايدن والحزب الديمقراطي خططاً خاصة بهما لاحتواء بكين، لكن من المتوقع أن يتراجع القمع الاقتصادي والتكنولوجي للصين بدرجة ملحوظة لأن الرئيس المرتقب يعطي الأولوية للمسائل المحلية، ورغم استمرار المنافسة المحتدمة بين الصين والولايات المتحدة بعد وصول بايدن إلى الرئاسة، واشتداد المنافسة في المجالات التكنولوجية تحديداً، فإنه لا مفر من أن يتحسن الجو العام للعلاقات الأميركية الصينية بدرجة معيّنة على المدى القصير.* دينغ دينغ تشان* «دبلومات»
مقالات
انفراج مرتقب في العلاقات الأميركية - الصينية في 2021!
17-06-2020