وسط اتهامات للحكومة المركزية في بغداد باتخاذ رد فعل متراخٍ تجاه تعدي الجارتين على الأرضي العراقية، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي لدى بغداد، في خطوة هي الثانية من نوعها خلال 3 أيام، وسلمته مُذكّرة احتجاج شديدة اللهجة دعت أنقرة إلى سحب قواتها، التي نشرتها في إقليم كردستان شمال البلاد أخيراً.وقالت الخارجية، في بيان أمس، إن "العراق يستنكر بأشدّ عبارات الاستنكار والشجب مُعاودة القوات التركيّة، أمس، انتهاك حُرمة البلاد وسيادتها بقصف ومُهاجَمة أهداف داخل حُدُودنا"، داعية إلى "الكف عن الأفعال الاستفزازية والخروقات المرفوضة".
وشددت الوزارة على ضرورة "التزام الجانب التركيّ بإيقاف القصف، وسحب قواته المُعتدِية التي توغّلت أخيراً، ومن أماكن تواجدها في معسكر بعشيقة وغيرها"، لافتة إلى أن "الحُكومة العراقيّة تؤكد أنّ تركيا كانت السبب في زيادة اختلال الأمن بالمنطقة الحُدُوديّة المُشترَكة؛ إذ تسبّبت مبادرة السلام التي اعتمدتها مع حزب العمال الكردستانيّ عام 2013 في توطين الكثير من عناصر الحزب التركيّ داخل الأراضي العراقيّة، من دون موافقة أو تشاور مع العراق؛ ممّا دعانا إلى الاحتجاج حينها لدى مجلس الأمن".وأضافت: "تم استدعاء السفير التركيّ في العراق مُجدّداً اليوم، وتسليمه مُذكّرة احتجاج شديدة اللهجة"، مطالبة الحكومة التركيّة بأن تستمع إلى صوت الحكمة، وتضع حدّاً للاعتداءات.وأكدت احتفاظ العراق بحُقُوقه المشروعة في اتخاذ الإجراءات التي من شأنها حماية سيادته وسلامة شعبه بما فيها الطلب إلى مجلس الأمن والمنظمات الإقليميّة والدوليّة على النُهُوض بمسؤوليّتها.وكانت الوزارة العراقية استدعت السفير التركيّ قبل يومين؛ وسلّمته مُذكّرة احتجاج بعد إطلاق أنقرة عملية "مخلب النسر" الجوية التي اتبعتها، أمس الأول، بحملة برية اطلقت عليها اسم "مخلب النمر" لملاحقة عناصر الحزب الكردي المتمرد.ونقل عن مسؤول تركي بارز أن أنقرة بدأت العمليات بعد محادثات مع السلطات العراقية، مؤكدة وجود 10 قواعد مؤقتة بشمال العراق، والتخطيط لإقامة المزيد بهدف إبعاد المقاتلين عن الحدود التركية.في موازاة ذلك، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الإيراني ببغداد إيرج مسجدي وسلمته مذكرة احتجاج ضد القصف المدفعي الإيراني، الذي استهدف مواقع لحزبين إيرانيين كرديين متمردين، بمناطق تابعة لمدينة حاج عمران التابعة لمحافظة أربيل بإقليم كردستان العراق وتزامن مع الهجمات التركية. وأكدت الوزارة حرص العراق على استمرار وتنمية العلاقات التاريخية مع الجمهورية الإسلامية، إلا أنها شددت على ضرورة تحري طهران سبل التعاون الثنائي المشترك في ضبط الأمن وتثبيت الاستقرار على الحدود المشتركة.
