في ثمانينيات القرن الماضي، وخلال عملي قائماً بالأعمال بسفارتنا في أبوظبي، أرسل لي الصديق الباحث في التراث الكويتي الأستاذ حمد السعيدان، طيَّب الله ثراه، نسخة من مخطوطته (بيان البيان في الاستشفاء بالقرآن)، التي لم ترَ النور حتى وقتنا الحاضر، وفي هذه المخطوطة آيات مُستخلصة تُقرأ لكل داء، وما يصيب الإنسان من الأمراض العضوية والنفسية والعين والحسد، ولتسهيل الأمور الدنيوية.

ويقول صاحب المخطوطة في المقدمة: "هذه مجموعة من الآيات القرآنية الجليلة مختارة بعناية لشفاء الأمراض والعلل التي تناسب الإنسان من العوارض الروحانية التي يعجز الطب عن علاجها، ومناسبة لمن أراد الانتفاع بها، عوضاً عن الطب، فهي من تجاربي، وقد جمعتها من القرآن الكريم ومن السُّنَّة المطهرة، وبعضها تلقيته على أيدي عدد من الفقهاء والصالحين"!

Ad

تقع المخطوطة في حوالي ٨٠٠ صفحة من الحجم الكبير، وتم ترتيب الأمراض والعلل وفق التسلسل الأبجدي، لسهولة الوصول إلى المرض المُراد علاجه، فمثلاً في باب "الصاد" أورد عن الصداع أو الألم الذي يصيب الرأس.

وعلاجه، كما ذكر صاحب المخطوطة، هو استخلاص بعض الآيات الكريمة لهذا الغرض، ثم تُقرأ على الرأس فيبرأ، ويذهب الصداع بإذن الله، والآيات هي "وله ما سَكَن - ألم تر إلى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً - إن يشأ يُسكِنِ الرّيح". ويُلاحظ أن مطالع الآيات الكريمة وردت كلمات "سكن - ساكناً - يسكن"، وهذه الكلمات - كما يبدو - فيها تأثير ومفعول قوي لتسكين الصداع، وعلاج رباني مجاني.

وقد تنوَّعت الطرق والوسائل والأدوات المستخدمة للوصول إلى العلاج في المخطوطة، فمثلاً بعض الآيات تُقرأ على ماء الزعفران ويُشرب، وبعضها على فوطة ساخنة أو باردة، وبعضها الآخر كمثل الصداع، توضع اليد على الرأس أو الجبهة فقط.

واشترط صاحب المخطوطة شروطاً عديدة للمشتغلين في هذا العلم لبيان مدى نجاح العمل، منها طهارة البدن والملبس والنيَّة الصادقة والشفافية والابتعاد عن الأمور المادية.

الحقيقة، استهوتني هذه المخطوطة، وبدأت أُجري تجارب بسيطة وتحقق لها النجاح بفضل الله، وعندما انتشر خبر المخطوطة بين الزملاء في السفارة، أخذوا في التوافد، لإعطائهم وصفات طبية بالمجان، وزاد الأمر لأصدقائهم وأقاربهم!

إذن، فقد أصبحت طبيباً ودبلوماسياً في آن واحد، وكما يُقال في المثل الكويتي "بغيناها طرب صارت نشب"!

ومن أطرف الحالات العجيبة، أن أحد موظفي السفارة من الكويتيين جاء يرغب بوصفة علاج لزوجته للإنجاب!

وأعطيته خلطة زعفران وحَبّ الهال والدارسين المطحون، وقلت له لتضع حرمُكم المصون ملعقة واحدة من هذه الخلطة في كوب ماء ساخن وتشربه على الريق مدة أسبوع!

وبعد بضعة أشهر، جاء الزميل يبشّرني بظهور أعراض الحمل على زوجته، التي أنجبت توأماً من الأولاد، علماً بأنني لم أكتب شيئاً أو أقرأ عن الخلطة التي استوحيتها من بنات أفكاري!