في محاولة لقطع الطريق أمام استغلال خصومه الديمقراطيين الاحتجاجات العرقية غير المسبوقة في التعبئة للانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أمراً تنفيذياً لإصلاح الشرطة وتحسين التعامل خصوصاً مع الأميركيين من أصل إفريقي.

وفي حضور مسؤولي جهات إنفاذ القانون وعائلات أشخاص قتلوا على يد عناصر الشرطة، وقع ترامب المرسوم، الذي يهدف إلى تحفيز إدارات الشرطة على إدخال تحسينات من خلال ربط الموافقة الاتحادية على المنح التقديرية بالممارسات الجيدة للشرطة.

Ad

ورغم تمسكه بلهجته الصارمة في تطبيق «القانون والنظام»، سبقت استجابة ترامب لأحد أهم مطالب الاحتجاجات العرقية المستمرة منذ 25 مايو، مناقشة مجلس النواب الأسبوع الجاري لمشروع قدمه الديمقراطيون يتبنى الدعوة إلى خفض تمويل الشرطة وتحويل بعض مواردها إلى خدمات مجتمعية.

ويشجع الأمر التنفيذي إدارات الشرطة على استخدام أحدث المعايير لاستخدام القوة وتحسين تبادل المعلومات بحيث لا تتم الاستعانة بالضباط أصحاب السجلات السيئة دون معرفة خلفياتهم والاستعانة باختصاصيين اجتماعيين عند تعامل جهات إنفاذ القانون مع القضايا التي لا تتضمن جرائم عنف وتشمل إدمان المخدرات والتشرد.

إلى ذلك، أكدت مجلة «فوربس» أن المرشح الديمقراطي جو بايدن استطاع ملاحقة ترامب في ولايات محسوبة على الحزب الجمهوري ومكّنته من الفوز على منافسته السابقة هيلاري كلينتون عام 2016.

ومع إشارة أغلبية استطلاعات الرأي إلى تفوق بايدن على المستوى الوطني، لكن الجديد هو أنه بات يلاحق ترامب حتى في معاقل الجمهوريين، وهو ما يشير إلى إمكانية فوزه في الانتخابات بصورة شبه مؤكدة.

ووفق أول استطلاع رئيسي في أركنساس، الأحد، فإنه رغم عدم تمكن بايدن من التفوق على ترامب في ولايات جمهورية، استطاع تقليص الفارق معه إلى نقطتين فقط في أركنساس أكثر الولايات الجمهورية صلابة خلال الدورات الانتخابية القليلة الماضية، مقارنة بـ 27 نقطة مع كلينتون في 2016.

وأظهر الاستطلاع، الذي أصدرته كلية «توك بيزنس بوليتيكس هندركس»، أن ترامب أصبح في سباق متقارب جداً وتفصله نقطة واحدة فقط عن بايدن في ولايات كان يتوقع فوزه بها بشكل مريح مثل تينيسي وميسوري، مبيناً أن الرئيس الجمهوري يواجه انخفاضاً في معدلات التأييد بسبب طريقة تعامله مع وباء كورونا والاضطرابات العرقية المستمرة منذ 25 مايو.

وعلق محلل سياسي في كلية هندريكس على الاستطلاع قائلاً: «في حين أن مكانة ترامب لا تزال قوية لدى الجمهوريين في الولاية، لكن ليس لديه الآن أي دعم ديمقراطي تقريباً ولا يحظى بشعبية في صفوف الناخبين المستقلين في الولاية (39 في المئة فقط من هذه المجموعة الفرعية تدعم استمرار الرئيس).

الاستطلاع المذكور لا يبشر خيراً بالنسبة لترامب على المستوى الوطني. وفقًا لأحدث معدل استطلاعات ريال كلير بوليتيكس، يتقدم بايدن بـ 8.1 نقاط مئوية على ترامب على الصعيد الوطني. وقد تأخر ترامب عن هيلاري كلينتون بمتوسط 5.5 ناقة في نفس الوقت في سباق 2016.

خسارة الأغلبية

وكشف تقرير لشبكة «سي إن إن» أن الاستطلاعات في مختلف الولايات أظهرت تقدم الديمقراطيين على ترامب وحزبه منذ بدء الاحتجاجات في مدينة مينابوليس، مشيرة إلى أن «المرشحين الجمهوريين لا يستطيعون الهرب من مواجهة تراجع شعبية ترامب ويخشون أن يكلفهم ذلك حتى الأغلبية الحالية في مجلس الشيوخ».

