رياح وأوتاد: وتستمر الأيام والممارسات والقرارات بإظهار الحقائق
أولاً- في المجلس:بينت في المقال السابق أن القانون لا يعدل أو يلغى إلا بقانون آخر، وأن أسلوب تعديل أو إلغاء القوانين بالاستجوابات هو أسلوب غير دستوري ولا يأتي بنتيجة صحيحة، وبالفعل ظهرت هذه الحقيقة الآن وتبينها أغلبية الأعضاء من الذين رفضوا طرح الثقة في وزير المالية، واختفت تلك المقولة التي طُرحت من قبل على شكل مفاصلة منحرفة وغير سليمة، حيث كانت تروج أن من كان ضد طرح الثقة في الوزير هو مع القانون الربوي وضد المتقاعدين وضد الشريعة. والدرس المستفاد أيضاً من هذه الحادثة هو أنه كان الأولى بالنواب بذل الجهد من أجل تعديل القانون، وذلك بتشكيل لوبي منهم يبين للأعضاء في المجلس ويحضر اجتماعات اللجنة المالية متسلحاً بالفتوى الشرعية والتفسير الوارد للمادة الثانية من دستور الكويت، ويجتمع مع رئيس الوزراء والوزراء مبيناً أهمية التعديل بإدخال المرابحة أو التورق كخيار شرعي الى جانب الاستبدال المعمول به، علماً أن هذا التعديل تمت صياغته بمعرفة د. نايف العجمي ود. نايف الحجرف في التأمينات إبان الاستجواب الأول، ولا شك عندي أنه سيتم قبول هذا التعديل إذا ما تم طرحه بالتوقيت والأسلوب الصحيح بعيداً عن الصراعات وإلصاق التهم والاستقطابات الانتخابية والسياسية المختلفة، وهذا هو الأسلوب الذي اتبعناه في المجالس السابقة، والذي نجح بفضل الله في إقرار وتعديل كثير من التشريعات نحو الشريعة الإسلامية.
ثانياً- في الحكومة:رغم تصريح رئيس الوزراء في جريدة "الجريدة" في الثامن والعشرين من الشهر الماضي بأن وضعنا الاقتصادي جيد، ولكن ليس لدينا سيولة للرواتب، وأيضاً إبلاغ هيئة الاستثمار وغيرها من الجهات المسؤولة في الدولة عن نقص كبير في السيولة فإن المجلس لا يزال يقدم ويصوت على قوانين صرف الأموال، وآخرها كان قانون مخاصمة القضاة الذي يقضي بأن تدفع الدولة التعويضات للمتضررين من المال العام عند وقوع أخطاء من القضاة، ولا أدري لماذا يتم تحميل المال العام، وهو مال الجميع، التعويض عن الخطأ مع أن الدستور نفسه ينص على ألا تزر وازرة وزر أخرى؟ وهذا القانون يذكرني بخطأ بعض القرارات السابقة، مثل إعلان اتحاد المصارف عن عدم توزيع أرباح لهذا العام، فخسرت البورصة أكثر من نصف مليار في ساعات قليلة، فهل فكر من اتخذ القرار عن السبب؟ ولماذا قد تعجز البنوك عن توزيع الأرباح؟ هل السبب هو القرارات الخاطئة التي اتخذتها البنوك في بداية الجائحة وظهر خطؤها الآن؟ ويوجد تخوف الآن من أن يصدر قانون من المجلس توافق عليه الحكومة على خلاف ما أوصت به لجنة التحفيز الاقتصادي يؤدي إلى أضرار جسيمة في قطاع العقار الكويتي، هذا العقار الذي يشكل مصدرا مهما لعشرات الآلاف من الأسر الكويتية.لذلك نرجو من الحكومة والمجلس التريث والتفكير في عواقب ومآلات أي تشريع أو قرار قبل الاستعجال في إقراره، ولينظروا ما يحدث اليوم من تكالب على المكافآت التي أعلنها مجلس الوزراء، وكيف نمت فوصلت إلى أرقام فلكية في زمن نقص السيولة، وأدت إلى نزاعات وتدخلات مست بالروح الوطنية، بدلاً من تشجيع العطاء وإذكاء التفاني والبذل من أجل الوطن بدون مقابل.ثالثاً- في العمل الخيري:تعرض العمل الخيري منذ سنوات طويلة للهجوم والاتهام بشتى التهم دون أن يصدر حكم قضائي واحد يدين هذه الجمعيات بالاستيلاء على أموال المتبرعين أو باستغلالها في عمليات إرهابية أو غير ذلك من التهم البغيضة، ويحدثني قبل أيام أخي العزيز بوبدر قائلاً لقد أعلنا وبينا وكررنا في عدة تصريحات وبيانات أن جمعية صندوق إعانة المرضى قد استعادت منذ سنوات كامل المال الذي قام بسرقته أحد المحاسبين، ولكن بعض النفوس والأقلام المريضة ما زالت تكتب مستغلة هذه الحادثة لتطعن في الصندوق وعمله الخيري الذي يقدم المساعدات بالملايين للمحتاجين من المرضى خصوصا في المستشفيات الحكومية والخاصة. واليوم جاءت جائحة كورونا لتشهد على عمل الجمعيات الخيرية أمام الجميع، وتثبت الحقائق التي حاول الآخر تشويهها، فامتلأت الصحف ووسائل التواصل بالصور وأفلام الفيديو الحية بأعمال الهلال الأحمر وجمعية إحياء التراث وجمعية السلام للأعمال الإنسانية وصندوق إعانة المرضى وغيرها من الجمعيات الخيرية الكويتية، وهي تقوم بتوزيع سلال الأغذية على العمال ومساعدة الغارمين وكفالة الأيتام وتوزيع مئات الأطنان من زكاة الفطر وأموال الخير لمختلف أعمال البر، ومنها علاج مرضى العمى ووقف الأراضي الزراعية وسقيا الماء حتى شهد لهم صاحب السمو في كلمته الأخيرة، وكفى به شاهداً على عمل أبنائه. رابعاً- الغنوشي:لا يمكن أن نتقبل زيارة الغنوشي مهما قيل في تبريرها فقد كشفت الأيام أيضاً أن مواقفه الشرعية ليست أقل سوءاً من موقفه من احتلال وتحرير بلدنا الكويت، وتستمر الأيام والأحداث في إظهار الحقائق.