دخل «قانون قيصر» الأميركي، الذي يتضمن عقوبات قاسية على دمشق والمتعاملين معها، حيز التنفيذ أمس، لتدخل سورية معه في جولة جديدة يصفها أنصار الرئيس بشار الأسد بأنها حرب اقتصاية هدفها تحقيق ما فشلت فيه الحرب العسكرية المتواصلة في سورية منذ 2011.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، سريان القانون، مؤكداً أن المزيد من العقوبات مقبل في الأيام القادمة.

Ad

وقال بومبيو: «نبدأ اليوم حملة العقوبات ضد النظام السوري بموجب قانون قيصر، الذي سيتيح فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على نظام الأسد وحلفائه».

كما أوضح أن «الحزمة الأولى من العقوبات ستطال تطال بشار الأسد وزوجته، إضافة إلى 39 كيانا وشخصا آخرين».

وأكد بومبيو أن «حملة الضغوط الاقتصادية والسياسية ستتواصل ولن تتوقف حتى محاسبة النظام السوري وداعميه الخارجيين على أفعالهم الوحشية ضد الشعب».

وتعهد بومبيو، في بيان، بـ«فرض المزيد حتى يقوم ونظامه بوقف حربهم الوحشية غير المبررة والموافقة على حل سياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254».

وتضمنت العقوبات شقيقة الأسد بشرى، وشقيقه ماهر وزوجته منال، وقادة من الفرقة الرابعة غسان علي بلال وسامر الدانة، إضافة إلى «لواء فاطميون» الإيرانية، وعدد من مسؤولي الشركات الكبرى.

وصبيحة سريان «قانون قيصر»، قالت السفارة الأميركية في دمشق: على النظام السوري الاختيار بين العقوبات وإيقاف تمويل إعادة الإعمار أو مسار الحل السياسي»، مؤكدة التزامها بضمان وصول الدعم الإنساني الدولي للمدنيين، من خلال التنسيق الوثيق بين الشركاء الدوليين».

وقبل ساعات من دخول القانون حيز التنفيذ ليشكل آخر خطوات واشنطن في المعركة الاقتصادية على النظام السوري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلال 9 سنوات من الحرب، ويأمل اليوم في انطلاق ورشة إعادة الإعمار، أبلغت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت مجلس الأمن، أمس الأول، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستنفذه اعتباراً من يوم الأربعاء (أمس) من أجل «حرمان الأسد من عائدات ودعم يستخدمها لارتكاب فظائع على نطاق واسع وانتهاكات لحقوق الإنسان تحول دون التوصل إلى حل سياسي وتقلل من احتمالات السلام بشدة».

وأوضحت كرافت أن عقوبات قانون قيصر، الذي أقره «الكونغرس» في ديسمبر الماضي، تهدف إلى ردع الجهات الفاعلة الخبيثة التي تواصل مساعدة الحكومة السورية وتمويلها، ودفع دمشق إلى العودة إلى محادثات الأمم المتحدة وإعادة الزخم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 القاضي بتحقيق الانتقال السياسي.

عقوبات وتداعيات

وبينما عرقلت الإجراءات الأميركية والأوروبية، التي طالت شركات ورجال أعمال وقطاعات مختلفة على حد سواء منذ سنوات، قدرات دمشق الاقتصادية، فإن قانون قيصر هو الأكثر قساوة، سواء على الاقتصاد المنهك أساساً، مروراً بقطاعات العقار والإعمار والطاقة والبنى التحتية، ووصولاً إلى التصدي لسعي إيران وروسيا لتعزيز حضورهما، خصوصاً بإعادة الإعمار.

وينص القانون، الذي تشترط واشنطن لرفعه إجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي «جرائم الحرب» ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين، على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت أنه «مؤسسة مالية أساسية في عمليات تبييض الأموال».

وقبل أسبوعين من تنفيذ القانون المستعار اسمه من مصوّر سابق في الشرطة العسكرية السورية انشقّ عن النظام عام 2013، حاملاً معه 55 ألف صورة تظهر التعذيب والانتهاكات في السجون، أكد خبراء أن القانون ساهم إلى حدّ كبير في الانهيار التاريخي لليرة، التي تخطى سعر صرفها خلال أيام قليلة عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية.

جلسة ثالثة

ويعيش أكثر من 80 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، في وقت ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 بالمئة منذ مايو 2019، بحسب برنامج الأغذية العالمي.

وفي ظل تراجع فرص العمل والقدرة على استيراد السلع بما فيها الغذائية والطبية، أصبح الأزمة أكثر تعقيداً، في مناطق سيطرة الحكومة، التي تشهد أساساً منذ عامين أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي، رجح الخبراء أن تنعكس عقوبات «قيصر» على عمل شركات البناء والنقل والحد من تصدير المنتجات الزراعية عبر سورية إلى الدول العربية.

وفي أول يوم، أعلن المصرف المركزي، أمس، رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة إلى 1250 ليرة بدلاً من 700.

وبعد تأكيده أن الأوضاع الاقتصادية تشهد بالفعل «انهياراً دراماتيكياً» مع ارتفاع صارخ في أسعار الغذاء والدواء، أمل المبعوث الأممي غير بيدرسون في انعقاد جلسة ثالثة للجنة الدستورية السورية في جنيف بحلول نهاية أغسطس.

السويداء وإدلب

وعقب الانهيار الاقتصادي، رفع أهالي السويداء، الذين كسروا حاجز الصمت ورددوا شعارات مشابهة لثورة 2011، سقف مطالبهم لتصل إلى إسقاط النظام، في حراك متواصل للأسبوع الثاني على التوالي.

وبعد تأكيد الولايات المتحدة حرمان الأسد من «الحسم العسكري»، تحدث بيدرسون، عن تطمينات من روسيا وتركيا حول إبقاء إدلب في الشمال السوري هادئة، في وقت انسحبت قوة من الشرطة العسكرية الروسية من قرية دير غصن بريف الحسكة، بعد أن تمركزت فيها، أمس الأول.

وفي حضور نائب المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ويليام روباك، أنهى المجلس الوطني وأحزاب كردية المرحلة الأولى من حوارات «وحدة الصف الكردي» بإعلان التوصل إلى رؤية مشتركة ملزمة للطرفين أساسها «اتفاقية دهوك» للحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع.