وسط تباين في المواقف النيابية إزاء عقد جلسات مجلس الأمة عن بُعد (أونلاين)، لم تجتمع لجنة الشؤون التشريعية والقانونية الى الآن للبت في تكليف المجلس لها بدراسة تعديل قانون اللائحة الداخلية، بما يسمح بعقد جلسات عن بُعد.

وأثار اخضاع النواب لحجر منزلي مدته 14 يوماً، مع عدم خروجهم إلا للضرورة، عقب الاشتباه في إصابة نائب حضر جلسة المجلس يوم الثلاثاء الفائت بفيروس كورونا، تساؤلات عما اذا كانت اللجان والجلسات ستتوقف عن عقد الاجتماعات طوال هذه الفترة.

Ad

وعلمت «الجريدة» من مصادرها أن اللجنة التشريعية لم تجتمع، على هامش جلسة الاربعاء، بناء على تكليف المجلس لها بدراسة التعديل الذي تقدم به خمسة نواب، لتمكين المجلس من عقد جلسات عن بُعد باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، بسبب حالة الاشتباه في إصابة احد النواب بـ«كورونا».

وقالت المصادر إن هناك توجها نيابيا داخل اللجنة التشريعية للموافقة على القانون بأسرع وقت، ورفع تقريرها الى المجلس بحيث يقر في أول جلسة مقبلة.

«الجريدة» وجهت سؤالا إلى عدد من أعضاء مجلس الأمة عن موقفهم من عقد الجلسات عن بعد. وتباينت الآراء النيابية في شأن هذا الموضوع، بين من رحب بالخطوة واعتبرها مهمة لدعم عمل المجلس، ومن تحدث عن عدم دستوريتها وصعوبة تطبيقها وأن الإجراء الأمثل هو اتباع الإجراءات الاعتيادية في عقد الجلسات، مع أخذ الاحترازات الصحية.

أعلن عضو لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية النائب خالد العتيبي رفضه عقد جلسات مجلس الأمة عن بعد أو إلكترونيا.

وقال العتيبي لـ "الجريدة": مازلت عند رأيي بأن التباعد موجود، والإجراءات الاحترازية يمكن أن تتبع وتطبق داخل قاعة عبدالله السالم، والخطأ الذي حدث بدخول نائب إلى القاعة قبل أن تصله نتيجة فحص "كورونا" كان من المفترض ألا يحدث.

وأضاف: يفترض أن يتم فحص النواب قبل الجلسة بيومين، وإذا ظهرت النتائج بأن الجميع بخير وغير مصابين بكورونا في تلك الحالة نحضر الجلسات، مبينا أن نتيجة أحد النواب وصلت متأخرة، وكان يفترض ألا يحضر الجلسة مع الاشتباه في حالته.

وشدد على أن عقد جلسات المجلس عن بعد "يفقدها قيمتها، لذلك أنا ضد أن تعقد جلسات المجلس عن بعد، فالإجراءات الاحترازية يمكن أن نطبقها، ويمكن إجراء الفحص للنواب قبل الجلسة بيومين، ومن لم تصله نتيجة الفحص لا يحضر الجلسة حرصا على باقي أعضاء المجلس، وأعتقد أن هذا هو الإجراء السليم".

من ناحيته، قال النائب الدكتور خليل عبدالله إنه لا يمكن أن تعقد اللجان عن بعد وذلك لأنه يشترط لعقدها "السرية" وعقدها عن بعد لا يضمن سريتها، إضافة إلى أن آلية عقد اللجان أو الجلسات عن بعد أمر، ودستوريتها وقانونيتها أمر اخر.

وأضاف عبدالله ان "قانونية ودستورية" عقد الجلسات عن بعد لابد أن تكونا محل بحث للوصول إلى رأي قانوني متفق عليه من الجميع، وأعتقد أنه من "الصعب" عقد الجلسات عن بعد.

وتابع ان عقد الجلسات عن بعد يحتاج آلية فنية محددة، وإلا كيف سيكون التصويت إذا كان هناك تصويت علني أو سري؟ وكيف سيتم اختيار اللجان؟ وهل نضمن ان تلك الآلية ستتم بالشكل الصحيح؟

وقال: ليس لدينا الوقت لايجاد مثل هذه "الآلية"، لذلك الطريقة الأمثل الآن هي عقد الجلسات بشكلها التقليدي مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية لحين الوصول إلى آلية فنية متكاملة.

وأشار إلى أنه لو فرض أنه طلب أن يتم تشكيل "لجنة تحقيق" في قضية ما فكيف سيتم تشكيلها والتصويت عليها عن بعد وهو تصويت "سري"؟ وكيف نضمن سرية التصويت "أونلاين"؟ لذلك لا يمكننا أن نعقد جلسة افتراضية وجميع افتراضات الجلسة غير جاهزة، وأعتقد أنه إلى أن يتم إنشاء منظومة كاملة وقانونية يمكن عقد تلك الجلسات عن بعد لكن دستوريا هذا الأمر "غير ممكن".

لا يوجد نص

بدوره، أكد النائب أسامة الشاهين أنه لا يوجد نص يمنع انعقاد الجلسات إلكترونيا عن بعد، حيث ان الدستور قرر فقط بطلان الجلسات التي تعقد بغير الزمان والمكان المحددين، ولم يحددهما وترك ذلك لبطاقة الدعوة التي توجه إلى النواب والوزراء قبل انعقادها.