وأشارت تحديداً إلى أن «استطلاع ولاية آيوا أظهر أن المرشحة الديمقراطية في مجلس الشيوخ تيريزا غرينفيلد، ستحصل على 46 في المئة من أصوات الناخبين المحتملين لجرينفيلد مقارنة بـ 43 في المئة ممن سيصوتون للسناتور الجمهوري جوني إرنست».

وأضافت الشبكة أن «استطلاعات السباق إلى البيت الأبيض أو مجلس الشيوخ أطهرت تحولاً واضحاً نحو الديمقراطيين منذ بدء الاحتجاجات والحركة نحو بايدن تتجه إلى مستوى الولايات»، مبينة أن تضمين ولايات مثل أريزونا وويسكونسن في هذه المجموعات قلبت ساحة المعركة الانتخابية في 2020.

في موازاة ذلك، هدد الرئيس ترامب مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون بـ «مشكلات جنائية» إذا نشر كتابه الذي ينتقد الرئيس بشدة.

وفي حين يعول ترامب يعول على مهرجانه الضخم في تولسا بولاية أوكلاهوما لإعادة إطلاق حملته الانتخابية للفوز بولاية ثانية، فإنه دُعي لإلغائه بسبب مخاطر انتشار فيروس كورونا المستجد.

وفي حين اضطر ترامب إلى تأجيل هذا التجمع الكبير إلى 20 يونيو الجاري لأسباب تتعلق برمزية مكان، المدينة التي شهدت عام 1921 أسوأ الاضطرابات العرقية في التاريخ الأميركي، والزمان الذي صادف موعده الأول الاحتفالات ذكرى نهاية العبودية، اعتبرت صحيفة «تولسا وورلد» المحلية أن المخاطر الصحية الناجمة عن تجمع حاشد في مكان مغلق كبيرة جداً.

ووسط تأجج الوضع بعد واقعة مقتل الأميركي الأسود رايشارد بروكس على يد الشرطي الأبيض غاريت رولف، نظّم متظاهرون أمس مسيرة في أتلانتا، مطالبين بإصلاح القضاء الجنائي ووضع حد للعنف الممارس من قبل الشرطة.

وفي حين كشفت عمدة أتلانتا كيشا لانس بوتومز عن مجموعة من تدابير تهدف إلى تقييد استخدام القوة خلال التوقيف، تعهّدت شرطة لوس أنجلس بفتح تحقيق «معمّق» في قضية الشاب الأسود روبرت فولر، الذي عثر عليه فجر العاشر من يونيو مشنوقاً على شجرة، في واقعة اعتبرتها في بادئ الأمر حادثة انتحار قبل أن تتراجع تحت وطأة تظاهرات غاضبة وتأمر بتشريح الجثة.

«حرب التماثيل» تمر بنيومكسيكو

استمراراً لمسلسل استهداف تماثيل شخصيات تاريخية أميركية جدلية يعتبرها مناهضو العنصرية مسيئة إما للأميركيين الأفارقة أو للسكان الأصليين، شهدت مدينة الباكركي في ولاية نيومكسيكو مواجهات حول تمثال الفاتح الإسباني بالقرن السادس عشر خوان دي أونيت الموجود في ساحة قرب متحف المدينة.

وأصيب متظاهر بطلق ناري عندما حاولت الشرطة فض اشتباك بين المحتجين الذين حاولوا إسقاط التمثال ومسلحين ينتمون إلى جماعة أهلية تدعى حرس نيومكسيكو المدني، حسب صحيفة «ألباكركي جورنال» المحلية.

وأكد قائد شرطة الباكركي تلقي بلاغات عن احتمال تورط بعض أفراد لجان الأمن الأهلية في التحريض على العنف، مبيناً أن مكتب التحقيقات الاتحادي FBI يساعد محققيه في استجواب بعض الأفراد.

وتمثال أونيت هو جزء من منحوتة مثيرة للجدل تدعى «لا خورنادا» تصور الرجل الذي ارتبط اسمه بمذبحة وقعت عام 1599 لقبيلة من السكان الأصليين، وهو يقود مجموعة من المستوطنين الإسبان صوب المنطقة التي باتت تعرف الآن باسم نيومكسيكو.