إدانات عراقية
في هذه الأثناء، أدانت فصائل وأحزاب عراقية، موالية لطهران، العمليات العسكرية التركية في كردستان.ودان مكتب زعيم "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، عبر "تويتر" ما وصفه بـ"الإنزال التركي الأخير في كردستان العراق، والذي يمثل استهتاراً واستخفافاً بالسيادة العراقية".ودعا الحكومة العراقية وحكومة كردستان إلى اتخاذ موقف مناسب ضد الانتهاك.واستنكرت كتلة "الاتحاد الوطني الكردستاني" التوغل التركي داخل الأراضي العراقية، ودعت الحكومة المركزية في بغداد لاتخاذ "موقف جدي لحماية سيادتها".في السياق، استنكرت الإمارات التدخلات العسكرية التركية والإيرانية في العراق، من خلال قصفهما مناطق في شمال البلد العربي، مما شكل انتهاكا لسيادة العراق، وأدى إلى ترويع وبث الذعر بين المدنيين الأبرياء.وأعربت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن «إدانة المملكة العربية السعودية وشجبها للعدوان التركي والإيراني على الأراضي العراقية».ورأت فيه «تدخلاً مرفوضاً في شأن دولة عربية، وانتهاكاً سافراً لأراضيها، وتهديداً للأمن العربي والأمن الإقليمي، ومخالفة صريحة للمبادئ والمواثيق الدولية».كما أكّدت «وقوف المملكة إلى جانب جمهورية العراق الشقيقة فيما تتخذه من إجراءات لحفظ سيادتها وأمنها واستقرارها».في غضون ذلك، نشرت وزارة الدفاع التركية، مقطع فيديو يرصد لحظات ضرب أهداف من قبل مروحيات ومدفعية الجيش، في إطار "مخلب النمر" بمنطقة حفتنين داخل كردستان العراق.وأشارت الوزارة إلى أن "العملية تتواصل بنجاح، كما هو مخطط له، وأن مروحيات آتاك الهجومية محلية الصنع تقوم بضرب الأهداف بالمنطقة المذكورة"، مضيفة أن القوات التركية أصابت أكثر من 500 هدف لمقاتلين أكراد.المنطقة الخضراء
إلى ذلك، سقطت 4 صواريخ ليل الأربعاء- الخميس على المنطقة الخضراء الشديدة التحصين وسط بغداد، وتسببت في انطلاق صفارات الإنذار بالسفارة الأميركية، في خامس هجوم من نوعه خلال عشرة أيام.وأفادت القوات الأمنية بأنها عثرت على منصة إطلاق الصواريخ قرب معسكر الرشيد جنوبي العاصمة بغداد.ويأتي الهجوم الأخير بعد سلسلة حوادث مشابهة، بما فيها هجوم صاروخي على قاعدة ضمن مطار بغداد الدولي. وفي 13 يونيو الحالي استهدف هجوم صاروخي قاعدة شمال بغداد تتمركز فيها قوات تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش". وفي الثامن من يونيو، ضرب صاروخان أراضي مجمّع مطار بغداد، بينما سقط صاروخ غير موجّه قرب مقر السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء.تبنِّ وتضارب
وفي حين يعتقد أن فصائل عراقية موالية لطهران تقف وراء الهجمات على المنطقة الخضراء، أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم "عصبة الثائرين"، مسؤوليتها عن الضربات المعادية لأميركا في المنطقة الخضراء وفي عدد آخر من المناطق.ونشرت الجماعة التي أعلنت عن نفسها أخيرا، شريط فيديو تضمنت لقطات لعمليات ضد أهداف أميركية من بينها إطلاق صاروخ على السفارة الأميركية وقاعدة عسكرية مشتركة بالقرب من مطار بغداد.إلا أن منصات مواقع التواصل التي تداولت الفيديو تضاربت حول تحديد الهوية المذهبية للجماعة وانتمائها.الكاظمي
وشدد رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، على أن إطلاق الصواريخ التي سقطت بساحة الاحتفال وسط بغداد "تهديد للاستقرار". وقال عبر "تويتر"، إن "الصواريخ التي أطلقت تسعى إلى تهديد استقرارنا ومستقبلنا وهو أمر لا تهاون فيه". وأضاف الكاظمي: "لن أسمح لجهات خارجة على القانون باختطاف العراق من أجل إحداث فوضى وإيجاد ذرائع لإدامة مصالحها، ماضون في عهدنا لشعبنا بحماية السيادة، وإعلاء كرامة الوطن والمواطن". ومنذ تكليف الكاظمي برئاسة الحكومة الجديدة، مطلع أبريل الماضي، شددت فصائل عراقية موالية لطهران على ضرورة قيامه بإخراج القوات الأميركية والأجنبية.