وقال الشاهين لـ "الجريدة": وبالتالي إذا ما تم تحديد غرفة إلكترونية لانعقادها من خلال برنامج من البرامج المنتشرة والمتاحة والآمنة فإن ذلك سليم دستوريا.

وأضاف: كذلك فإنه لا يوجد ما يمنع من مسار (ثان) يتمثل في انعقاد الجلسة في ذات القاعة لما ترتب على ذلك من أعراف، مع تمكين النواب من الحضور إلكترونيا بها.

وشدد الشاهين على أن خيار انعقاد الجلسات إلكترونيا معمول به في كثير من برلمانات العالم، حيث تنعقد الجلسة برئيسها وأمينها العام وممثلي الكتل والأحزاب السياسية المختلفة عندهم، بينما بقية الأعضاء يمكنهم التصويت والتعبير بالوسائل الإلكترونية المختلفة لاحتساب أصواتهم قبل اتخاذ أي قرار.

وأكد أن المسار الثالث المتاح هو تعديل اللائحة بما ينص صراحة على عقد جلسات عن بُعد قطعا للجدل ومنعا للالتباس والتشكيك والطعون وحسما للجدل.

وكشف الشاهين أن هناك تعديلا على قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة تم تقديمه ينص على جواز عقد الجلسات إلكترونيا، ونتوقع أن ينظر ويدرس وتعلن تفاصيله في القريب العاجل، حتى يكون برلماننا سباقا لبرلمانات المنطقة في انعقاد جلساته إلكترونيا وليس فقط لجانه، خاصة في حالات الضرورة والكوارث.

ودعا الى تمكين النواب من الحضور الإلكتروني في حالات الضرورة الشخصية، مثلما حدث في مجلسنا الحالي عندما كان هناك نائبان يحتفظان بعضويتيهما النيابية وهما داخل السجن، وكان من الواجب تمكينهما من الحضور حضورا فعليا أو افتراضيا احتراما لمسؤولية وسلطة تمثيل الأمة والقيام بواجبات الدفاع عنها.

الحكومة الإلكترونية

من جهتها، أيدت النائبة صفاء الهاشم عقد جلسات مجلس الأمة عن بعد، خلال الفترة الحالية والقادمة، مشيرة إلى أن البلد كاملا يسير حاليا وفق نظام الحكومة الإلكترونية.

وقالت الهاشم، لـ"الجريدة"، إن الحكومة كانت تتخبط سابقا بحضور وبصمة وازدحام في الشوارع، والعامل الورقي قائم في ظل تعطيل وعرقلة وتأخير كثير من الأعمال، بينما يعتبر النظام الإلكتروني أفضل، وهو نظام رائع وراق والعالم يتجه اليه في كل شيء".

واضافت ان "العمل وفق النظام الإلكتروني اثبت نجاحه في كل أروقة البلد خلال أزمة كورونا، ونأتي ونقول لا يمكن ان تكون الجلسات عن بعد، وهذا غير صحيح، فمن الممكن ان تكون كذلك من خلال النظام الالكتروني الحديث وبرامجه الكثيرة التي تتيح التواصل عن بعد".

وتابعت: "لا توجد موانع من عقد الجلسات عن بعد، وعلى سبيل المثال نظام زووم توجد فيه كل الامتيازات الخاصة بالتحدث عن بعد، من تشغيل الميكروفون وإغلاقه وجعله صامتا، وتوزيع الأدوار على المتحدثين، كما يمكن أن يكون لنا في المجلس كنواب تصميم خاص بنا، ومصمم للمجلس وعقد الجلسات... الموضوع سهل جدا".

واردفت الهاشم: "نحتاج فقط تشريعا يحدد الضوابط الدستورية والقانونية لهذا العمل، وهذا امر سهل ايضا في دولة تملك كل الإمكانيات والعقول والكفاءات"، متابعة: "لا يوجد شيء مستحيل، ولنبدأ بهذا العمل أفضل من أن تقف أحوالنا بالمجلس بهذه الطريقة".

واستدركت: "بعد كل هذا الجهد وبسبب إهمال نائب ذهب لمزرعة او تجمع عند أصدقائه وحب خشوم، وبالأخير يحصل لنا اننا نتعرض للحجر المنزلي"، مضيفة: "انا حبست عمري اربعة اشهر لمنع اي عدوى، ونظرا للظروف الصحية لشقيقتي، واحضر الجلسة وملتزمة بالكمام، وأطبق كل الاجراءات الصحية، ويأتي احدهم لا يريد ان يضع كماما على وجهه، ولا يجري مسحة، وهذا امر مزعج ولابد ان يكون هناك حل، ولو كان النظام الالكتروني موجودا لما حصل ذلك".

وذكرت: "جربت العمل من خلال زووم عندما كنا نعقد اجتماعاتنا مع المكتب الفني في اللجنة المالية ووزير التجارة، واستطعنا انجاز قانون الافلاس عبر الاجتماعات الالكترونية عن طريق هذا البرنامج، لذلك مطلوب من المجلس ان يبدأ التحضير لهذا التشريع المهم، لانه في حاجة ماسة اليه حاليا أكثر من اي وقت مضى، وبأسرع وقت".