طمس الحقائق... بين التشويه والتصنيف
![محمد المقاطع](https://www.aljarida.com/uploads/authors/21_1703694711.jpg)
بل لقد تسللت أطباع منبوذة وممارسات متدنية لدى مجاميع مختلفة في المجتمع بكل أسف، فقد فتحت السلطة أبوابها ومجالسها لبطانة من الوشاة ومثيري الفتن والمحرضين، ممن لا تحمل نفوسهم الخير للكويت وأبنائها، خصوصاً ممن حصلوا على المواطنة خلسة، ولا تزال روابطهم الأصلية بما فيها تحاملهم على الكويتيين تُشكِّل أخلاقيات مقيتة ومخيفة.وهناك من أُعمي بصره وبصيرته وأُسر عقله في مجافاته للحقيقة الساطعة، وعلى الرغم من إدراكه للحقيقة بشأن إخلاص المتحدث أو الكاتب ونواياه الطيبة وصدق مقولته وعفويتها، فإنه يسفهها وينعتها بأقذع الألفاظ، لأنه يختلف معه فكرياً أو سياسياً أو اجتماعياً، فالحكم على المقالة مدخله التصنيف، فيشوه كلامه، بل وتكال له التهم لأنه على طرف آخر من الرأي أو الموقف السياسي، رغم صدق مقولته وسلامة رأيه! واندفع في طابور المخونين وموزعي صكوك الوطنية أو كيل التهم سياسيون كنّا نأمل منهم خيراً، ونخبٌ مثقفة وفكرية كنّا نحسبهم في العقلاء والمصنفين، وتزاحم معهم طلاب شهرة من الخبيثين أو السذج، ممن يرقصون في حفلات الزار السياسي ويتمتعون بالتصنيف والحكم المسبق، وهم يبطنون ما لا يظهرون، اتخذوا العلمانية مطية لمهاجمة الدين السني، أو التيار المحافظ بشكل عام، ومُنحت أقلامهم زوايا الصحف؛ لمرض فكري في ذهن من سمح لهم.وتوارت عن الكويتيين أخلاقيات هامة من الترفع عن الخلاف والتعاضد لرفع شأن البلاد وحسن الظن والعفوية والصدق، وعاث بعض السياسيين وبعض التجار فساداً، فلوّثوا الأخلاق وأفسدوا الذمم، وقُرِّب المنافق وأُقصي المخلص، وتحولت الكويت إلى عزبة خاصة لهم، وتمكنوا من الإعلام واخترقوا مؤسسات الدولة وضيقوا الحريات واجتثوا الرأي الآخر وحاصروا المخلصين، فانزوى المصلحون وتوارى رجال الكويت الأخيار.فهلا هب الكويتيون لاستعادة عفويتهم وصدقهم، وتصدوا للتشويه والتصنيف، اللذين مزّقا المجتمع وأوجدا تخندقاً كريهاً ومضراً عطّل العمل الوطني ونجاح مشروع الوطن، بإفساح المجال للحقائق وعدم طمسها أو مقاومتها أياً كان قائلها، وبغير ذلك فإن المسلك الآخر يطرب الفاسدين والمتنفذين المتحالفين بعضهم مع بعض.